بحرقة الوالد المصدوم يضع راضي مشيك يده فوق رأس ابنه الممدد في السرير، بإحدى غرف العناية الفائقة في مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس ـ بعلبك. ابن السبعة أعوام دخل منذ اسبوع مرحلة «الموت السريري»، يقول الوالد بأسى، «بدنا معجزة حتى يعيش حسين»، لكن، ما الذي حصل مع حسين، صغير العائلة، حتى بات بهذه الحالة؟
يروي مشيك انه بتاريخ 21 أيلول أصيب حسين بطلق ناري في قدمه اليسرى عن طريق الخطأ من بندقية صيد، ونُقل «بكامل وعيه» إلى مستشفى دار الأمل الجامعي. كشف على الطفل الطبيب و.خ.د، والمسؤول عن آلة السكانر، اللذان أكدا أن «الخردق لم يقطع أي أعصاب أو أوردة وشرايين، بل هناك أضرار في العظام فقط، ولا بد من إجراء عملية جراحية لعظم أعلى الركبة».
تحدث الطفل مشيك إلى عناصر مخفر الطيبة من اجل الإستماع لإفادته حول ملابسات إصابته قبل أن ينقل الى غرفة العمليات ليخضع بحسب الوالد لـ»بنج عام على يد الطبيب السوري ق». يقول الوالد انه «بعد ساعتين خرج الطبيب و.خ.د ليعلمنا أنه انجز عمله بنجاح، لكنه اكتشف أن أحد الشرايين «مقطوع»، ولا بد من استدعاء الطبيب ع. ع، الاختصاصي في جراحة الشرايين». مرت ساعتان والطفل لا يزال في غرفة العمليات تحت تأثير البنج العام، إلى أن حضر الطبيب وباشر عمله الجراحي، لينتهي قرابة الساعة الواحدة منتصف الليل، «ويطمئننا إلى أن العملية تكللت بالنجاح».
إنتظر الأهل أن يستيقظ حسين لكنّ هذا لم يحصل. أُجريت صورة سكانر للطفل وتبين أنه أصيب بجلطة دماغية وبأن ثمة منطقة ميتة في الدماغ. يقول الوالد أنه أبلغ أنّ «ما حصل هو نتيجة ارتفاع في معدل السكر في جسم حسين» ما دفعه الى طرح تساؤلين: هل البنج الذي تلقاه الطفل على دفعتين بسبب تأخّر طبيب الشرايين هو الذي أدى الى الموت السريري؟ ولماذا هناك طبيب بنج يعمل من دون رخصة قانونية ويوقع عنه طبيب بنج وإنعاش آخر؟
تصر العائلة على وجود «شبهة خطأ طبي واهمال» أدى لحصول الموت السريري لذلك تقدمت بدعوى قضائية أمام النيابة العامة. يقول المختار محمد مشيك انه قُدمت دعوى «قتل» بحق المدعى عليهم في كل من مستشفى دار الأمل الجامعي والأطباء و.خ.د، وع.ع، وطبيب البنج السوري ق، والمسؤول عن قسم الأشعة سكانر في المستشفى، «لكونهم ارتكبوا جريمة قتل، إما عن قصد وإما عن طريق الخطأ والإهمال»، شارحاً أن تصريحاتهم بداية أكدت عدم وجود أي تمزق في الشرايين ما يطرح برأيه عدة احتمالات طُرحت في الدعوى المقدمة: إما ان الشريان لم يكن ممزقا ومزّق خلال العملية، أو حصل إهمال وتأخّر الطبيب الثاني في الحضور للعملية، أو أنّ طبيب البنج أعطى الطفل جرعتين من البنج العمومي أدتا إلى موته سريريا وتوقف دماغه عن العمل.
يوضح الدكتور علي علام، المدير العام لمستشفى دار الأمل الجامعي، في حديث لـ»الأخبار» أن المستشفى «يحترم القوانين الطبية والإستشفائية»، وأنه تحت سقف القانون والقضاء، «وطالما تقدم أهل الطفل بدعوى قضائية بحقنا، فلتسلك الأمور مجراها القضائي بغية إظهار الحقيقة».
عائلة الطفل مشيك استدعت الطبيب الشرعي نعمة الملاح بعد يوم واحد على اجراء العملية الجراحية، فاوضح في تقريره أن «المعايير الطبية والجراحية في إصابات أسلحة الصيد تفرض استدعاء جرّاح شرايين للبدء بالعمل الجراحي، وترميم ما نتج من الإصابة للحفاظ على الدورة الدموية ومن ثم معالجة الكسور، ونتيجة هذا الأمر بقي الطفل تحت البنج مدة أطول». الملاح اكد لـ»الأخبار» أن الطفل «تعرض لانتكاسة خطرة ودخل غيبوبة عميقة، مع موت دماغي، وأنه في أقصى حالات الخطر وعدم وجود أمل بالشفاء بالمطلق»، مشدداً على أن إصابته «قد تكون ناتجة عن احتمالات عديدة، ولا يمكن التشخيص إلا بإجراء تشريح للجثة بعد الوفاة لتحديد السبب الفعلي لما حصل».