تعقيباً على التقرير الوارد يوم الثلاثاء 28 تموز 2015 بعنوان «نفايات سامة في النورماندي» يهم شركة سوليدير توضيح التالي:- تستغرب الشركة أولاً التوقيت المشبوه لهذه الادعاءات التي تكررت في الأيام القليلة الماضية من أكثر من طرف والتي ردّت عليها الشركة بالتقارير والأدلة الدامغة. كما يحق للشركة طرح أسئلة عن هذا التوقيت الذي يبدو أنه محاولة مكشوفة للتغطية على المشكلة الحقيقية للنفايات التي غزت شوارع بيروت وما زالت مستعصية على الحل.

- تستهجن الشركة لجوء صحيفة «الأخبار» الى اتهام شركات عالمية ذات انتشار دولي وحجم يفوق شركة سوليدير نفسها بأنها تنشر تقارير مدفوعة الثمن، علماً أن هذه الشركات هي معتمدة عالمياً وليست في حاجة مادية ومعنوية للجوء الى هذه الأساليب التي لا تشكل أساساً منهج شركة سوليدير لا من قريب ولا من بعيد.
- يتضمن المقال تناقضات واضحة، فتتهم الصحيفة شركة سوليدير بتنفيذ مخطط «شرير» لمنع الناس من دخول الحديقة العامة: فما هي مصلحة سوليدير اذاً بتقديم التقارير والأدلة التي تؤكد خلو المنطقة بأكملها من أي مواد سامة أو مضرة؟ كما ان فصل الحديقة العامة عن كافة منطقة النورماندي هو تحليل غير منطقي إذ أن تأثير النفايات السامة، إن وجدت، لا يمكن حصره في نطاق واحد (...)
- أما في ما يخص خليج الزيتونة، فقد تحول هذا المكان من مكب للنفايات الى مساحة عامة ومكان مفتوح يقصده جميع الناس على تنوع خلفياتهم الاجتماعية على رغم النظرة الطبقية المنمّطة التي يوسم بها من بعض المتمسّكين بالأحكام المسبقة.
- لقد تم تلزيم أعمال معالجة النفايات في منطقة النورماندي الى شركة RadianInternational الأميركية بإشراف شركة Fairhurst W.A البريطانية والتي عملت وفقاً لدفتر الشروط الموافق عليه من مجلس الإنماء والاعمار بتكلفة بلغت 56 مليون دولار أميركي. وتم استخراج كل المواد الموجودة في منطقة النورماندي وفرزها ومعالجتها، وتوزعت بين مواد أعيد تدويرها واستخدامها لأغراض صناعية كالحديد والزجاج وغيرها، وعولجت المواد العضوية بتقنيات مطابقة للمعايير البيئية العالمية، أما المواد الصلبة فقد تمّ تفتيتها وإعادة استعمالها في أعمال الردم.
- لقد أنجزت شركة سوليدير كافة أعمال معالجة النفايات بإشراف شركتي W.A Fairhurst و Mores وقدّمت الأخيرة عام 2011 تقريراً شاملاً أقرّه المراقب التقني العالمي Bureau Veritas ويؤكد هذا التقرير إنجاز أعمال معالجة النفايات والردم كافة حسب دفتر الشروط الموافق عليه من مجلس الإنماء والإعمار. ويثبت التقرير أن «نوعيّة التربة في منطقة النورماندي لا تشكل أي خطر على الصحة البشرية ولا تتطلّب أعمال تطوير وبناء المشاريع المقررة على هذا الموقع أي تدابير وقائية استثنائية»، مؤكداً خلو المنطقة من أي مواد سامة أو تلوث، وأن أعمال البناء والمعالجة تضمن الصحة البشرية وهي تخدم المصلحة العامة والبيئة.
- يهم شركة سوليدير التذكير أنها شركة عقارية استثمرت الكثير من الأموال والجهد بهدف إعادة إعمار وسط بيروت وتطويره، وتحديداً منطقة النورماندي التي تعدّ وجهة استثمارية واعدة، ومن مصلحة الشركة أن تكون هذه المنطقة، وغيرها من المناطق في وسط بيروت، خالية من أي شوائب بيئية أو بنيوية.

■ ■ ■


في ردّها، تقرّ شركة سوليدير أنها تقوم بعملية تحويل طبقي للحيز العام في وسط بيروت وواجهته البحرية، منتقدة «النظرة الطبقية المنمّطة» في تناول «خليج الزيتونة»، الذي حوّلته الشركة، كما تقول، من «مكب نفايات» الى «وجهة استثمارية واعدة». طبعاً، «الشركة العقارية» لا يعنيها الكيفية ولا النتائج ولا الآثار ولا الأكلاف لهذا التحويل، ولا يهمها أنه يجري على حساب الملك العام وحقوق اللبنانيين جميعاً، فهذه الأمور، برأيها، لا تهم إلا «المتمسّكين بالأحكام المسبقة»، فيما هي عليها السعي، بكل ما أوتيت من قوّة وسلطة ونفوذ، لجني الأرباح وتدمير النسيج المديني واقصاء الفقراء وافراد الطبقة الوسطى وطردهم لصالح إقامة غيتوات مخصصة للأغنياء، تتمتع بافضل الخدمات والبنى التحتية وإدارة المجال والتنظيم، على حساب ضرائب جميع المقيمين واملاكهم العامّة.
تستغرب الشركة ما اعتبرته «التوقيت المشبوه» لنشر تقرير عن وجود «نفايات خطيرة» في موقع مكب النورماندي، حيث لُزمت سوليدير بأعمال معالجة المكب واقامة حديقة عامة على الردم. واعتبرت هذا «التوقيت» انه «محاولة مكشوفة للتغطية على المشكلة الحقيقية للنفايات التي غزت شوارع بيروت وما زالت مستعصية على الحل». هذا «الاتهام» لا يثير الضحك فحسب، بل يتجاهل عن سابق تصوّر وتصميم ان التقرير الذي نشرته «الاخبار» جاء في خضّم الجهد المبذول لإظهار الفساد القاتل الذي يحكم ادارة ملف النفايات والمكبات ويحوّلها الى منافع للبعض واضرار للأكثرية، كما يتجاهل ان التقرير المنشور بني على إخبار قدّمه وزير البيئة السابق وئام وهاب الى النيابة العامة المالية وكتاب وجهه وزير البيئة الحالي محمد المشنوق بتاريخ 30 أيار 2015 الى رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر يبلغه ان لجنة من الوزارة كشفت على موقع المكب و«تبين لها وجود كميات كبيرة من النفايات السامة في الحفريات الموجودة في المناطق المردومة ضمن منطقة النورماندي، وكذلك وجود نفايات سامة ومضرة تحت البنى التحتية في هذه المنطقة... يضاف الى ذلك أنه لوحظ ترحيل هذه النفايات السامة والمضرة الى خارج المنطقة من دون معرفة الوجهة التي يتم إرسال هذه النفايات اليها».
ليس هذا ما يثير الضحك فقط في ردّ الشركة، بل انها «تستهجن اتهام شركات عالمية أنها تنشر تقارير مدفوعة الثمن». عفواً؟ هل تزعم شركة «سوليدير» ان شركتي Bureau Veritas وMores وبقية الشركات التي تتعاقد معها تقوم بعمل تطوعي مجاني لصالحها؟ ما أشارت اليه «الأخبار» حرفياً، أن هذه الشركات «تتقاضى أجورها من سوليدير نفسها»، أليست شركة «سوليدير» متعاقدة معهما للقيام بأعمال لصالحها في مقابل بدلات مالية؟ ما قصدته «الأخبار» لا يحتاج الى المزيد من الشرح، و»العالمية» ليست دليل براءة في ظل ملاحقة مثل هذه الشركات في اماكن كثيرة من هذا العالم، ولا سيما بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008. إن النتائج التي وردت من مختبرات الجامعة الأميركية (الجهة الحيادية المفترضة في هذه الحالة) أظهرت وجود نفايات في المنطقة، ما يعني أنها ملوّثة، وهذا ما لم تعلّق عليه «سوليدير في ردّها، كما انها لم تعلّق على نتائج عمل اللجنة المكلفة من وزير البيئة والتي اشار اليها المشنوق في كتابه مستخدماً مصطلحاً خطيراً: نفايات سامة.
تقول الشركة في ردّها إن تقرير «الأخبار» يتضمن «تناقضات واضحة»، اذ «تتهم الصحيفة شركة سوليدير بتنفيذ مخطط شرير لمنع الناس من دخول الحديقة العامة: فما هي مصلحة سوليدير اذاً بتقديم التقارير والأدلة التي تؤكد خلو المنطقة بأكملها من أي مواد سامة أو مضرة؟ كما ان فصل الحديقة العامة عن كافة منطقة النورماندي هو تحليل غير منطقي إذ أن تأثير النفايات السامة، إن وجدت، لا يمكن حصره في نطاق واحد». حسناً، ليس مخططاً شريراً، فلتكشف «سوليدير» إذاً ماهية النفايات التي وُجدت في موقع النورماندي، والذي تقول الشركة في ردها «إنها لزمتها الى شركة RadianInternational الأميركية، بإشراف شركة Fairhurst W.A البريطانية، وفقاً لدفتر الشروط الموافق عليه من مجلس الإنماء والاعمار، بتكلفة بلغت 56 مليون دولار أميركي»، سددها المكلفون اللبنانيون جميعا؟ أم أن «سوليدير» تعتقد أن تعريف نفسها بأنها «شركة عقارية، استثمرت الكثير من الأموال والجهد بهدف إعادة إعمار وسط بيروت وتطويره، وتحديداً منطقة النورماندي» كاف لتأكيد خلو موقع الحديقة العامة «من أي شوائب بيئية أو بنيوية»؟ هل تتجرأ الشركة على نشر دراساتها عن تأثير وجود حديقة عامة مفتوحة لجميع الفئات الاجتماعية، بما فيها الفئات المقصية من وسط بيروت كلّه، على أسعار العقارات التي استولت عليها في محيطها؟