لا مكان لمطمر رياض الأسعد في منطقة اقليم الخروب. شركة الجنوب للاعمار التي يملكها الاسعد فازت بمناقصة المنطقة الخدماتية الثالثة التي تضم اقضية الشوف وعاليه وبعبدا، لكنه فوز دام اقل من 24، ولو قدر له أن يدوم اطول لكان بالتأكيد سيواجه اعتراضاً شعبياً، فيما لو اقترب نحو اقليم الخروب، بدليل رمي «كرة المطمر» بين بلدة واخرى سواء اختارت البلديات الحلول الترقيعية الموقتة او من خلال المناقصات التي تقدمت اليها الشركات.
قبل أسبوع اجتمع رؤوساء «اتحاد بلديات إقليم الخروب _ الجنوبي والشمالي»، بعضوية 19 رئيساً، للتداول في كيفية استيعاب نفايات المنطقة، إضافة إلى نفايات الشوف، «الذي لا يتجزّأ منه الإقليم»، حيث تداول «الرؤساء» اقتراحات متعددة لمكان المطمر.
قضى الاقتراح الأول، بإقامة المطمر في بلدة القريعة، على مساحة «حرجية» هي 200 ألف متر مربع، تملكها الدولة، وبعيدة نسبياً عن الوجود السكني. إلا أن الاقتراح المقدّم رفضه النائبان علاء الدين ترو ومحمد الحجار، إذ اعتبر الأخير في حديثٍ إلى «الأخبار» أن المنطقة يُخطّطُ لها أن تحمل طابعاً «بيئياً وسياحياً»، ومن غير المقبول أن تتحوّل إلى مطمر.
أما الاقتراح الثاني، بحسب مصادر المجتمعين، فكان على أحد شواطئ منطقة الدامور، على مساحة 750000 متر مربع، إلا أن «الخوف من تكرار تجربة مكب صيدا»، جعل المجتمعين يتريثون في اتخاذ هذا القرار.
هنا جاء الاقتراح الثالث، والمقدّم من أحد نوّاب الحزب «التقدمي الاشتراكي»، «من باب المزح»، وهو «كبّ الزبالة ببحر وادي الزينة_جدرا»، إلا أن رئيس بلدية سبلين، محمد قوبر، رفض الاقتراح، واضعاً إياه برسم الدولة، لأن الشاطئ هو ملكٌ لها.

أربعة اقتراحات طرحت في الاجتماع ولم يتفق عليها

واعتبرت مصادر الجماعة الإسلامية أن ما حدث في اجتماع «الاتحاد»، وإن جاء في سياق «نكتة» أو «زت الحكي»، فهو لا يخرج عن إطار خديعة «الاشتراكي» و«المستقبل» لقاعدتهما الشعبية في المنطقة، واستغلالها أولاً، وعموم أهالي المنطقة، ثانياً، مطالبةً أن يكون «الحل جذرياً وليس جزئياً أو عضوياً»، أي بـ«إعادة التدوير» وليس «الطمر» الذي «يعيد السموم إلينا».
في المقابل، أكّد الحجار، أن الاقتراح «لم يتبناه أحد»، وهو «مجرد حكي، مش أكتر»، فيما يقول أحد مصادر 8 آذار في المنطقة، إن القصة «بلشت بمزحة»، إن «مرقت مرقت، وإذا لا يُعتذر عنها»، مشيراً إلى أن القوى السياسية «الحاكمة» في الاقليم، «يطيبُ لها مشروع البحر»، خصوصاً أنها تريد «رهن البلديات والمنطقة لها». ولفت المصدر إلى أن «بلديات الاتحاد» باتت «مبتورة اليد»، لعجزها المالي، وإن بعضها على «وشك إعلان إفلاسه» بعد أشهر قريبة، إذا لم يتم الإفراج عن أموالها الموجودة في وزارة الداخلية.
ويتقاطع أكثر من مصدر معني، في الإقليم، على أن البلديات تواجه مشكلتين، لا حل لهما، في الأمد القريب. الأولى هي الضعف المالي، أما الثانية، فهي عدم وجود أماكن ومساحات للطمر. ويؤكد أحد هذه المصادر، أن أي بلدية «لن تُقدِم على استخدام أي منطقة فيها، كي لا تصير مستوعباً لنفايات لبنان».
وعلى صعيدٍ آخر، وعلى الرغم من الارتباط السياسي بموضوع النفايات في لبنان عموماً، والإقليم خصوصاً، فإن «الجماعة الإسلامية» ترفض «زجّ مطالبها الشعبية» بالحسابات السياسية «الضيقة»، آسفةً لأن «المطالب الشعبية باتت مسيسة». ولفتت المصادر عينها إلى أن أهالي الاقليم، على موعدٍ مع تحركٍ آخر عند «معمل سبلين»، فنحن بـ«انتظار نهاية شهر تشرين الثاني الموعد النهائي» من إدارة المعمل لـ «تركيب الفلاتر»، لأن «الوضع ما عاد يحتمل».
في المقابل، يشير رئيس بلدية سبلين، إلى أن لا حلّ «جذرياً» لمشكلة النفايات، ذلك أن «تخمّر النفايات» يمنع العاملين في المعمل من إمكانية فرزها، ما يعني مباشرة عملية الطمر، فيما يؤكد أن الحل يبدأ من «منازل المواطنين»، بتوعيتهم، وفرزهم للنفايات في منازلهم.
ويتهم «الرّيس»، وزير البيئة محمد المشنوق بـ«التقاعس» وعدم الجدية في العمل منذ تسلّمه الوزارة. فقد كان المشنوق أمام «فرصة للحل الجذري لأزمة النفايات»، وتحديداً حين لمّح، منذ سنة ونصف، إلى «الاستفادة من أموال الكسارات الموجودة في خزينة الوزارة لحل الأزمة». ويضيف قوبر، أنه «اقترح على الوزير، طمر نفايات لبنان في سلسلة الجبال الشرقية، ووضع خطة عمل لذلك»، إلا أنه لم يلقَ «آذاناً صاغية».
وانتهى اللقاء باقتراحٍ رابع، بحسب المصادر، بإمكانية اللجوء إلى شاطئ منطقة السعديات، إن لم يتوفر أي بديل، حيث لا وجود سكنياً، ويمكن أن يحوي مطمراً في البحر، «كون الشاطئ يتكون من خليج واسع، ويمكن حصر النفايات في أماكن محددة ومعينة».
في المحصلة، تتهامس القوى السياسية المختلفة، إلى ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، مراهنةً على «انتخاباتٍ إن حصلت»، متسائلةً: «هل سيجدد الإقليم بيعته للحريري وجنبلاط، أم سينتفض من جديد كما انتفض في الشارع؟».