في جلسة سابقة للمحكمة العسكرية، ورداً على سؤال رئيس المحكمة العميد خليل ابراهيم «إن أطلقتُ سراحك غداً ماذا ستفعل؟» أجاب المتهم غسان صليبي قائلاً: «سأذهب للتفجير في الضاحية، وبعد غد كذلك. وسأبقى إلى يوم الدين». إجابة الصليبي دفعت وكيلة الموقوف إلى التنحي عن الدفاع عنه. الصليبي بملامحه القاسية ولحيته المرخية حضر إلى المحكمة أمس. ولدى سؤاله عن محاميه رد: «ما عندي محامي...
وما بدي وكّل محامي»، فأبلغه العميد ابراهيم أنه مضطر إلى توكيل محامي وسيتوكّل عنه محامٍ تكلفه نقابة المحامين، فهز رأسه موافقاً. كذلك حضر أحمد سليم ميقاتي الملقب بـ«أبو بكر الميقاتي»، أحد أمراء تنظيم «الدولة الإسلامية» في الشمال والعقل المدبّر لما عُرف بـ«خلية عاصون». خاطب العميد خليل محتجّاً على سوء وضعه في سجن الريحانية، طالباً نقله إلى «سجن رومية المركزي». صرخ بأنه لا يعرف النوم ولا يتناول الدواء لأنه لا يملك ثمنه لشرائه، قائلاً إن العسكر حلقوا له لحيته. توجه إلى العميد: «عذبوني وعاقبوني وحدي. لا ذنب لعائلتي». أما ابنه عمر أحمد ميقاتي المشهور بـ«أبو هريرة» الذي صوّر عملية ذبح عسكريين في جرود عرسال، فرفع صوته قائلاً: «أُعلن أمامك أني سأبدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى الموت إلى أن تنقلوا والدي إلى رومية». فيما قريبه بلال عمر ميقاتي الملقب بـ«أبو عمر اللبناني»، الشاب المولود في عام 1994 الذي ظهر في إحدى الصور يحمل رأس الجندي الشهيد علي السيد، فقد لزم الصمت مكتفياً بالابتسام من حينٍ لآخر. إلى جانبه وقف عبدالرحمن بازرباشي الملقب بـ«حفيد البغدادي»، المتهم الذي كان أول من نشر صور العسكريين بعد ذبحهم. خالد حبلص كان حاضراً. بعباءته البيضاء وابتسامة هادئة ترتسم على وجهه دخل قاعة المحكمة العسكرية الدائمة أمس. كان الأكثر هدوءاً، فسُمِع صوته فقط عندما أجاب رئيس المحكمة: «اسمي خالد المحمد، لكني معروف بحُبلص». كل هؤلاء مَثَلوا أمام هيئة المحكمة العسكرية الدائمة أمس، لكن لم تنعقد الجلسة بسبب عدم تعيين معظمهم محامين وأُرجئت إلى 12 شباط. حضر معهم أيضاً في الجلسة اللاحقة موقوفو «خلية الناعمة». غير أنها أُرجئت إلى 28 أيلول المقبل، بسبب تغيّب وكيلة الموقوف سعيد البحري، المحامية ريما نصر، للمرة الثانية. أُرجئت الجلستان، لكن انعقدت جلسة محاكمة مجموعة تنتمي إلى «جند الشام». كانوا من بين الذين انسحبوا من قلعة الحصن إلى وادي خالد، وكانوا على علاقة مع موزع الأحزمة الناسفة وناقل الانتحاريين منذر الحسن، الذي قُتل في عناصر فرع المعلومات في طرابلس. استجوب العميد اثنين من الموقوفين فيها قبل أن يرجئ الجلسة إلى 14 كانون الأول. بعدها مَثَل حسن غدادي، بجرم «مساعدة داعش ونقل إرهابيين وتقديم مساعدات لوجستية لهم». بغدادي ذكر أن شقيقه محمد ينتمي إلى «الدولة الإسلامية»، وأقرّ بأنه يعرف مسؤول الأمن في «الدولة» حسام طراد، فسأله العميد: «هل تعلم أن مهمة طراد كانت أخذ الناس إلى الجرد لتصفيتهم»، إلا أنه ردّ بأن معرفته به سطحية. تحدث عن عمله كـ«معمرجي»، كاشفاً أن شقيقه يُكفّره لأنه يدخن السجائر ويحلق لحيته. وقد رُفِعت الجلسة لإصدار الحكم.
كاد يوم أمس يبدو كأنه يوم جلسة محاكمات ماراتونية بامتياز. اختلط فيها الإرهاب مع تجارة المخدرات وترويجها، إذ لم تكد تبدأ الجلسة حتى احتج الموقوف حسين نايف المولى على إطلاق سراح آمر سرية السجون السابق العقيد غسان المعلوف والنقيب سامر منصور، المتورطين في إدخال حبوب مخدرة وحشيشة كيف إلى السجن، قائلاً: «لو ما جابولي الحبوب أنا من وين بجيب حتى وزّع بالسجن». فرد رئيس المحكمة: «حسين ما تزايد على حكم المحكمة. العقيد والنقيب طُردوا ودُمّرت حياتهما. لا تقارن نفسك بهما. إنت عندك مجموعة أحكام وقضايا موقوف فيها». عندها رفع المولى صوته من داخل قفص التوقيف: «إنتو ما عندكن عدالة... بعد لهلق ما تنفّذ حكم إعدام واحد بحق إرهابي... سكّروا المحاكم». فردّ العميد ابراهيم بأن لا دخل للمحكمة بعدم تنفيذ الأحكام، متوجهاً إلى الموقوف: «رح تحمل معك دعوى إضافية اليوم. هي إهانة هيئة المحكمة»، عندها اعتذر المولى: «بعتذر وبسحب كل كلامي.. ما قصدت إهانة حدا». ثورة المولى سببها استمرار توقيفه في الدعوى لمدة خمس سنوات من دون حكم رغم اعترافه بالجرم، علماً أنه مرّ على وجوده في السجن 13 عاماً. وقد أُرجئت الجلسة إلى الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني.
وبين الإرهاب والمخدرات، مرّت جلسات محاكمة عسكريين موقوفين بجرم الرشوة، أبرزها قضية تآمر رتيب في الأمن العام مع سمسار للاحتيال ونصب مبالغ بعشرات آلاف الدولارات على أشخاص بعد إيهامهم بأنهم سيدخلونهم كضباط ورتباء إلى سلك الأمن العام، وأن المبالغ المقبوضة هي لشراء هدايا لضباط نافذين في الأمن العام. حتى أن الرتيب المدعى عليه كان ينتحل صفة نقيب أحياناً. والدة أحد الشهود ذكرت أنها دفعت ما مجموعه 30 ألف دولار لسمسار وشاب يدعى م.ب. أخبرها أنه أحد حرس الرئيس نبيه بري. تحدثت المدعية ملكة عن حكايتها مع النصّابين، كاشفة أن «سعر المأمور مش متل سعر الضابط، فقد طلب السمسار 4000 دولار ليدخل ابنها مأموراً و 20 ألف دولار للضابط»، كاشفة أنها دفعت له ليساعدها في توظيف ابنها وابنتها في سلك الأمن العام. وقد أُرجئت الدعوى إلى 13 كانون الثاني المقبل.