إنه الحصان الأسود. نال منتخب إيسلندا هذا اللقب مبكراً، قبل انطلاق «يورو 2016»، بعد تأهله الى البطولة وتصدره مجموعة صعبة. بالطبع، ليس معروفاً إن كان هذا المنتخب سيؤدي دوراً كبيراً في البطولة القارية، لكن يرجح أن يقدّم أداءً يخوّله المرور إلى المراحل المتقدمة. ودائماً، لا شيء مستحيلا مع ابناء المدرب السويدي لارس لاغرباك. فمن كان يتوقع، أن يتغلب هذا المنتخب على هولندا وصيف مونديال 2010 في التصفيات ذهاباً وإياباً؟
اليوم، الأمل كبير في إيسلندا، الجزيرة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها نصف مليون نسمة، تأهلت مباشرة الى نهائيات البطولة ليكون ذلك أول ظهور لها في بطولة كبيرة، بعدما أوشكت على التأهل الى نهائيات كأس العالم 2014.
عامذاك، كان الإعداد والعمل لاصابة هذا الهدف، ولم يكن الحلم بعيد المنال، قبل أن تخسر ايسلندا على يد كرواتيا في إياب الملحق الأوروبي للتأهل للمونديال.
هذا بات من الماضي، أما الآن، فباتت إيسلندا، ولأول مرة في تاريخها، وقبل مباراتين من نهاية التصفيات، في يورو 2016، متأهلة الى الاستحقاق، وذلك بعد تعادلها أمام كازاخستان، ليرتفع رصيدها في المجموعة الأولى إلى 19 نقطة مناصفة مع تشيكيا.

يعتمد لاغرباك مع ايسلندا القساوة على حساب اللعب الجميل

ولهذا الإنجاز رموز، على رأسهم لاغرباك، الذي تسلّم هذه المهمة منذ عام 2007. مذ ذاك التاريخ والهدف واضح: التأهل الى بطولة رسمية. ولاغرباك معتاد هذا الامر، اذ كان قد قاد المنتخب السويدي للمشاركة في كأس اوروبا أعوام 2000 و 2004 و 2008 وكأس العالم عامي 2002 و 2006.
«ملك التصفيات» كما يلقب، يعتمد دائماً في طريقة لعبه على وسائل تكتيكية تقليدية، ويميل فيها الى الصرامة والقسوة على حساب اللعب الجميل. ولهذا، هو واقعي جداً في الإستفادة من موارده البشرية، القليلة نسبةً الى باقي منتخبات أوروبا. أساساً، لا تصح المقارنة بين إيسلندا وباقي المنتخبات، لا من حيث الموراد البشرية ولا النجوم ، ولا حتى عدد الجمهور. في المباراة ضد النروج قبل مباراتها المفصلية ضد كرواتيا عام 2014 حضر 1% من سكانها فقط.
على أبواب مرحلة مفصلية، تقف هذه الدولة الصغيرة، بلاعبَين محترفين فقط نسبة لزملائهم في المنتخب. لاعب نانت الفرنسي غيلفي سيغورسون، ولاعب بولتون ووندرز الإنكليزي إيدور غوديونسون، الهداف التاريخي للمنتخب بـ 25 هدفاً في 80 مباراة.
أما الباقون، فيلعبون في أندية متوسطة المستوى في النروج والسويد والدنمارك وإيسلندا، وآخرون يلعبون في دوري الدرجة الثانية الإنكليزية.
بهذه الأسماء المتواضعة، تغلبت ايسلندا على منافساتها الثلاث الكبيرات في المجموعة الأولى هولندا وتركيا وتشيكيا.
والطريقة التي اعتمد عليها المنتخب بإدارة لاغرباك هي الدفاع الذي يقوم على التكتل أمام المرمى والاعتماد على الهجمات المرتدة، والضغط على حامل الكرة، وما يساعدهم هو القوة البدنية للاعبي الـ» فايكينغ»، إضافة الى استغلال الركلات الثابتة ورميات التماس الطويلة.
بدأت إيسلندا التصفيات بفوز على ضيفتها تركيا بثلاثية نظيفة ثم بالنتيجة نفسها على مضيفتها لاتفيا، قبل أن تحقق المفاجأة وتفوز على هولندا 2-0، قبل أن تسقط أمام تشيكيا 2-1، ثم تفوز على كازاخستان 3-0، ومن ثم تثأر من تشيكيا، وبعدها كررت المفاجأة وحطمت الطاحونة على أرضها 1-0، وتعادلت سلباً مع كازاخستان.
لم يؤمن الكثير في السويد بلاغرباك في آخر مراحله هناك، لكنه حظي في إيسلندا بشعبية كبيرة تزداد مباراةً بعد أخرى.
كتيبة لاغرباك تكتب تاريخ المنتخب الفقير بوجود مقومات متواضعة، ويمرون حالياً بمرحلة عمل دؤوب لإثبات الذات من جديد بعدما وضع الحجر الأساس لمشوار بدأ للتو، وما زال أمامه طريق طويل.