لم يتغير المشهد كثيراً أمس في العراق عمّا سبق من أيام الجمعة الماضية. الآلاف توافدوا إلى الساحات في مشهد ألفه العراقيون طوال الشهر الماضي، إلا أن نزول العناصر الحزبيين، وتحديداً عناصر «التيار الصدري» أمس أفقد الشارع بعض الحماسة للتظاهر، خاصة أن أنصار السيد مقتدى الصدر رفعوا شعارات سياسية «انتقامية» من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي. رئيس الحكومة حيدر العبادي استبق تظاهرات يوم أمس بإصداره 3 قرارات جديدة، فيما فوضت المرجعية إلى الحكومة والبرلمان والقضاء تحقيق الإصلاحات.
وتجمع الآلاف في ساحة التحرير والمناطق القريبة منها في ظل إجراءات أمنية مشددة تحسباً لحدوث أي خرق أمني، في تظاهرة شهدت مشاركة أولى لمناصري مقتدى الصدر بناءً على دعوة منه. وشارك مناصرو الصدر في التظاهرة، حاملين أعلاماً عراقية، وارتدى غالبيتهم الملابس السوداء، ورددوا هتافات منتقدة للمالكي، مثل «باي باي نوري المالكي». كذلك رفعوا لافتات كتب فيها «كلا كلا أميركا».

فوضت المرجعية
إلى الحكومة
والبرلمان والقضاء تحقيق الإصلاحات

وقال أحد المسؤولين في «التيار الصدري»، نافع البخاكي لوكالة «فرانس برس»: «خروجنا مساندة ودعم للإصلاحات التي أعلنها رئيس الوزراء. نريد دفع ودعم الدولة لتنفيذها».
مشاركة مناصري «التيار الصدري» لم تلق ترحيباً من مجموعة كبيرة من المتظاهرين الذين بدأوا بالحراك منذ شهر تقريباً، وأبدوا تحفظاً عن مشاركة مناصري الصدر في تحركات ضد الفساد، ولا سيما أن منتمين إلى «التيار الصدري» تولوا مناصب وزارية في حكومتي المالكي. ورأت سهام الزبيدي، المنتمية إلى الحزب الشيوعي العراقي، أن مشاركة أنصار «التيار الصدري»، «رياء وتضليل (للقول إنهم) مع الشعب»، مضيفةً: «أين هم من الإصلاحات وخدمة الشعب؟». كذلك شهدت معظم المدن وسط وجنوب العراق تظاهرات مماثلة، حيث حمل المتظاهرون الأعلام العراقية والشعارات المنددة بسوء الخدمات...
واستبق رئيس الحكومة حيدر العبادي التظاهرات بإصداره 3 قرارات إصلاحية جديدة. وأمر العبادي جميع قيادات العمليات والقيادات الأمنية في بغداد والمحافظات بفتح الشوارع الرئيسية والفرعية المغلقة من قبل شخصيات وأحزاب ومتنفذين.
وقال مكتب العبادي، في بيان، إن «العبادي أمر أيضاً بمراعاة وضع خطط لحماية المواطنين والمراجعين إلى دوائر الدولة من استهداف الإرهاب».
وأمر العبادي، أيضاً بتشكيل لجان قانونية مختصة لمراجعة بيع وإيجار وتمليك عقارات الدولة في بغداد والمحافظات في المرحلة السابقة «لأية جهة كانت». وأمر أيضاً «بإعادة الأموال التي استولي عليها خارج السياقات القانونية، إلى الدولة واستعادة الأموال التي فيها غبن في التقويم».
كذلك صدّر العبادي، أوامره إلى القيادات الأمنية المختصة بوضع الترتيبات اللازمة لفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين، وهي تضم مقارّ حكومية وسفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا».
وفي سياق متصل، فوّضت المرجعية الدينية العليا في العراق، إلى الحكومة والبرلمان والقضاء تحقيق تفاصيل الإصلاحات باتخاذ قرارات «جريئة ومقنعة» للشعب العراقي.
وشدد ممثل المرجعية في كربلاء، عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة، على أنه «لا بد أن يعمل المسؤولون في هذه المرة بصورة مختلفة عمّا مضى، ويكسبوا ثقة المواطنين بأنهم جادون في الإصلاحات وصادقون في نياتهم مع الشعب». ودعا الكربلائي المتظاهرين إلى «ألّا يسمحوا بحرف مطالبهم إلى عناوين تعطي المبرر للمتربصين بهذه الحركة الشعبية والمتضررين منها للطعن بها والنيل من أصالتها الوطنية أو تمنح الفرصة لذوي الأغراض الخاصة باستغلالها للوصول إلى أهدافهم».
وأشار الكربلائي إلى أن «المرجعية الدينية العليا أكدت في ما سبق بأنّ منهجها هو بيان الخطوط العامة للعملية الإصلاحية، وأما تفاصيل الخطوات الضرورية لذلك، فهي في عهدة الواعين من المسؤولين في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهي تأمل أن يوفقوا بالقيام بها وأن يتخذوا قرارات جريئة، تكون مقنعة للشعب العراقي الذي هو مصدر جميع السلطات». وأعرب الكربلائي عن قلق المرجعية الدينية العليا البالغ من ازدياد ظاهرة هجرة الشباب إلى الخارج، داعياً «المسؤولين إلى وضع خطط تنموية تحد منها».
من جهة أخرى، يستجوب مجلس النواب، اليوم، وزيـر الكهرباء قاسم الفهداوي بتهم فساد وعدم توفير الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى التصويت والقراءة لعدد من مشاريع القوانين، أبرزها قانون الحرس الوطني.
وكان مكتب وزير الكهرباء قد أكد أمس، حضور الوزير محمد الفهداوي في جلسة الاستجواب وأنه سلم أجوبته لرئاسة البرلمان، لكنه بالوقت نفسه وصف الاستجواب بأنه «استهداف سياسي للوزير، لعدم وجود الأدلة الكافية ضده».
إلى ذلك، أعلن ائتلاف «متحدون للإصلاح»، أمس، تأييد رئيسه أسامة النجيفي للإصلاحات التي أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي أخيراً، شرط عدم تجاوز الدستور والاتفاق السياسي، مشيراً إلى أن التحديات التي يواجهها العراق تتطلب التعاون والتفاهم.
(الأخبار)