نيويورك | اجرى رئيس الحكومة تمام سلام، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، في اليومين المنصرمين، سلسلة لقاءات على هامش انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة، عشية افتتاح اعمالها اليوم، شملت الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيسة وزراء النروج ايرنا سولسبرغ وممثلة الاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديركا موغيريني ووكيل الامين العام للامم المتحدة وموفده الشخصي تيري رود لارسن، على ان يلتقي مساء بالتوقيت المحلي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والرئيس الايراني حسن روحاني غدا.
في حصيلة مشاورات الساعات الماضية والمواقف التي سمعها سلام من المسؤولين الكبار الذين اجتمع بهم، ابرز مصدر واسع الاطلاع في الوفد الرسمي الملاحظات الآتية:
1 ــــ استخلص سلام مما قاله ملك الاردن عبدالله الثاني انه يقارب موقفه من تنظيم «داعش» على انه اصبح «امرا واقعا، ومن المتعذر بعد اليوم انكاره وتجاهله، بل بات مستقرا في المنطقة»، ما يحمله على بناء استراتيجية تحمي المملكة من هذا التنظيم الذي اضحى «لا مفر منه وليس مسألة خاطفة ستختفي بين ليلة واخرى. علينا تكييف انفسنا معه»، اضف ان الحرب السورية مستمرة «من غير ان يعرف احد الى متى؟ بات علينا التفكير في حماية انفسنا من الواقع الذي فرض علينا». وتناول الحديث مع الملك ايضا عبء النزوح السوري وسبل التنسيق لمعالجته، والتعاون مع البنك الدولي في هذا النطاق.
2 ــــ وجود معطيات ومناخ مختلف لدى الاميركيين والاوروبيين على السواء افصح عنه تدفق النازحين السوريين على اوروبا، ما اشعرهم للمرة الاولى لسنوات طويلة خلت ان النزاعات القائمة في المنطقة باتت مرتبطة بمصالحهم المباشرة. وهو ما سبق ان ابلغه لبنان الى الفرنسيين والالمان والاوروبيين الآخرين بضرورة استشعار عبء الخطر الذي سيصل الى اراضيهم، ما لم يسارعوا الى استيعاب نزاعات المنطقة وايجاد الحلول اللازمة لها.

الملك عبدالله: داعش
صار امرا واقعا في المنطقة وليس مسألة خاطفة


3 ــــ ابلغت موغيريني سلام ان الاتحاد الاوروبي في صدد اتخاذ «قرار مهم» هو زيادة المساعدات المالية، خصوصا للدول الحاضنة للنزوح السوري، الى قرار آخر لا يقل اهمية هو عزم الاتحاد الاوروبي على الاضطلاع بـ «دور سياسي اكبر لحل مشكلات المنطقة، وخصوصا الحرب السورية». وتبعا لما لمسه سلام، فإن في وسع دول الاتحاد فرادى ومجتمعة التأثير على ايران من خلال دورها في تنشيط اقتصادها الراكد لعقود طويلة تحت وطأة العقوبات المفروضة عليها. يريد الاوروبيون، غير القادرين على التأثير السياسي المباشر والفاعل، دورا مجديا في ما تحتاج اليه طهران وهو بعث الروح في اقتصادها، بغية الوصول الى الدور السياسي المتوخى. وهو ما باشرته المانيا على المستوى التجاري، وتتحضر له فرنسا من خلال زيارة محتملة لوزير الخارجية لوران فابيوس لطهران مصطحبا معه ممثلي قرابة 50 من الشركات الفرنسية العملاقة. الامر الذي من شأنه حمل ايران على عدم ادارة الظهر للمبادرات السياسية للاتحاد الاوروبي.
4 ــــ اعلمت موغيريني سلام ان الاتحاد يعتزم تقديم مساعدات عسكرية للبنان. وهي سابقة لدى دوله التي تقرر في الغالب منفردة طريقة تقديم مساعدات عسكرية الى بلد من خلال محادثات ثنائية. الا انه مؤشر عكَسَ قلق اوروبا على استقرار لبنان الذي هو مثار اهتمامها وتشديدها على ضرورة تعزيز قدرات الجيش على ضبط حدوده ومراقبتها.
5 ــــ تناولت المسؤولة الاوروبية انتخابات رئاسة الجمهورية، من غير ان تكون لديها افكار او اقتراحات محددة سوى ان لا حلحلة للاستحقاق الا بلقاء سعودي ــــ ايراني. على ان الاتحاد الاوروبي يعوّل على دور سياسي يريد القيام به في هذا الصدد، في اجتماع بين دوله وايران، وآخر بين دوله والموفد الاممي الى سوريا ستيفان دوميستورا لمناقشة اقتراحاته للتسوية السورية. استنتج الوفد الرسمي من حديث موغيريني وجود علاقة مباشرة بين الحرب السورية واستمرار الازمة اللبنانية، وترابط الحلول بين كل منهما. وبحسب ما لمسه فإن الاوروبيين يتعاملون بـ»واقعية» مع الحرب السورية في ظل وجود دولتين متصلبتين حيال التسوية والمرحلة الانتقالية في سوريا، هما تركيا والسعودية اللتان ترفضان البحث في اي دور للرئيس بشار الاسد في المرحلة الانتقالية او وجوده ابانها. لكن الاوروبيين يعون ان التسوية السورية هي «مفتاح الولوج» الى الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
6 ــــ اشادت رئيسة وزراء النروج بالدور الذي يضطلع به لبنان حيال النازحين السوريين وقدّرته، وقالت ان بلادها مفجوعة بما يجري في سوريا، الا ان «من غير الاخلاقي ترك لبنان وحده في هذا الخضم يواجه النزوح واعباءه منفردا». واظهرت اهتمام بلادها بالتحضير لمؤتمر دولي يكون مثابة صندوق مالي لجمع المساعدات على غرار مؤتمر الكويت للمانحين. واكد سلام لسولسبرغ ان ما يطلبه لبنان على صعيد معالجة النزوح السوري ليس المساعدات المالية والانسانية فحسب، على اهميتها اذ تتبخر للفور، بل توفير مساعدات لمشاريع انمائية بغية ايجاد حلول لمشكلات نجمت عن النزوح، منها البطالة.