سقط وزير الشؤون الاجتماعية (المحامي) رشيد درباس في الحفرة السحيقة التي حفرها في «النفايات» المرمية على اللبنانيين. انقلبت قضية طارق الملاح ورفيقه فراس بو زين الدين عليه، فسارع الى إسقاط «حقه الشخصي» الذي جسّده سائقه المأمور. صدرت مذكرتا إخلاء السبيل، بانتظار جلسة الاستماع التي حددتها القاضية المنفردة الجزائية ايمان عبدالله في 4 آب.
القضية لم تقفل على كيف «الوزير»، بل إن جمعية «المفكرة القانونية»، التي قادت الاحتجاجات على التدخل في القضاء واستخدامه في عملية «انتقام شخصي مقنع»، عقدت مؤتمراً صحافياً أمس وأعلنت تصعيد المواجهة لمحاسبة المسؤولين عن جملة واسعة من الانتهاكات الخطيرة عبّرت عنها هذه القضية. يقول طارق الملاح إنه تعرّض في فرع المعلومات للتعذيب المعنوي والترهيب والاهانات التي مسّت كرامته: «قاموا بخلع ملابسي وعصّبوا عينيّ. نعتوني بالحيوان لأني تهجّمت على الوزير. منعوني من استكمال تناول الطعام بعبارات خلّص يا بهيم. عاملوني كإرهابي، حتى إنهم عصّبوا عينيّ خلال نقلي من المديرية الى قصر العدل، إلى درجة أن السجناء هناك سألونا إذا كنّا متهمين بالارهاب».
رأى المدير التنفيذي للمفكرة المحامي نزار صاغية (وكيل الملاح وبو زين الدين) أن طريقة تعامل المؤسسات القضائية والامنية مع هذه القضية تدعو الى «التنبه والحذر»، إذ جرى «استعمال ملتوٍ للقانون للاستقواء على الضعفاء خدمة لمصالح النافذين»، وتساءل «هل أصبح من مهمات فرع المعلومات التحرك إرضاءً لبعض النافذين».تناول صاغية أيضاً تغطية النيابة العامة التمييزية لـ»الممارسات الترهيبية»، مثل مخالفة المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تضمن حق الاتصال بمحام، إذ رفض المدعي العام التمييزي مراراً طلبات المحامي التواصل مع موكله بحجة أن هذا الأخير لم يطلب ذلك. إلا أن طارق الملاح قال إنه أعرب مراراً وتكراراً عن رغبته في التواصل مع محاميه. «فهل وقع المدعي العام التمييزي ضحية معلومات خاطئة وصلته من «شعبة المعلومات»؟ وعليه بالتالي محاسبة الشعبة لإخفاء معلومات عنه، أم أنه تغاضى عن طلبات طارق نظراً إلى شخصية المدّعي النافذ وتسهيلاً لاستعمال التحقيق لتصفية حساباته مع طارق؟»، يسأل صاغية.
المخالفة الخطيرة الاضافية التي يتحدث عنها صاغية هي عملية التوقيف المخالفة للقانون، إذ تحظّر المادة 107 من أصول المحاكمات الجزائية صراحة إصدار قرار توقيف في حال كان الجرم معاقباً عليه بالحبس أقل من سنة.
تطرّق صاغية الى موقف مجلس نقابة المحامين «المخيّب للآمال»، إذ أعلنت تضامنها المطلق مع النافذ، واعتبرت «التعدي» على درباس تعدّياً عليها، مهملة الانتهاكات «العديدة والجسيمة» لحقوق الانسان وضمانات المحاكمة العادلة واستقلالية القضاء. كذلك أهملت النقابة أيضاً تعرّض درباس لمحامي الملاح بالذم، واصفاً إياه بالمتخلف، ورأى صاغية أن التعدي على محامٍ هو تعدّ على حق الدفاع، أي التعدي على نقابة المحامين.
يجزم صاغية بأن دعوى طارق الملاح مستمرة ضد وزارة الشؤون الاجتماعية وضد دار الأيتام الاسلامية. أما دعوى الحق العام (بعدما تنازل سائق درباس عن حقه الشخصي) المرفوعة على الملاح وزين الدين مستمرة، وفي جلسة 4 أب «سنترافع عن طارق وفراس، ونقدم كل الدفاع اللازم»، وستشهد الفترة المقبلة مواجهة من أجل «خرق الحصانة التي يتمتع بها الوزير، إضافة الى حصانات غير وزارية، وكل الأبواب مفتوحة، بما فيها طلب رفع الحصانة عنه وإحالته على المجلس الأعلى لمحاكمة النواب والوزراء»، وذلك بتهمة تخليه عن واجبه في مراقبة دور الرعاية التي تحصل على 71% من موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية، من دون أن يقوم بأي رقابة من أي نوع كان، إضافة الى تهديده العلني للملاح وارتكاب القدح والدم بحقه ورفاقه ومحاميه، «على أن نرى ما هي الأبواب التي تمكننا من ملاحقته على أساسها».