نقل المعركة الى أرض العدو، البند الأول في العقيدة العسكرية الاسرائيلية، لم يعد حكراً على إسرائيل. هو أيضاً من بنود العقيدة العسكرية لحزب الله، ما يوجب على جيش العدو إعداد العدة لمواجهة هذا التطور الذي لم يشهد له مثيلاً منذ عام 1948، ويدفعه الى إقرار خطط إخلاء المستوطنات الشمالية، استباقاً للتوغل البري الموعود من الاراضي اللبنانية.
فقد أعلنت تل أبيب، أمس، أن المؤسسة العسكرية أنهت بلورة خطة إخلاء المستوطنات المحاذية للحدود، بعدما حازت مصادقة قائد المنطقة الشمالية في الجيش اللواء أفيف كوخافي، في انتظار عرضها على طاولة القرار لدى المؤسسة السياسية في تل أبيب.
صحيفة «معاريف» التي كشفت تفاصيل الخطة أمس، أشارت الى أنها وضعت، بناءً على التقديرات السائدة لدى الاستخبارات العسكرية بأن المواجهة المقبلة في الشمال ستتمدّد سريعاً الى داخل الاراضي الاسرائيلية، ما يحتّم العمل والاستعداد لمواجهة هذا الخطر. وبحسب مصدر عسكري إسرائيلي رفيع، فإن «التهديدات تغيّرت بشكل جوهري. بات لدينا عدوّ من نوع آخر. وهذا يلزم الجيش الاسرائيلي بتأهيل مختلف للجنود على المستوى المهني والذهني». وأوضح أن «الهدف هو إنشاء قوة يكون عمادها جنود الاحتياط من المستوطنات نفسها، بدلاً من توزيعهم على الفرق العسكرية المختلفة».
خطة الإخلاء تنص على سحب المستوطنين من أكثر من عشرين مستوطنة قريبة من الحدود في اتجاه أماكن أكثر أمناً في الوسط والجنوب، و»هناك مستوطنات سيطلب من سكانها السير مسافات طويلة قبل نقلهم بالحافلات، فيما سينقل سكان مستوطنات أخرى بصورة أسرع، وكل ذلك بحسب ظروف المستوطنة وأوضاعها».
ولفتت «معاريف» الى أنه في حال نفذت الخطة في المواجهة المقبلة شمالاً، فستكون المرة الاولى منذ الاعلان عن إسرائيل عام 1948 تنفذ فيها عملية إخلاء مستوطنات. وبحسب الخطة المقررة، «سيتم استبدال السكان بجنود احتياط، يجري توزيعهم في المنطقة الحدودية، مثل نهاريا وكريات شمونة والمطلة، ضمن وحدات عسكرية تقرر في موازاة ذلك العمل على تأسيسها».
وقرر الجيش الاسرائيلي تنفيذ خطة الإخلاء بصمت، من دون ضجيج ومن دون إعلان، «خوفاً من ردّ فعل العدو». وقال مصدر عسكري إسرائيلي للصحيفة إن «الجيش سيعمل على إعلام المستوطنات بضرورة إخلائها، الامر الذي قد يثير مشاكل، خصوصاً أن علم العدو بقرار الإخلاء قد يدفعه الى صبّ صواريخه ونيرانه على المستوطنات». وأضاف: «لهذه الغاية تلقّى مسؤولو السلطات المحلية في الشمال وضباط الامن في المناطق الحدودية شرحاً مستفيضاً حول خطة الاخلاء، مع التشديد على أن المسألة لم تعد مجرد حديث نظري، بل أصبحت أمراً حقيقياً سيصار الى تنفيذه».
الى ذلك، استعرض سلاح البحرية الاسرائيلي، أمس، ما سمّاه «تشكيلة شمولية» جديدة لحماية حقول الغاز ومنصات التنقيب العائمة في المتوسط. وقال قائد السلاح اللواء رام روتبرغ إن التشكيلة الجديدة تؤمن الحماية للمنصات من الجو ومن فوق البحر وتحته، إضافة الى أنشطة استخبارية مكثفة.
وأشار روتبرغ، الذي اصطحب عدداً من مراسلي وسائل الاعلام العبرية لمعاينة «التشكيلة الشمولية»، الى أن منصات التنقيب عن الغاز والنفط قد تشكل هدفاً مفضّلاً لدى «جهات إرهابية»، مضيفاً أن «سلاح البحرية يعمل حالياً على ملاءمة صاروخ باراك (لاعتراض الصواريخ البحرية)، لتوفير حماية لمنصات التنقيب».
وتلقى المراسلون شرحاً حول تدريبات الوحدات البحرية الخاصة، وتحديداً التدرب على استعادة السيطرة على إحدى منصات استخراج الغاز بعد سيطرة مهاجمين مفترضين عليها. كذلك شملت الجولة عرض زوارق غير مأهولة مخصصة لحماية المنصات وجمع المعلومات الاستخبارية، إضافة الى منظومة صواريخ اعتراضية، قيل إنها شبيهة بمنظومة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ.