هل رضخ مجلس الوزراء للمطالبة برفع يد السلطة المركزية عن ملف النفايات وإعادته إلى البلديات؟ أم انه قرر المناورة في هذا المجال؟ الجلسة الحكومية أمس أنتجت قراراً يمكن أن يكون تاريخياً، في ما لو صدقت الرواية الرسمية. فقد كلّف مجلس الوزراء وزارة الداخلية بـ»الطلب الى البلديات الإبلاغ عن استعداداتها وخططها لتحمّل المسؤولية كل في نطاقه».
وقرر المجلس «الإيعاز الى الوزارات المعنية بإنجاز المراسيم المطلوبة لتوزيع مخصصات البلديات من الصندوق البلدي المستقل، بما فيها عائدات الهاتف الخلوي». موضوع القرار هو مطلب للبلديات والجمعيات والناشطين في المجالين البيئي والبلدي، منذ نحو 20 عاماً، لكن لم تُعرف بعد آليات تطبيقه. وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سيعقد مؤتمراً صحافياً عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم، يتحدّث فيه عن قرار مجلس الوزراء. وهو أكّد أمس أن هذا القرار يستجيب للمطالبين بإعادة ملف النفايات إلى البلديات». أما الفترة الانتقالية، بحسب بيان مجلس الوزراء، فستبقى مركزية من خلال البحث عن مطامر «لإزالة النفايات من الشوارع». لكن ما يسمح بالتشكيك في هذه الخطوة، هو تزامنها مع الدعوة التي وجهها رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة إلى النائب وليد جنبلاط، مناشداً إياه فتح مطمر الناعمة «مؤقتاً». تغزّل السنيورة بالمطمر المذكور، واصفاً إياه بـ»رولس رويس» المطامر! ورغم أن مناشدة السنيورة تتحدّث عن إعادة فتح مطمر الناعمة بصورة مؤقتة، إلا أن الحكومات اللبنانية اعتادت تمديد المؤقت إلى ما لا نهاية. وبعيداً عن رغبة السنيورة، من المفترض أن يتيح قرار الحكومة للبلديات واتحاداتها إيجاد طرق محلية لمعالجة النفايات أو طمرها، أو التعاقد مع شركات خاصة لهذا الهدف.
من ناحية أخرى، منح مجلس الوزراء وزارة المالية «التغطية القانونية» التي كانت تطلبها من أجل دفع رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين. وبذلك، يكون المجلس قد تخطّى أزمة متصلة بآلية العمل الحكومي. فغياب وزراء تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله عن جلسة أمس، ورغم كونه تعبيراً عن فشل المبادرات السياسية في التوصل إلى حل للجمود الحكومي، إلا أنه أتاح تمرير هذا البند من دون اشتراط نواب التكتل أن يكون بحث أي بند مسبوقاً بالاتفاق على آلية العمل الحكومي ثم بند التعيينات الأمنية.
وأكّدت مصادر وزارية لـ»الأخبار» أنه رغم اعتبار مقاطعة الجلسة خطوة تصعيدية، فإن الجو الحكومي ليس متوتراً الى الحد الذي ينذر بالتفجير، وخصوصاً أن «رئيس الحكومة تمام سلام نقل، خلال الجلسة، الى الوزراء أن كلامه مع الوزير جبران باسيل الذي اتصل لإبلاغه مقاطعة الجلسة لم يكن استفزازياً». لكن سلام لم ينزع بعد فتيل التفجير. جمّد سلام نشر المراسيم التي لم تحمل توقيع وزراء التكتل وحزب الله، إفساحاً في المجال أمام مبادرة الوزير علي حسن خليل. وأكّد رئيس الحكومة استعداده إحالة المراسيم على الوزراء الذين لم يوقّعوا عليها، إلا أنه لم يجب بعد على اشتراط التكتل ألا يُنشر أي مرسوم لا يوقّع عليه الوزراء، وألا يكون النشر حكمياً للمراسيم بعد معاينتهم لها. مبادرة خليل مجمّدة إذاً، بانتظار موافقة سلام. كذلك الأمر بالنسبة إلى اقتراح الرئيس نبيه بري عقد طاولة حوار تجمع كل «قادة الصف الاول»، كتلك التي كانت تُعقَد في القصر الجمهوري في بعبدا، أو طاولة التشاور في المجلس النيابي. فتيار المستقبل ردّ سلباً على اقتراح بري، ما عطّل هذه المبادرة أيضاً. في هذا الوقت، كثّف السفير الأميركي ديفيد هيل اتصالاته مع القوى السياسية في فريق 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، لدفعها إلى القيام بخطوات لحماية الحكومة من انفجار يطيحها.
ورغم الهدوء الذي ساد جلسة مجلس الوزراء أمس، فإن العماد ميشال عون يؤكد أن مشكلته أبعد من قرار وزاري، بل هي في أصل تجاهل تيار المستقبل وحلفائه للمكوّن الذي يمثله تكتل التغيير والإصلاح. وسيعقد عون مؤتمراً صحافياً قبل ظهر اليوم، يُتوقع، بحسب مصادر التكتل، أن يعلن فيه اللجوء إلى خيار التحرك الشعبي، تزامناً مع خوض معارك داخل مجلس الوزراء. وبحسب المصادر، فإن عون لن يدعو أنصاره علناً إلى المشاركة في التحرك غداً في ساحة الشهداء.