القاهرة | لم يشفع لمالك فضائية «الفراعين» الإعلامي المصري توفيق عكاشة كل ما فعله من أجل السلطة الحالية. فجر أمس، صدر قرار بالقبض عليه عقب انتهاء برنامجه، فاقتيد إلى قسم الشرطة تنفيذاً لحكم قضائي صادر بحقه وفق ما قال مصدر في وزارة الداخلية.
قصة القبض على عكاشة تبدو غامضة، فرواية الداخلية بأنه مطلوب لتنفيذ حكم قضائي، غير واقعية، لأن عكاشة دائم الظهور على فضائيته كمذيع أو كضيف، فلماذا يتم القبض عليه بعد مهاجمته لوزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار؟ شن عكاشة هجوماً شديداً على الوزير بعدما قرر رفع الحراسة الشخصية عنه، واتهمه بأنه يضع الحراسات على أهوائه الشخصية، وناشد الإرهابيين باغتياله حتى يتحمل وزير الداخلية مسؤولية حياته.
وبعد انتهاء البرنامج بدقائق، أذاعت القناة خبراً يفيد بالقبض على مالكها، واحتجازه في قسم شرطة مدينة نصر، وحملت الدولة مسؤولية الحفاظ على حياته واتهمت ضباط القسم بمنع الأدوية عنه، وقامت بتسويد شاشتها مع الاحتفاظ بـ «اللوغو» الخاص بها على الشاشة.

رفعت السلطة
المصرية أيديها عن أجنحتها الإعلامية

من جهته، أعلن اللواء أحمد أنيس رئيس مجلس إدارة «نايل سات»، أنه لم يقطع البث عن القناة، ولم تصله تعليمات بإيقاف بثها، مضيفاً أنّه ليس لـ «نايل سات» أدنى مشكلة مع قناة «الفراعين» ولا مع توفيق عكاشة، مرجعاً وقف البث إلى احتمال أن يكون هناك خطأ فني من القناة نفسها.
ما حدث مع عكاشة، مجرد حلقة من مسلسل طويل تكشف عن صراع أجنحة داخل السلطة، أو أن السلطة نفسها رفعت أيديها عن ألسنتها الإعلامية، التي كانت تروج لها، وتدافع عن كل قراراتها بل تحرضها على القتل والقمع.
قبل أيام، مُنع الصحافي عبد الحليم قنديل، رئيس تحرير جريدة «صوت الأمة» الأسبوعية، من السفر إلى الأردن، واستوقفته سلطات مطار القاهرة، وأبلغته أن القرار اتخذه قاضي التحقيق في إحدى القضايا المتهم فيها في عام 2014.
أمس أيضاً، منع توزيع عدد جريدة «صوت الأمة» بسبب تقرير بعنوان «أحزان الرئيس» يتحدث عن مرض والدة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأثر الرئيس بذلك، فرفضت جهة أمنية توزيع العدد بعد طبعه، وقررت «فرمه» وإتلافه وإعادة طبعه من دون هذا الموضوع كشرط للتوزيع، وهو ما حدث بالفعل.
قبل أيام أيضاً، قال الصحافي سليمان الحكيم إنّه تم توقيفه في كمين للجيش في منطقة القناة، وتعرض للإهانة على يد ضابط. وأضاف في تدوينة على «فايسبوك»: «من الغد، سأتقدم بطلب هجرة إلى اسرائيل». وتابع: «نادم على كل مواقفي في خدمة بلد اقف في نهاية عمري فيه أمام شخص في عمر أبنائي ليهددني بالضرب لأنه عسكري».
الرابط بين المواقف السابقة، أنها جميعاً كانت صوت سلطة «3 يوليو»، بل إن الحكيم هو صاحب المقال الشهير «اغضب يا سيسي» الذي كان يحرض فيه بشكل مباشر على استخدام العنف والقتل لكل معارضي السلطة. أما توفيق عكاشة، فيعرف هو نفسه بأنه «بطل وزعيم ثورة 30 يونيو».
غضب السلطة على بعض رجالها في الإعلام لا يعني بالطبع أنها تخلت عن جميعهم، فالمستشار هشام جنينة رئيس «الجهاز المركزي للمحاسبات» كشف قبل أيام في حوار مع «جريدة التحرير» المصرية أن وزير العدل الحالي أحمد الزند، تدخل واجتمع بالقاضي الذي كان ينظر في قضية ضد الإعلامي المقرب من السلطة أحمد موسى، وتمكن من إلغاء حكم بحبسه سنتين!