بعد أكثر من سبعة أشهر على بدء الانتفاضة السورية، لم يتبلور بديل سياسي عليه إجماع، وتبدو المعارضة منقسمة، بل متصارعة أحياناً. ولم تستطع القوى الشبابية التي تقود الانتفاضة بلورة صيغة موحدة لنشاطها، وبالتالي أن تصبح هي القيادة الفعلية لها على الصعيد السوري العام، نتيجة الضغط الأمني في الغالب.لا بد من أن نشير إلى أنّ فاعلية الأحزاب المعارضة في الانتفاضة هي فاعلية هامشية. لبعض القوى بعض الدور، لكن لا يمكن أن نقول إنّه كبير. ولقد كان دور بعضها مربكاً للانتفاضة، نتيجة تدخلات لم تخدم سوى نشر الخلافات السياسية في الحراك ذاته، وكانت تميل إلى الكسب الذاتي، بغض النظر عن أثر ذلك على الحراك العام. ولقد انقسمت في داخل سوريا إلى شقين يمارسان سياستين مختلفتين، وكل يحاول أن يميل الحراك إلى صفه. يظهر ذلك في سياسة الجذب التي تتعرض لها التنسيقيات، ويواجهها الشباب. أما معارضة الخارج (مقطوعة الجذور في الداخل، وخصوصاً الإخوان المسلمين والليبراليين) فما يهمّها هو ترتيب قيادة المعارضة والانتفاضة، والعمل على تكوين سلطة بديلة تصبح هي «الدولة الجديدة».
ورغم كل المشكلات التي تعاني منها الانتفاضة، ورغم بطولة الطبقات الشعبية، ما يشغل النخب والمعارضة هو «المرحلة الانتقالية»، والشكل الانتقالي للسلطة، وكيف يجري انتقال آمن وسلس للسلطة، وما هي الأشكال الضرورية لتحقيق ذلك. فهي إما تعتقد بأنّ السلطة ستسقط ولذلك تعدّ ذاتها لـ«القفز السريع»، أو تنتظر اللحظة التي تتوصل فيها السلطة نتيجة الضغط الشعبي إلى أن تقبل الحوار على أسس تقوم على تحقيق الانتقال الآمن والسلس للسلطة. ولذلك تتصارع على تأليف الهيئات والمؤسسات، وتعقد المؤتمرات من أجل تأليف «القيادة العامة للثورة السورية»، وكأنّ اختراع الهيئة وتفخيم الاسم سوف يفرضان أن تصبح الهيئة هي «البديل الحقيقي» المعترف به سورياً ودولياً، وتصبح هي السلطة الجديدة، دون سؤال عن اختيارات الشعب الذي يقاتل بكل قوة، ويواجه القتل دون خوف، أو بادّعاء أنّها تمثله، كما تظن حركة الإخوان المسلمين مثلاً.
ما يبدو إشكالياً هو أنّ النقاش والحوار والصراع تدور حول ما بعد السلطة القائمة، دون سؤال عما هو المطلوب لكي تسقط تلك السلطة، ودون تفكير في وضع الانتفاضة ومشكلاتها، والدور الضروري للمعارضة فيها. هل أصبحت مسألة «المرحلة الانتقالية» هي المسألة الجوهرية اليوم؟ وهل ما ينقص الانتفاضة هو «توحيد المعارضة» وتأليفها قيادة سياسية؟ ما هو وضع المعارضة في الانتفاضة؟ وهل توّحدها سوف يحقق نقلة في الحراك، أو يضيف ما يجعلها تنتصر؟
لا شك في ضرورة أن يكون للانتفاضة قيادة سياسية، ونقطة ضعف كلّ الانتفاضات العربية تتمثل في افتقادها القيادة السياسية التي تعبّر عن الطبقات الشعبية التي هي أساس الانتفاضات. لكن المسألة هنا ليست مسألة نظرية، بل تتعلق بوضع الأحزاب تجاه الانتفاضة، ولا شك في أنّ قطيعة تقوم بين الطبقات الشعبية والأحزاب المعارضة قبل الانتفاضة، ليس بفعل القمع الطويل الذي هو حقيقة، بل أيضاً نتيجة عجز الأحزاب وسوء فهمها للواقع، وتعبيرها عن مصالح نخبوية. لذلك لم تتوقع حدوث الانتفاضة، ولا تعرف حدود قوتها والمدى الذي يمكن أن تصل إليه. ويتوضح ذلك من خلال الاهتمامات التي تحكمها وتتمحور حول الديموقراطية ضد الاستبداد في وضع كان ينحدر إلى أزمة اجتماعية عميقة نتيجة النمط الاقتصادي الليبرالي الذي تعمم خلال السنوات الأخيرة.
وإذا كانت الديموقراطية هي مطلب ضروري، فإنّ ما حرّك الطبقات الشعبية هو الفقر والبطالة، وهما أساس كلّ تلك القوة التي باتت تمتلكها تلك الطبقات. ولقد ظلت تلك الأحزاب تصرّ إلى الآن على أنّ المسألة هي مسألة «حرية وكرامة» فقط، وبالتالي لم تلمس كلّ المشكلة التي تحكم الانتفاضة، ومن ثم تمنع من ملاحظة عمقها وقوتها، والمدى الذي يمكن أن تصل إليه. وبالتالي ما قيمة الشكل السياسي الذي يمكن أن ينجم عنها، ما دامت لا تمتلك القرار الشعبي؟
ذلك الوضع هو الذي يجعلها تركز كلّ مجهودها على «البديل»، لا على وضع الانتفاضة، ودورها فيها، وأن تتلهى في «تأسيس» قيادة للانتفاضة، أو سلطة بديلة للسلطة القائمة، وأن تتوه في عقد المؤتمرات، والتحالفات، وتأسيس الهيئات، وبالتالي بذل كل الجهد لـ«ترتيب» مرحلة ما بعد سقوط السلطة، بينما المطلوب الآن هو تحديد كيف ستسقط. ولذلك، سيكون كل ما يجري هو تشويش على الانتفاضة، وجر النقاشات إلى مسائل لم يحن أوانها (وربما ستكون لا معنى لها)، وتجاهل أن الانتفاضة ذاتها بحاجة إلى جهد حقيقي كي تنتصر.
ما يجب أن يكون واضحاً هو أنّ قيادة الانتفاضة والفعل السياسي الضروري لانتصارها يجب أن يكونا في سوريا لا في أي مكان آخر، رغم كلّ القمع والقتل والعنف الذي يمارس، وخصوصاً أنّ تطوّر الانتفاضة سيفرض حيّزاً واضحاً لذلك الوجود السياسي. الأمر يتعلق بالتالي بتطوّر الانتفاضة وكسر قوة السلطة من أجل فرض التعبير السياسي عن الانتفاضة من القيادات الفعلية لها. يفرض ذلك التركيز على توحيد نشاط التنسيقيات وكلّ القوى التي تؤدي دوراً في الانتفاضة، وبذل الجهود في ذلك المسار، انطلاقاً من فشل حصل، أو نتيجة صعوبة يفرضها القمع الأمني. فلا شك في أنّ السلطة تحارب تلك المحاولة بشدة، وتركز على عدم تبلور قيادات فعلية للانتفاضة، ولقد شددت على قتل أو اعتقال الكوادر الذين يؤدون الدور الأساسي في الحراك، لكن ليس من الممكن أن تستطيع ذلك في الوضع المقبل حيث تقوى الانتفاضة وتتوسع. ومن ثم لا يجوز الخضوع لمنطق الذين يقولون إنّ ذلك التشكيل مستحيل في الداخل، وأنّ الوضع يفرض التشكيل في الخارج، فهو منطق مضلل، ويهدف إلى سيطرة قوى بعينها على مسار الانتفاضة، دون أن يكون قادراً على المساعدة في تطوّرها. وبالتالي لا يفعل سوى التواصل مع «المجتمع الدولي»، وهو ما لا نحتاج إليه في كلّ الأحوال، لأنّ القوى الدولية تقرر سياساتها وفق مصالحها التي هي قطعاً في تناقض مع مصالح الطبقات التي تقوم الانتفاضة على أكتافها.
إذاً، لا بد من بلورة التعبير السياسي في سوريا، لا في أي مكان آخر. وإذا كانت أحزاب المعارضة ضعيفة ومنفصلة عن الطبقات الشعبية التي تنتفض، فإنّها كذلك لم تبذل جهداً من أجل أن تتوافق معها، وأن تندمج فيها (إلا ما ندر)، من أجل أن تصبح جزءاً منها، وتؤثر في مسارها. فهي إما لم تقتنع رغم كلّ تلك البطولة التي تظهرها الطبقات الشعبية بأنّه يمكن إسقاط السلطة، وتتخوّف من مأزق نتيجة قوة السلطة، أو من حرب طائفية تعتقد بأنّها ممكنة، وهي في ذلك تؤكد أنّها لا تفهم الواقع، ولا تعرف وضع تلك الطبقات أو تلمس «تصوراتها»، أو أنّها تراهن على المعارضة في الخارج، وتتوافق مع سياساتها التي تصل إلى حد المطالبة بالتدخل الدولي، لأنّها لا تثق أصلاً بالطبقات الشعبية، ولا تريد أن تثق، وترى أنّ صراعها مع السلطة هو صراع «غريزي»، وليس صراع شعب من أجل التطور والتحرر. ولذلك، ظل موقع المعارضة فارغاً، وهو ما يسمح بكل النشاط الذي يجري في الخارج، ويفتح لتشويش و«تقديم خدمات» للسلطة من خلال ما يُطرح طائفياً، وسياسياً بالدعوة إلى التدخل الإمبريالي.
لذلك، يبدو أنّ الصراع بين أطراف المعارضة في الخارج يدور حول من يهيمن على «المجلس الوطني» الذي لا بد من أن يتشكل لكي يصبح هو الجهة الرسمية التي تمثل الشعب السوري في العلاقة مع البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وروسيا، وكل «المجتمع الدولي». وبالتالي يصبح الحكومة المؤقتة التي تطالب بالحماية أو بالتدخل الدولي. ولذلك، يبدو وضع المعارضة مؤسفاً نتيجة الخلافات والتناقضات والصراعات التي تقوم بينها، بعدما أصبحت «تحت المجهر» انطلاقاً من الاهتمام «العالمي» بإنشاء «قيادة تحظى بالثقة».
ليس المطلوب الآن قيادة سياسية للمعارضة تحاور السلطة أو تتواصل مع «المجتمع الدولي»، بل المطلوب هو قيادة تستطيع قيادة الانتفاضة، وتطوير أدائها، وتوضيح أهدافها وشعاراتها، وبذل الجهد من أجل إقناع الفئات المتخوفة والمترددة بضرورة الانضمام إلى الانتفاضة، لأنّها انتفاضة الطبقات الشعبية وليست انتفاضة «السنّة»، أو انتفاضة «الأغلبية» ضد «الأقلية». كذلك يجب المراهنة في الانتصار على تلك الطبقات كلّها، لا على تدخل «خارجي» يخيف بفوضى وحروب طائفية كما جرى في العراق. وينبغي أن تقتنع تلك الفئات بأنّها من سيبني الدولة المدنية الديموقراطية التي تحقق مطالبها الاقتصادية والاجتماعية، وتكون قوة ضد السيطرة الإمبريالية والوجود الصهيوني.
تلك مشكلة أولى تعيشها الانتفاضة، وهي مشكلة كبيرة رغم أنّها لن تقف عائقاً أمام انتصارها، لكن أهميتها تكمن في أنّها تسمح بتطوّر سريع لها، وفرض تغيير يوقف القتل والعنف المنفلت. هل تحاول قوى المعارضة العمل في ذلك الاتجاه؟ تلك مهمة كبيرة وضرورية، ولا بد من تحققها. ثم، إنّ ما يفرض ذاته هو بلورة مطالب الطبقات الشعبية التي تخوض الصراع، ليس لأنّ ذلك هو ضرورة لتحديد طبيعة البديل فقط، بل لأنّ هناك ضرورة لتوضيح أنّ الانتفاضة لا تهدف إلى إسقاط السلطة بدون أهداف، بل تريد إسقاطها من أجل بديل يحقق تلك المطالب، وهو الأمر الضروري لاندماج فئات اجتماعية لم تندمج بعد، رغم أنّها مفقرة ومهمشة. وهنا، لا يكفي التوقف عند هدف إسقاط السلطة، أو الحديث عن الحرية، وبالتالي ليس صحيحاً أنّ الهدف واضح، وهو إسقاط السلطة (أو تحقيق الانتقال من الاستبداد إلى الديموقراطية)، لأنّ ذلك الهدف ليس قائماً بذاته، بل هو مدخل لتحقيق مطالب الطبقات الشعبية. هناك من يريد التمترس حول ذلك الهدف، فقط لكي يصبح هو السلطة، دون أن يكون مضطراً إلى تحقيق أي من مطالب تلك الطبقات. لكن ذلك لا يعني شيئاً لها، بل ستبقى تقاتل من أجل تحقيق مطالبها، وليس تغيير السلطة فقط، ولذلك ستبقى في صراع مع كلّ من يصل إلى السلطة دون أن يحقق تلك المطالب. إذاً، ما هي تلك المطالب؟
إنّها مطالب العمل والأجر والتعليم المجاني والضمان الاجتماعي. هنا يستنفر الليبرالي، معتبراً أنّ تلك هي مطالب اليسار. قد ينبغي شكره لربط تلك المطالب باليسار، لكنّها مطالب الطبقات الشعبية التي لا يطرحها إلا اليسار، ومن دون تحقيقها لن تعود الطبقات الشعبية إلى السكينة، مهما كانت الديموقراطية المتحققة «مثالية». فما يحكم المعارضة هو السلطة، وما يهمّ الليبراليين هو السلطة، وبالتالي من الطبيعي أن يركز اليسار على تلك المطالب. لكنّها مطالب الطبقات الشعبية التي على اليسار أن يحملها، وأن يدافع عنها، وأن يعمل على تحقيقها من خلال الارتباط بالطبقات الشعبية. وتحقيقها يعني تغيير النمط الاقتصادي الريعي الذي تكوّن خلال العقود الماضية، والعودة إلى تطوير الزراعة والصناعة وإعادة دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي، وذلك ما يرعب الليبرالي حتماً، ويجعله يشطب كل مطالب الطبقات الشعبية.
لكن لا بد من التوضيح أنّ اكتمال الانتفاضة مرتبط باندماج تلك الفئات المجتمعية التي لا تزال متخوّفة، ولا ترى أنّ هدف إسقاط السلطة يكفي، لأنّه يفتح على مجهول. ولذلك، فإنّ طرح تلك المطالب هو ضرورة من أجل التوضيح أنّ الانتفاضة تهدف إلى تحقيق مطالب طبقات مفقرة، لا الى تحقيق مصالح نخب، بغض النظر عن انتمائها الطائفي أو طابعها الإيديولوجي. ويفرض ذلك أن تكون المطالب واضحة الآن وليس غداً، وأن يكون واضحاً أنّ الانتفاضة قامت من أجلها، قبل الحرية والديموقراطية، وأن هذه وتلك ليستا ممكنتين من دون تحقيقها.
فما الدولة التي نعمل على بنائها؟ هل يكفي القول إنّ الهدف هو بناء الدولة المدنية الديموقراطية؟ وهل يطعم ذلك خبزاً أو يوجد عملاً؟ وقد يكون النظر إلى أوضاع تونس ومصر مفيداً هنا، إذ أصبحت المطالب التي تتعلق بالعمل والأجر في جوهر الحراك.
إذا كانت هناك قطاعات اجتماعية مفقرة لم تشارك، فلأن الحراك ينجرف، كما يبدو لها، نحو تغيير السلطة فقط، وبالتالي ما همّها إنْ ظلت أو تغيّرت. وقد يبدو للبعض أنّ استمرار تلك السلطة أفضل من سيطرة أخرى أصولية، أو من ديموقراطية تأتي بقوى أصولية. ذلك هو موقف الأقليات الدينية، وهو مبرر لأنّها لا ترى أنّ ما هو مطروح يلامس مشكلاتها. لذلك تفضّل أن تبقى السلطة القائمة، وهو أمر أفضل من المجهول، حسب منطق تلك الأقليات.
وأصلاً، هل المفقرون الذين يموتون وهم يتصدّون لكلّ وحشية السلطة، ينهضون من أجل تغيير شكل السلطة؟ لكن ما مشكلة السلطة معهم، هي التي تدفعهم إلى هذا الفعل «الانتحاري»؟ هل هو القمع فقط؟ لكن الاستبداد طويل العمر، ولم ينشأ من وقت قريب. ولقد كانت قطاعات كبيرة من الشعب تدعم السلطة، أو لا تعاديها، وكانت المعارضة منحصرة في نخب صغيرة. ما تغيّر هو الوضع الاقتصادي بالتحديد، إذ جرى تهميش الكتلة الأكبر من الشعب بفعل النهب الذي مارسته فئات في السلطة، مستفيدة من الطابع الاستبدادي للسلطة، إذ غطت كل أفعال النهب والرشوة والسرقة، من دون أن تسمح باحتجاج أو كشف في صحيفة. تلك الكتلة التي تهمّشت هي التي تخوض الصراع الآن، وهي التي تطالب بالحرية من أجل أن تفرض تغيير النمط الاقتصادي الذي أوقعها في التهميش، وتحاسب الذين نهبوا. وبالتالي تغيير النظام يعني تغيير كل تلك البنية، وليس فقط الشكل السياسي لها. مطلبها بسيط، ويتمثل في المقدرة على العيش. هي لا تنافس على المناصب ولا تفكر في أن تصبح في موقع سلطوي، بل تقاتل من أجل أن تعيش.
وتلك مشكلة ثانية تعانيها الانتفاضة، إذ لا برنامج إلا إسقاط النظام. وربما كان ذلك صحيحاً حينما انتفضت كلّ الطبقات الشعبية فأسقطت النظام في تونس ومصر، لكنّه لا يكون صحيحاً حينما تعاني الانتفاضة مشكلات، وحين تنجح الديماغوجيا الإعلامية في تكريس الخوف والتردد، وخصوصاً باستخدام التخويف الطائفي. فقد وقف مفقرون خائفون ومتخوّفون، ربما لأنّهم لم يكونوا قد وصلوا إلى مرحلة كسر حاجز الخوف، لكن الضبابية التي ظهرت فيها الانتفاضة كرّست ذلك، وأنجحت ديماغوجيا الإعلام الحكومي. ولقد كانت مطالب الطبقات الشعبية واضحة في تونس ومصر (العمل والأجر)، وبالتالي كان إسقاط السلطة يعني بالنسبة إليها تحقيق ذلك. وها هي ترفض السلطة الجديدة لأنّها لم تحقق بعد تلك المطالب، وستبقى تقاتل إلى أن تحققها. الوضع مماثل في سوريا، رغم أنّ شعار إسقاط النظام سيطر بسرعة، قبل أن تتوضح مطالب الطبقات الشعبية نتيجة عنف السلطة، لذلك أصبح كسر السلطة هو المطلب الأساس.
لكن إسقاط النظام من أجل ماذا؟ يقول الليبراليون إنّ المطلب المباشر هو الديموقراطية، إذ بإمكان كل طرف أن يطرح برامجه. ولكن ليست الديموقراطية هي التي أنهضت الطبقات الشعبية، ثم إنّ عدم نهوض جزء منها نجم عن ذلك الغموض، الذي فتح لتأويلات وتخوفات واستغلال، وجعل جزءاً من المفقرين في تضاد أو متخوفين من تلك الانتفاضة الشعبية. بالتالي، كيف نعمل؟ هل نهمل هؤلاء أو نعمل من أجل استقطابهم من خلال توضيح جوهر الانتفاضة؟ الليبراليون مرتاحون لأنّ المسألة تتعلق بتغيير شكل السلطة، وبالتالي ضمنوا مواقع سلطوية لهم. لكن أين موقع الشعب؟ إنّه آخر ما يُفكّر الجميع فيه، كما هو الوضع دائماً.
بالتالي، وبالضرورة، لا بد من إدخال «البعد الاجتماعي» للانتفاضة. فذلك ليس ترفاً، بل ضرورة من أجل توسيع مشاركة كل الطبقات الشعبية التي أدى التخويف الطائفي دوراً في ألا يشارك جزء منها، وأن يبدو الوضع كأنّ الهدف هو إبدال فئة من الطبقة ذاتها، بفئة أخرى من طائفة مختلفة، بينما المطلوب هو إنهاء سيطرة تلك الطبقة الرأسمالية كلّها.
في ذلك الوضع، يبدو واضحاً لماذا الهجوم على اليسار، واعتبار أنّ كلّ مطلب يتعلق بالعمل أو بالأجر هو مطلب يساري. فالليبراليون يريدون تغيير فئة من الطبقة ذاتها بفئة أخرى منها، ولا يريدون تجاوز الرأسمالية. وما يفرض تجاوز الرأسمالية هو أنّ تحقيق فرص للعمل وزيادة الأجور والعودة إلى التعليم المجاني والضمان الاجتماعي، وتطوير الزراعة والصناعة، كلّها ليست على جدول أعمال الرأسمالية، سواء المافيوية (رجال الأعمال الجدد) أو التقليدية (البورجوازية التجارية القديمة). وما يهمها هو تعديل ميزان القوى في السلطة، فتتحكم البورجوازية التقليدية بدل الرأسمالية المافيوية، أو تفرض توزيعاً للمصالح يخدمها أكثر مما يخدم تلك.
ربما كان يجب أن يحصل ذلك النقاش في سقوط السلطة، لكن أهميته تكمن في التوضيح أنّ طرح المطالب «الاقتصادية» هو ضرورة الآن من أجل توسيع مشاركة الطبقات الشعبية، في سياق تحقيق نقلة تفضي إلى سقوط النظام.
وفي هذا الوضع، سنلمس أنّ كل المعارضة هي ليبرالية، سواء ركّزت على أولوية الديموقراطية أو تمسّكت بالحرية كهدف وحيد للانتفاضة. وهي ليبرالية في كل خطابها الذي تقدمت به منذ عقود، إذ لا يشتمل سوى على نقطة واحدة، هي الديموقراطية، أي تغيير الشكل السياسي لسلطة الرأسمال. ولذلك نراها تستفيد من الانتفاضة، لا من أجل تطويرها وتحقيق مطالب الطبقات الشعبية، بل من أجل أن يقود «التناحر» القائم بين الطبقات الشعبية والسلطة إلى «الديموقراطية» التي تعني مشاركتها في السلطة (أو حلم بعضها بالوصول إلى السلطة منفرداً). وهي هنا تنطلق من تغيير أشخاص السلطة، لا من تغيير بنية السلطة، وتحقيق انفراج ديموقراطي وليس دولة مدنية ديموقراطية. وهو ما يتوضح كذلك في تجاهل هدف الدولة المدنية الديموقراطية، وميل البعض إلى اعتبار أنّ الواقع يفرض بناء دولة إسلامية، والإشارة إلى أنّ الديموقراطية تعني بالنسبة إلى هؤلاء «حكم الأغلبية»، التي ينظر إليها من منظور طائفي، ومن خلال الربط الحتمي بين طائفة الأغلبية وحزب محدَّد هو الإخوان المسلمون. ولذلك تصبح الدولة المدنية وفق ذلك المنطق هي المدخل لتكريس الدولة الإسلامية.
ذلك ما يخيف قطاعات مجتمعية، ويؤكد منطق السلطة الذي يقول بأنّ بديل السلطة الحالية هو الأصولية الإسلامية. والإسلاميون كذلك، لا يتناولون المطالب الشعبية، لأنّ موقفهم الطبقي ليبرالي، إذ إنّهم مع الحرية المطلقة للملكية الخاصة، ويرون أنّ الاقتصاد هو التجارة. ولذلك لا يختلفون مع السلطة إلا من زاوية مصالحهم كفئات تجارية جرى تهميشها، ويمكن أن يكونوا جزءاً من المافيا الرأسمالية. والخلاف بين الفئات الرأسمالية (القديمة والجديدة) يتمثل في أنّ السياسات الليبرالية التي تحققت جرى احتكارها من قبل «رجال الأعمال الجدد» (ومن المحيط العائلي للرئيس)، ولذلك لا بد من لبرلة غير محتكرة. لكن اللبرلة تفرض الاحتكار، الأمر الذي يوضح أنّ المسألة تتعلق بالتنافس بين رأسماليات بعيداً، وعلى حساب مطالب الطبقات الشعبية.
ومن ثم، فمن المنطقي ألا يقترب هؤلاء من طرح مطالب الانتفاضة، وأن يمعنوا في التمويه على تلك المطالب من خلال حصر الأمر في الحرية وإسقاط النظام، مستفيدين من عدم طرح الطبقات الشعبية لمطالبها، فهي كررت شعار الحرية، وركّزت على إسقاط النظام، في تجاهل أنّ معنى الحرية هنا هو التخلص من السلطة التي سحقتهم وهمّشتهم، ما جعلهم عاجزين عن العيش لا عن التكلم. ولا شك في أنّهم لا يريدون نظاماً يتابع إسكاتهم، لكنّهم يريدون العيش. كذلك فإنّ غياب الوعي السياسي يجعلهم يتلمسون عبء السلطة على معيشتهم، وليس على قمع آرائهم، وبالتالي يسعون إلى التحرر من ذلك العبء. يجعلهم ذلك يلتقون مع النخب التي تريد الحرية من أجل التعبير عن الرأي والفعل السياسي، لكن لا يحق لتلك النخب أن تتجاهل مطالبهم، وأن تفرح لأنّ هؤلاء نسوا مطالبهم ودعموا مطالبها هي. كذلك، ينبغي ألا تقود نرجسية النخب إلى الاعتقاد بأنّ مطلبها الذي ظلّت تكرره طيلة عقود، وخصوصاً خلال «ربيع دمشق»، قد بات مطلباً لهؤلاء المفقرين الذين ليس من مشكلات لديهم إلا تحقيق مطلبهم ذاك. تلك النرجسية قاتلة، لأنّها تشوّش على الانتفاضة، وتفتح المجال لنجاح كلّ ديماغوجيا السلطة.
الطبقات الشعبية تريد الخبز والحرية، لا الحرية فقط، ذلك ما يجب أن تفهمه النخب المعارضة.
لقد كان الميل الليبرالي الذي يسكن تلك النخب في أساس العجز عن فهم واقع الطبقات الشعبية، وبالتالي عن تلمّس تراكم الاحتقان لديها إلى حدّ الانفجار. ولذلك، فوجئت أكثر مما فوجئت السلطة ذاتها بالانفجار الكبير. ولقد كانت النزعة «الاحتقارية» التي تسكنها تجاه تلك الطبقات هي نتاج ذاك التعالي الليبرالي الذي فرض عليها أن تتعامل كـ«نخبة» سياسية تهدف إلى المشاركة في السلطة على الأساس الليبرالي الذي كان يتبلور.
إذاً، لا بد من التوضيح أنّ إسقاط النظام يهدف إلى تأسيس نظام يحقق مطالب الطبقات الشعبية، ويمثّلها، في إطار دولة مدنية حديثة، ديموقراطية وعلمانية، وفي تصارع مع الإمبريالية والدولة الصهيونية. تلك هي عناصر «البرنامج» الذي يحكم الانتفاضة، وهي «روح» الانتفاضة التي يمكن أن تحملها إلى النصر. وغير ذلك هو تعبير عن نزوع ذاتي لبعض الفئات لفرض برنامجها كبرنامج لكلّ الانتفاضة. وإذا لم تتوضح تلك المطالب، فلأن النخب المعارضة هربت من تحديدها وتحويلها إلى شعارات تحملها التظاهرات، رغم أنّ كل سؤال للمتظاهرين عن مطالبهم سيشمل المطالب المباشرة التي تتعلق بالعمل والأجر ومطالب تخصّ المدينة أو المنطقة، وأيضاً الحرية بالمعنى العام غير المحدَّد، الذي ينطلق من رفع عبء السلطة الأمني والمفسد.
لكل ذلك، فإنّ الشغل السياسي لا بد من أن يتركّز على حل هاتين المعضلتين، قبل البحث في ما بعد السلطة، لأنّ المطلوب هو توفير الظروف التي تفضي إلى سقوط السلطة، وتلك من أهم المسائل التي تسمح بتوفير تلك الظروف. لا تتعلق المسألة بتأليف مجلس وطني، ولا بتوحيد المعارضة، ما دامت على هامش الانتفاضة ولا تمتلك عنصر التأثير فيها، وخصوصاً أنّها منقسمة سياسياً بقوة، وتختلف على طبيعة التعامل مع السلطة ومع «المجتمع الدولي»، وخلافها حادّ ومزمن. كان مهماً أن تتبلور معارضة في الداخل تحمل أهداف الانتفاضة على الأقل، من أجل ألا تسمح بكل تلك الفوضى والادّعاء والمتاجرة التي تجري في الخارج. لكن أهداف معارضة الداخل ظلت دون ذلك، وهو ما تستغله معارضة الخارج لكسب «الشرعية». ويبدو أنّ السعي لتأليف مجلس انتقالي هو من أجل الحصول على اعتراف دولي، ومن ثم المطالبة بتدخل دولي، ذلك مسار الإخوان المسلمين والناشطين في مؤتمر إسطنبول. وهو الوضع الذي بات يدخل الانتفاضة في إرباكات من خلال إدخال مطالب من ذلك القبيل إلى داخل صفوف المنتفضين نتيجة إحساسهم بوحشية السلطة، أو بفعل التأثير الإعلامي والمالي.
ومن الواضح أنّ عدم الثقة بقوة الطبقات الشعبية، أو الخوف منها، يدفعان إلى تأثير في الانتفاضة قد يفضي إلى جلب التدخل الإمبريالي. ما سيكسر قوة السلطة هو الطبقات الشعبية التي لن تقف عند حدود التغيير في شكل السلطة، أو في أشخاصها، بل ستندفع نحو تحقيق نصرها، وفرض مطالبها. وانطلاقاً من الثقة بقوتها، لا بد من العمل على حل المعضلتين الآنفتي الذكر، وليس أي شيء آخر.
ما لا بد من أن تنطلق منه كل معارضة حقيقية، هو الآتي:
1) لقد انتفضت الطبقات الشعبية حين وصلت إلى وضع مؤسف، وسقط من تخيّلها كل احتمال لتغيير في السلطة يحقق حتى بعضاً من مطالبها، وأبسطه العمل لملايين من العاطلين من العمل، ورفع الأجور بما يسمح بالعيش. ولذلك، لم يكن أمامها إلا الانتفاض بغض النظر عن الرد العنيف الذي تواجه به، إذ لم يعد الموت موضوعاً يخيف من يعتقد بأنّه ميت في الحياة نتيجة الفقر والتهميش.
ولذلك، طرحت إسقاط السلطة لأنّها لا تجد سوى ذلك ما يمكن أن يفتح لها أفقاً يحقق تلك المطالب. ولذلك، ليس من الممكن أن تقبل معارضة لا تلمس هذا الموضوع، وتعتقد بأنّه يمكن المراهنة على السلطة. والحالة الثورية التي تعيشها تجعلها في وضع يفرض عليها أن تحدد الموقف من الأحزاب انطلاقاً من هذه المسألة، الأمر الذي يفرض على أحزاب المعارضة أن تنطلق من ذلك الهدف لكي يكون بإمكانها أن تعيد العلاقة مع تلك الطبقات، وإلا ظلت كما كانت طيلة عقود على هامش الحراك الاجتماعي، متقوقعة على تصور «ديموقراطي» وإصلاحي ليس ممكناً تحققه.
2) ليس من دور لتلك الأحزاب إلا من خلال الانتفاضة. وإذا لم تكن تعي وضع الطبقات الشعبية، وكانت بعيدة عنها، ولم تفهم واقعها، وبالتالي إمكان انفجارها (وكانت بعض النخب تنظر إليها بازدراء وعنجهية، وتستهين بإمكان ثورتها)، عليها اليوم أن تعيد الربط معها، فليس من دور لها دون ذلك. والطبقات الشعبية لا تثق إلا بمن يقاتل معها، ولا تستمع إلا لمن يدافع عنها. وبالتالي، لكي تكون التعبير السياسي عن الانتفاضة، لا بد لها من أن تنخرط فيها. ولا شك في أنّ من تلك الأحزاب من هو منخرط في الانتفاضة، وبعضهم يؤدي دوراً واضحاً، لكن دون تقديم ما يطور الانتفاضة. فالأحزاب ذاتها لم تحدد تموضعها فيها، ومن ثم لم تضع استراتيجية للدور الذي يمكن أن تقوم به. ولذلك، ستكون المشاركة «فردية» أكثر منها «حزبية»، وقد تعبّر عن ميول الأفراد لا عن الميل العام للحزب، أو أنّها مشاركة منساقة خلف عفوية الشارع، دون تأثير، أو حتى بتأثير مشوش.
لذلك، لا بد من أن تعيد تموضعها السياسي، وأن تنطلق من كونها جزءاً من الانتفاضة، وأنّها تعمل على تطوير نشاطها، وخصوصاً أنّ الانتفاضة بحاجة إلى الخبرة السياسية، سواء تعلق الأمر بتحديد الأهداف والشعارات، أو تعلق الأمر بكلّ ما يتعلق بالنشاط السياسي. ويعني ذلك أن تعيد فهم الواقع، وفهم مطالب الطبقات الشعبية لكي تؤسس تصوراتها على ما تريده تلك الطبقات، دون فرض قسري لمطلبها هي فقط.
3) لا شك في أن طبيعة الانتفاضة السورية أفضت إلى مشكلات، منها الإيهام بطابعها الإسلامي، وضعف الشعارات التي تردد، وتخوّف الأقليات الدينية منها وقبولها رواية السلطة، والتنظيم العام للانتفاضة. تلك كلها مشكلات يحتاج حلها الى فعل سياسي، وبالتالي إلى دور أحزاب سياسية ونخب سياسية، وهي التي تحظى بالأولوية، لأنّ تطور الانتفاضة وانتصارها هما الأساس الآن، قبل أن يجري العمل على صياغة الشكل الذي يحكم المرحلة الانتقالية، أو كيفية الانتقال من الاستبداد إلى الديموقراطية؛ فأولاً لا بد من الانتصار، ولا انتصار إلا بتنظيم الانتفاضة، وتلك مسألة عملية لا تحل خارج سوريا، أو من خلال تحالفات شكلية. فنحن لا نحتاج إلى هيئات وهياكل ليس لها أثر في الواقع، ولا الضياع في البحث عن تحالفات لا تقود إلى تطوير الانتفاضة. وليست العلاقة مع المجتمع الدولي هي المطلوبة الآن، لكي نحتاج إلى قيادة موحدة تفتح على علاقات مع البلدان الإمبريالية. فلم يثر الشعب لكي يحتاج إلى أن تُنقذه، وهو يعرف أنّها لا تنقذ بل تغرق في الدم أكثر. ولم يخرج للصراع ضد السلطة من أجل أن يستجلب التدخل الإمبريالي.
لذلك، لا بد من الإجابة عن الأسئلة المطروحة التي يمكن بلورتها في الآتي: كيف يمكن تحديد أهداف الانتفاضة بعيداً عن نزوع البعض إلى صياغتها وفق مصالحه هو لا وفق مصالح الطبقات الشعبية؟ كيف يمكن أن يتوضح طابعها الديموقراطي لكي يصبح واضحاً أنّها ليست انتفاضة «إسلامية»؟ كيف يمكن إدخال كل الفئات الاجتماعية المتخوفة أو الخائفة أو التي اقتنعت بالطابع الطائفي للحراك، في الانتفاضة؟ كيف يمكن تقديم شعارات تعبّر عن مطالب الطبقات الشعبية التي تنتفض من أجل إسقاط السلطة؟
هنا نحن بحاجة إلى فعل «على الأرض» لتطوير خطاب الانتفاضة وتوضيحه بما يعبّر عن أهدافها، وهي العملية التي تقود إلى إيجاد آليات تنظيم نشاطها رغم كل الشراسة التي تطال كلّ نشاط في ذلك الاتجاه. فانتصار الانتفاضة يفترض توسعها اجتماعياً، وشمولها كلّ الطبقات الشعبية، وذلك يفرض إزالة التخوّف الطائفي لدى بعض الأقليات من أنّ التغيير يعني استجلاب الإسلاميين إلى السلطة، أو الاقتصاص منها نتيجة «علاقتها» بالسلطة. وهو جهد سياسي بامتياز، لكن لا يكفي فيه الحديث عن الحرية والديموقراطية فقط، بل لا بد من التأكيد على الدولة المدنية، كما على المطالب الاقتصادية والمناطقية، من أجل التوضيح أنّ التغيير يجب أن يحمل تحقيق مطالب كل هؤلاء، وأنّه تغيير سياسي طبقي وليس طائفياً.
كيف يمكن «تفكيك» بنى السلطة من أجل إضعاف سطوتها والإعداد لتحقيق التغيير؟ لا شك في أنّ التغيير في موقف الأقليات سيفضي إلى ذلك، فهو يفضي إلى تفكك تماسك أفرادها ضمن السلطة، ما يؤدي إلى تحقيق التغيير.
لا شك في أنّ عفوية الانتفاضة أنتجت جملة مشكلات، في الشعارات والتنظيم، ولا شك في أنّ تجاوز ذلك يفترض فعلاً سياسياً هو من مهمة المعارضة. فهل هي قادرة على القيام به؟ هنا الاهتمام، وهنا الأساس، وهنا الأولوية.

* كاتب عربي