القاهرة | تنفّس صحافيو مصر الصعداء مساء الاثنين الماضي بعد الإفراج عن زميلهم المصور أحمد رمضان الذي احتجز قرابة 36 ساعة بوشاية من زميلته أماني الأخرس في سابقة لم تحدث من قبل. عندما يشعر عدد من الصحافيين بأن زميلهم على تواصل مع بعض رجال الأمن ويكتب تقارير سريّة عما يقولون ويفعلون داخل الجريدة، يطلقون عليه لقب «أمنجي».
هذا اللقب التصق بعدد غير قليل من الصحافيين على مدى عقود، لكن ظلّ الأمر دائماً مسكوتاً عنه علناً، فلا يمكن أن تواجه زميلاً بأنه يكتب تقارير ضدّك، ولا يمكن أن يأتيك الزميل ليقول لك علناً إنه يفعل ذلك. لهذا لم يصدّق الكثير من الصحافيين المصريين في البداية ما جرى في إحدى جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي صباح الأحد في قضية «التخابر». فقد تمّ احتجاز المصور أحمد رمضان في جريدة «التحرير» بناءً على بلاغ من المدعوة أماني الأخرس التي تعمل في خدمة الفيديو في جريدة «اليوم السابع». قالت الأخرس لرجال الأمن إن «زميلها ينتمي إلى جماعة الإخوان، ووجوده في المحكمة ليس فقط لأسباب صحافية، مطالبة بالتحقيق معه». لكن الثغرة التي ربما لم تنتبه لها الأخرس أو لم تهتمّ بها من الأساس، أن اسمها ورد في البلاغ وتمّ الكشف عنه في اللحظة نفسها. السيناريو كان سيكون مختلفاً لو أن احتجاز رمضان تمّ من دون سبب مُعلن. عندها كانت ستنطلق تفسيرات أخرى. المهم أن رمضان بات تحت سلطة الأمن الوطني أكثر أجهزة وزارة الداخلية صرامة واستقلالاً، حتى إن رجال إدارة الإعلام في الوزارة فشلوا لساعات عدّة في التواصل مع المحقّقين، وراحت جهود «نقابة الصحافيين» في الإفراج السريع عن رمضان هباءً. لكن النقابة لم تجرؤ للمرة الأولى على انتقاد الداخلية مباشرة، فزميلته التي تحمل كاميرا مثله وتعمل في المجال نفسه هي من أبلغت عنه، وبالتالي كان واجباً على رجال الأمن اتخاذ الاحتياطات اللازمة. وبالفعل، خرج أحمد رمضان عصر اليوم التالي بكفالة 5 آلاف جنيه (650 دولاراً) لأنه بات متّهماً بانتحال صفة صحافي لأنه ليس عضواً في نقابة الصحافيين. فتحت القضية مساراً آخر حول استمرار رفع الغطاء عن غير أعضاء النقابة وتعرّضهم للأذى في أيّ تغطية ميدانية. أما الأخرس، فقد انطلقت ضدّها حملة عنيفة، دفعت النقابة إلى إصدار قرار بمنع دخولها المبنى، وبالتالي تأجيل انضمامها الرسمي إلى نقابة الصحافيين في لجنة القيد المقبلة. كما طالبت النقابة رسمياً خالد صلاح رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع» بالتحقيق في الواقعة وإبلاغ النقابة رسمياً بالنتيجة، وسط تساؤلات حول غياب ردّ فعل سريع من «اليوم السابع» التي باتت مطالبة بإبعاد الأخرس فوراً، مع استحالة أن يتعامل معها الصحافيون مرة أخرى. تباكى البعض على زمن التجسس "الجميل" الذي كان الزميل يبلغ فيه عن زملائه وهو متخفٍّ. لكن الأخرس المعروفة بحبّها لنظام محمد حسني مبارك، لم تجد حرجاً في أن تُسلّم زميلها وتعترف بذلك أمام الجميع وفي قاعة محكمة تنظر قضية تخابر.