… و«انفخت» الدف بين نقولا الصحناوي وزياد عبس في الأشرفية. «الكوبل» الذي لطالما قدّم صورة استثنائية للعمل الحزبي داخل التيار الوطني الحر، أتت الانتخابات الرئاسية الداخلية لتنسفه. وزير الاتصالات السابق اختار أن يكون إلى جانب رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل، فعُين نائباً له، فيما اختار عبس، المرشح إلى الانتخابات النيابية، أن يكون في «المعارضة». حاول الرجلان المحافظة على صورتهما المشتركة والإيحاء بأن لا شيء يُفسد للودّ قضية، ولكنهما لم ينجحا. تظاهرة الرابع من أيلول التي نظمها «التيار» في ساحة الشهداء كانت آخر مناسبة يصل إليها «حصانا طروادة» الأشرفية سوياً.
«اليوم (السبت) نحنا من مكتب واحد… مكتب زياد عبس»، يقول أحد العاملين مع الناشط العوني، قبل أن يضيف أحدهم مازحاً: «صار زياد حالياً أعزب وهو يبحث عن couple جديد». المناسبة هي توزيع حقائب مدرسية وقرطاسية على طلاب الأشرفية في حديقة السيوفي. «بابا نويل» عبس الذي اعتلى والصحناوي سقف الباص الأحمر ليوزعا هدايا عيد الميلاد على طلاب المدارس في السابق، وصل وحيداً هذه المرة.
250 حقيبة مدرسية وُزعت بعد ظهر السبت لكل طالب حسب عُمره، «ولم يكن من الممكن توزيع أكثر بسبب الميزانية». على مدخل السيوفي وُضعت طاولة بلاستيكية، وتولت سبع نساء تسجيل أسماء الطلاب وإعطاءهم «البونات».

الأدوار قُسمت بعناية إلى حدّ بات التفريق بينهما صعباً

التسجيل الأولي للأسماء جرى في بحر الأسبوع وعبر الهاتف. رغم ذلك حضر نحو خمسين شخصاً إضافياً «ولم نردّ أحد خائباً»، يقول عبس. «المكرمة» خُصصت فقط لأبناء الأشرفية. تُخبر إحدى السوريات التي حضرت حتى «يتسلى الأولاد ويُشاهدوا مسرحية الأطفال»، كيف أنها حاولت الاتصال لتسجيل أسماء أبنائها، «ولم يردّ أحد علينا. حين قدمنا قالوا لنا إن الحقائب هي فقط للبنانيين».
يربط عبس بين سوق «أبو رخوصة» في ساحة رياض الصلح والمناسبة التي نظمها، «في الأشرفية أيضاً أناس من طبقات اجتماعية مُختلفة والطبقة الوسطى مُهددة بالاختفاء»، مشدداً على أن «المساحات الخضراء حلوة بناسها وبالمناسبات التي تُنظم فيها».
نقاشات «التيار» لم تغب عن الاحتفال. الأشرفية التي ظلت لفترة طويلة عصية على الانقسامات الداخلية تبدو على وشك الدخول في معمعتها. يتردد بين مؤيدي عبس أن الصحناوي ينوي تشكيل لائحة في انتخابات التيار ضدّ الأول، وأنه طلب لقاء الناشطين وحثهم على حسم موقفهم: معه أو مع عبس؟
«ثنائية» صحناوي ــــ عبس ظهرت عام 2008 حين كان الثاني ناشطاً في الماكينة الانتخابية التي عملت للواء عصام أبو جمرا والصحناوي. ترافقا وتقاسما الأدوار بما يصبّ في مصلحة ارتفاع أسهم «التيار»: الوزير ينشط على وسائل التواصل الاجتماعي مستفيداً من موقعه الوزاري، و«المناضل» العوني يتواصل مع الحزبيين ويُفعّل عمل مكتب الخدمات. الأدوار قُسمت بعناية إلى حدّ بات التفريق بينهما صعباً. يبدو عبس راغباً في الحفاظ على شعرة معاوية مع رفيقه. يختار تعابيره بديبلوماسية: «لم نختلف. ولكن نقولا كان مُسافراً وهو كان مشغولاً بالإعداد لحفلة تنصيب باسيل». إلا أن ذلك لا يترك مجالاً للشك في أن العلاقة بين «الديو» لم تعد كما كانت في السابق. عبس الذي كان يهتم بأدق تفاصيل المناسبات التي يُنظمها ويُصر على أن يحضر إليها كتفاً بكتف مع الصحناوي، لم يعد مُحرجاً من احتكار كادر الصورة. توزيع الحقائب هو الحلقة الأولى في سلسلة النشاطات التي سيقوم بها وحيداً. المناسبة الثانية هي تنظيم يوم للفحوصات الطبية الشهر المقبل، في انتظار أن يعتلي «بوسطة» ثانية في عيد الميلاد. ويبقى الحدث الأبرز الذي سيُحدد قدرة كلّ منهما هو انتخابات المجالس المحلية، في ظل حديث عن إمكانية الاستغناء عنها.