تسارعت الأحداث خلال الأسبوع الماضي على جبهة المفاوضات بين موظفي بنك فرعون وشيحا وإدارتهم. ففيما كان يفترض أن يقدّم اتحاد موظفي المصارف طلب وساطة إلى وزارة العمل يوم الجمعة الماضي، أبدت الإدارة بعض التجاوب «غير الكافي» على حدّ تعبير رئيس اتحاد موظفي المصارف جورج حاج لـ»الأخبار»، إذ أبلغت الاتحاد موافقتها على التسوية بكتاب لا يذكر أيّاً من بنود التسوية المقترحة. وقد استدعى ذلك تأجيل تقديم طلب الوساطة بالإضافة إلى إبلاغ إدارة المصرف بضرورة إرسال موافقتها على دفع حقوق الموظفين مفصّلة، تمهيداً لعرضها على الجمعية العمومية للموظفين واتخاذ قرار بشأنها.
في الواقع، كانت إدارة بنك فرعون وشيحا قد أهملت ملف المستحقات المتراكمة للموظفين منذ عام 2008 إلى اليوم، فيما بدا الموظفون مغلوبين على أمرهم بعيداً عن أي ضغوط جدّية تقوم بها نقابة موظفي المصارف. إلا أنه مع بدء الحديث عن دمج بنك فرعون وشيحا بالبنك اللبناني السويسري، بدأ الأمر يأخذ منحى مختلفاً، إذ إن الدمج سيؤدي إلى شطب رخصة بنك فرعون وشيحا، وسيؤدي أيضاً إلى إلغاء العديد من الوظائف في المصرف المنبثق من عملية الدمج.
وعلى هذا الأساس، تفاعلت اتصالات الموظفين مع اتحاد نقابات موظفي المصارف، وعُقدت جمعية عمومية ألفت على إثرها لجنة من الموظفين لمتابعة أمرين:
ــ المستحقات المتراكمة منذ عام 2008 إلى اليوم. ففي ذلك الوقت، أقرّت الدولة زيادة غلاء معيشة لموظفي القطاع الخاص، إلا أن إدارة بنك فرعون وشيحا، رأت أن زيادة غلاء المعيشة تتضمن الزيادات الإدارية، ثم كرّرت الأمر في عام 2012 أيضاً. كذلك «امتنعت الإدارة عن سداد مبالغ التعويض العائلي للزميلات العاملات في المصرف وعن سداد المنح المدرسية عن أولادهن أيضاً، وهناك تعويضات فرق النقل الواردة في المادة 13 من عقد العمل الجماعي»، يقول حاج.
ــ اتفاقية رضائية تتعلق ببروتوكول الصرف المنوي تقديمه للعاملين في بنك فرعون وشيحا بنتيجة الدمج مع البنك اللبناني السويسري، أي «صياغة اتفاقية رضائية تحدّد بوضوح تعويضات الصرف وكيفية الحفاظ على استمرارية العمل بعد إتمام عملية الدمج وتحديد المنحة الاستثنائية».
ما حصل مع اللجنة مذكور بحرفيته في كتاب وجّهه اتحاد نقابات موظفي المصارف في 15 حزيران الماضي إلى المدير العام للمصرف غسان مهنا. الكتاب يشير إلى أنّ «المتغيّرات المنتظرة على صعيد مجلس الإدارة قد تؤثّر سلباً على ديمومة المصرف بعدما تكاثر الحديث عن عملية دمج ستؤدي إلى شطب بنك فرعون وشيحا من لائحة المصارف (البنك المدموج)، تطبيقاً لقانون الاندماج المصرفي، جعلت مجلس الاتحاد أمام تطورات قد تكون لها سلبيات على حقوق ومصالح الزملاء في بنك فرعون وشيحا تقتضي مواجهتها وفق آليات اعتدنا استخدامها في حالات مشابهة حفاظاً على حقوق الزملاء العاملين في هذه المصارف (المدموجة)».

الدمج سيؤدي إلى شطب
رخصة بنك فرعون وشيحا، وإلى إلغاء العديد من الوظائف

وفي هذا الإطار، يشير الكتاب إلى أن مهنّا وجّه «إهانات إلى عدد من أعضاء اللجنة التي سلّمته كتاباً يتضمن أسماء أعضاء اللجنة ومهماتها وصلاحياتها».
في المقابل، لم تنكر مصادر إدارة المصرف حقيقة ما فعله مهنا والإهانة التي وجهها إلى إحدى الموظفات في المصرف، إلا أنها أشارت إلى أنه لم يكن هناك أي نقاش جدّي في مضمون المطالبات، بل كان الأمر متعلقاً بالشكل أكثر لأن «انفعال مهنا وعتبه مبنيّان على أساس أنه جرى التشكيك بحرصه على حقوق الموظفين الذين يقف إلى جانبهم، علماً بأن رئيس مجلس الإدارة ناجي فرعون أقرّ أمام مجلس الإدارة بحقوق الموظفين، موضحاً أن هناك بونس (مكافآت) ستوزّع عليهم أيضاً».
التصعيد اللفظي الذي ارتكبه مهنّا، عطّل آلية التواصل بين إدارة المصرف ولجنة الموظفين. عندها قرّر رئيس الاتحاد جورج حاج «اللجوء إلى تقديم طلب وساطة إلى وزارة العمل يوم الجمعة في 14 آب بعد مضي أكثر من شهرين على المهلة التي وردت في كتاب الاتحاد إلى المدير العام بخصوص مطالب الزملاء في بنك فرعون وشيحا». رئيس الاتحاد يرى أنه «أمام المماطلة في إقرار المطالب، من الضروري تسجيل الوساطة لتثبيت النزاع المستجد مع الإدارة بعد استمرارها في التغاضي عن إعطاء الزملاء حقوقهم المشروعة الواردة في عقد العمل الجماعي وفي قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي».
إلا أن تسارع الأحداث خلال اليومين السابقين ليوم الجمعة المذكور، دفع حاج إلى تأجيل تقديم طلب الوساطة وقال لـ»الأخبار»: «لقد أجّلنا الوساطة بناءً على كتاب وردنا من المدير العام لبنك فرعون وشيحا (غسان مهنا) يقول فيه إنه توصل إلى تسوية مع لجنة الموظفين، ولذلك سنطلع من اللجنة على التسوية ونأخذ رأيها لنعرف ثم نعقد جمعية عمومية في الأسبوع المقبل للموافقة على التسوية المطروحة أو لتقديم وساطة إلى وزارة العمل».
«مضمون كتاب إدارة فرعون وشيحا لم يكن كافياً»، يقول حاج. فقد أشار الكتاب الذي تسلّمه اتحاد موظفي المصارف ظهر يوم الجمعة بعد سلسلة اتصالات هاتفية تلقّاها حاج من محامي المصرف إيلي مرهج يوم الخميس، إلى الآتي: «توصلنا إلى صيغة تسوية حبّية في ما يتعلق بموظفي بنك فرعون وشيحا، وذلك مع لجنة الموظفين وسوف نبادر إلى التنفيذ بأسرع ما يمكن». على إثر ذلك، عقد حاج اجتماعاً مع لجنة الموظفين لدرس هذا الكتاب، وتقرّر أن يطلب إلى الإدارة إبلاغ الاتحاد بكافة بنود الاتفاقية الرضائية والتسوية التي يقول المصرف إنه سينفذها ويدفع المستحقات المتراكمة للموظفين.
وبحسب مصادر إدارة المصرف، فإن المبلغ الذي اتفق على سداده مع لجنة الموظفين يبلغ 620 ألف دولار، وإن مجلس إدارة المصرف قرّر توزيع مكافآت عن ثلاثة أشهر لكل موظّف تبلغ قيمتها الإجمالية 280 مليون ليرة.
في المقابل، أبدت مصادر الموظفين قلقها من أن تكون هذه المكافآت هي محاولة من إدارة المصرف للالتفاف على تفاصيل تعويضات الصرف وديمومة العمل بعد الدمج، إذ إن صرف الموظفين بعد عمليات الدمج مموّل من مصرف لبنان وبكلفة متدنية كثيراً تتيح لأي مصرف أن يعيد توظيف الأموال في سندات الخزينة وتحقيق ريع كبير عليها، علماً بأنّ هناك بروتوكولات صرف منفذة سابقاً، وهي الأساس مثل بروتوكول صرف موظفي البنك اللبناني الكندي.