قبل عامين، نجحت إدارة المحمية في الحصول على قرار من وزير البيئة السابق ناظم الخوري، يقضي بوقف عمل جميع الكسارات في المنطقة، البالغ عددها أربع كسارات، ونجحت بإلزام الأخيرة بإعادة تأهيل المحمية.إلا أن الأمر تغيّر مع وزير البيئة الحالي محمد المشنوق. منذ نحو سنة، وخلافاً لقانون المحمية، حصل المدعو ع. أ. على رخصة كسارة جديدة في منطقة ميس الجبل العقارية، يسمح لها بالعمل في المنطقة العازلة عند أطراف المحمية.

يشير الكتاب الموجه من إدارة المحمية إلى وزارة البيئة في 29/6/2014 إلى أن عمل الكسارة المذكورة «مخالف للترخيص ولقانون المحمية بعد أن أصبح عملها داخل حدود المحمية»، لافتاً إلى «وجود عدة كسارات تعمل في المحمية»، ومشيراً إلى «أن إدارة المحمية عاجزة عن منع الكسارات المرخص لها»، ما لم تتدخل الوزارة فوراً.
كذلك، تلفت الإدارة إلى أن «أحد أصحاب الكسارات الأخرى المتوقفة عن العمل، بسبب عدم تجديد الترخيص بناءً على قرار وزير البيئة السابق، استغل عدم ردّ الوزارة التأمين المالي العائد له، إلى حين قيامه بإعادة التأهيل، فعمد إلى استئناف عمله بنحو مخالف للقانون». الأمر لا يتوقف هنا، إذ منذ شهر فقط، فوجئت إدارة المحمية بلجوء صاحب كسارة متوقفة، المدعو أ. ن. إلى استئناف عمله من جديد داخل المحمية، بعد حصوله على ترخيص جديد، يسمح له بالعمل لمدة سنة كاملة.
يقول رئيس لجنة المحمية علي الزين إنه «منذ فترة ذهبنا مع النائب فياض إلى وزير البيئة وطالبنا بوقف كل الكسارات داخل المحمية، إلّا أننا فوجئنا بالدعم الكبير الذي يحظى به أصحاب الكسارات»، لافتاً إلى أن الترخيص «غير قانوني ويجب إبطاله بموجب دعوة قضائية إذا لم تعمد الوزارة إلى إلغاء الترخيص». ويضيف الزين: «كل البلديات المحيطة بالمحمية أجمعت على منع أي كسارة عن العمل»، مشيراً إلى أن منح التراخيص الجديدة منع القوى الأمنية من إيقاف الكسارتين عن العمل»، ومضيفاً: «ما يحصل اليوم من مخالفات يضعنا أمام مواجهة الأهالي الذين عبروا عن استيائهم من هذه المخالفات».

التراخيص الجديدة منعت القوى الأمنية من إيقاف الكسارتين

الجدير ذكره أنه بحسب قانون المحمية الصادر في 23/7/2010، فإن المخالفين يتعرّضون لعقوبات جزائية تصل إلى ستة أشهر حبس مع دفع غرامات مالية. وما حصل خلال السنوات الماضية أيضاً، هو حفر عدد كبير من الآبار الارتوازية داخل المحمية، ما أسهم في جفاف نبع وادي الحجير. ولم تفلح غزارة الأمطار، الشتاء الماضي، في حلّ مشكلة جفاف الحجير باكراً، الذي كانت مياهه تتدفق قبل سنوات وتستمر إلى نهاية فصل الصيف، بدليل وجود مطاحن الحجير السبع القديمة التي يعود تاريخها إلى أكثر من مئتي سنة، والتي كانت تستخدم طوال فصل الصيف لطحن إنتاج المنطقة من القمح، الأمر الذي أحبط آمال أصحاب المتنزهات العديدة الذين أعدوا أنفسهم جيداً لاستقبال صيف مربح.
جفاف النبع، هذا العام، قد يؤدي إلى حرمان 12 عائلة تعيش من منتزه أحمد عباس، الذي سارع إلى بناء حوض صغير للسباحة، مستغلّاً مجرى النهر الفارغ، وعمد إلى ملئه بالمياه، من إحدى الآبار الارتوازية.
يلوم عباس الجهات المعنية بحماية البيئة والسياحة لعدم منع انتشار الآبار الأرتوازية، لأن «عدد الآبار المحفورة حديثاً في وادي الحجير تزيد على 13 بئراً»، ويصر على أن «إحدى الآبار التي حُفرت في عام 2004 أدت إلى توقف مياه نبع الحجير الرئيسي، ما اضطرّ المعنيين إلى ردم جوف حفرة النهر بالباطون المسلّح».
يشكو رئيس الاتحاد علي الزين استمرار عمل كسارتين على طريق وادي الحجير، في المنطقة الواقعة بين بلدتي شقرا وميس الجبل، ولا سيما أن «هاتين الكسارتين تقعان قرب قلعة دوبيه الأثرية، وضمن نطاق محمية الحجير، التي يمنع قانونها إنشاء أي كسارة أو مقلع قريباً منها، فكيف إذا كان داخلها، وقريباً من أجمل منطقة خضراء جنوبية». يذكر أن وزارة البيئة خصّصت مبلغ 66 مليون ليرة سنوياً لدعم المحمية، وقدّرت مساهمتها المالية لعام 2013 للحفاظ على المحمية بـ 25700000 ل.ل. تُصرَف، بحسب الزين على «الموارد البشرية، من مدير المحمية وحرّاسها والتأمينات الصحية، والنفقات البيئية المتعلقة بإعداد الدراسات، وإعداد لوحات تعلن عن المحمية وتنظيم ورش عمل وغيرها». كذلك أعدّت «لجنة محمية وادي الحجير» خطّة تتعلّق «بإعداد مخطط توجيهي للحد من الحرائق، ومتابعة أعمال تطهير المحمية من القنابل العنقودية، وزيادة المساحات الخضراء، وتحديد الحدود الفعلية للمحمية»، إضافة إلى «الاستثمار السياحي البيئي للمحمية بالشكل الذي لا يؤثّر سلباً على مكوناتها الحيوية».