أعلن أمس مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) حظر التعامل وتجميد حسابات رجل الأعمال اللبناني مرعي أبو مرعي وزوجته هويدا ناصر الدين وابنه عاطف أبو مرعي وابنته هنا أبو مرعي (تحمل الجنسية الألمانية) وابن اخته أحمد البزري، إضافة إلى وجدي يوسف نصر، و11 شركة مملوكة من أبو مرعي مباشرة. والاتهامات الموجّهة إلى هؤلاء، والتي تستدعي إدراجهم على لائحة «أوفاك»، تندرج في إطار عمليات تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات.
وبحسب الملخّص الذي وزّعه مكتب «أوفاك»، فإن أبو مرعي والأشخاص الخمسة المذكورين استعملوا مجموعة شركات أبو مرعي في لبنان والخارج لتقديم الدعم لشبكة أيمن جمعة الذي اتهمته الإدارة الأميركية مع حسن محمود عيّاش بالاتجار بالمخدرات وتبييض أموال حزب الله. يومها قاد اتهام شبكة أيمن جمعة إلى اتهام ثان أدّى إلى سقوط البنك اللبناني الكندي بتهمة تبييض أموال جمعة وحزب الله.
ويملك أبو مرعي، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية، مجموعة شركات في لبنان وأفريقيا وألمانيا، هي: «مجموعة أبو مرعي» ومقرّها بيروت، مركز التجزئة «لو مول ــ صيدا»، «مؤسسة أبو مرعي الخيرية» ومقرّها صيدا، «أبو مرعي كروزس» ومقرّها بيروت، «محطات كوين»، وهي محطات وقود مقرّها صيدا، «أورينت كوين هومز»، وهي شركة للتطوير العقاري مقرّها بيروت، خطوط أبو مرعي البحرية والتي تملك خمس سفن للشحن البحري مسجّلة في باناما وليبريا ومالطا (City of Antwerp, City of Lutece, City of Misurata, City of Tokyo, and Orient Queen II.)، وشركة رحلات سفر بحرية.
أما الشركات التابعة، فهي: «أبو مرعي كوتونو» ومقرّها بنين، «أبو مرعي نيجيريا» ومقرّها نيجيريا، «أبو مرعي هامبورغ» ومقرّها ألمانيا، وشركة «سنتر لبنان»، وهي عبارة عن مركز تسوّق في الأردن.
وتقول وزارة الخزانة الأميركية إن سفن أبو مرعي كانت تشحن السيارات لحساب جمعة. «ويدير مرعي أبو مرعي أعمال الشحن البحري على نطاق واسع، وهي تتيح لشبكة جمعة تبييض الأموال غير المشروعة وتهريب المخدرات»، يقول الناطق باسم مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية جون سميث. ويضيف: «شبكة جمعة الإجرامية هي شبكة تبييض أموال واسعة النطاق في العالم، وقد استفاد من نشاطاتها حزب الله. الخطوة تعكس التزام وزارة الخزانة بمكافحة هذه الشبكات المبنية على عمليات تبييض الأموال ومنع وصولها إلى النظام المالي العالمي».
إذاً، «كل أصول الأفراد والكيانات المذكورة جمّدت تحت سلطة الولايات المتحدة، ويمنع على الأشخاص الأميركيين عموماً الانخراط في معاملات معهم»، وفق بيان وزارة الخزانة الأميركية. ويضيف أن مكتب مراقبة الاصول الخارجية ينسّق بصورة وثيقة مع إدارة مكافحة المخدرات والجمارك وحماية الحدود لتنفيذ هذه الخطوة، مذكّراً بأن إدراج جمعة على لائحة «أوفاك» جرى في 26 حزيران 2011.

كل أصول الأفراد والكيانات المذكورة جمّدت تحت سلطة الولايات المتحدة

وتم اتهام جمعة بالتورط في شحن نحو 85 طناً من الكوكايين وتبييض أموال تزيد قيمتها على 250 مليون دولار ناتجة من تجارة المخدرات. وقد سبق هذا الاتهام إدراج البنك اللبناني الكندي على لائحة أوفاك في 10 شباط 2011 «كمؤسسة مالية تقوم بأعمال تبييض الأموال وفقاً للمادة 311 من قانونUSA PATRIOT، وذلك بسبب دور هذا المصرف في تسهيل نشاطات تبييض أموال تجارة المخدرات، وخصوصاً تلك الناتجة من شبكة أيمن جمعة اللبنانية وصلاتها بحزب الله».
أبو مرعي رفض «الرواية الأميركية»، وقال أمام زواره أمس، إنه كان يتعرّض للابتزاز في الفترة الماضية من قبل أشخاص على صلة بشريكه السابق المدرج على اللائحة الأميركية السوداء، إذ كانوا يطالبونه بدفع مبالغ مالية من أجل عدم توريطه مع شبكة أيمن جمعة، وإن هؤلاء الاشخاص طلبوا منه تسديد 500 ألف دولار للسكوت. ويشير أبو مرعي إلى أنه لم يكن يتفاوض مع هؤلاء لأنه شبه مفلس وعليه ديون أبرزها 32 مليون دولار لأحد المصارف، وتترتب عليه فوائد سنوية بقيمة 3 ملايين دولار، أما الضمانة المقدّمة لهذا الدين فهي مبنى الـ«لو مول ــ صيدا» وإيرادات هذا المبنى لا تزيد على 600 ألف دولار (إيجار لأشخاص من آل الأسدي يديرون المركز التجاري) سنوياً ضمن عقد موقع لمدّة عشر سنوات.
كذلك، تتضمن رواية أبو مرعي أن الابتزاز لم يتوقف، وخصوصاً بعد اليأس من موضوع الأموال، فتلقى اتصالات من جهات أميركية تطلب منه «التعاون»، لكنه رفض أن يتحوّل إلى عميل! وقال أبو مرعي أمام المستفسرين عن القرار الأميركي الآتي: «ليس من المعقول أن يشتري أي شخص المخدرات من أميركا حيث هي باهظة الثمن، ويهرّبها بالسيارات إلى أفريقيا حيث القدرة الشرائية متدنية جداً...».
ورغم أن هذه الرواية تبقى على ذمّة الراوين، إلا أنها تتضمن بعض الحقائق عن شبه إفلاس أبو مرعي، وعن أوضاعه المزرية التي وصلت به إلى حدّ بيع حصّته التي يملكها في انتركونتيننتال بنك (IBL) لتسديد دين عليه بقيمة 48 مليون دولار لمصلحة «الاعتماد المصرفي». ففي ذلك الوقت باع أبو مرعي عقارات بقيمة تصل إلى 20 مليون دولار من أجل سداد قسم آخر من الديون، لكنه لم يتمكن من مجاراة فوائد الديون التي حصل عليها من «الاعتماد المصرفي» بضمانة 10.83% من الأسهم التي يملكها في «انتركونتيننتال بنك»، فاضطر إلى التخلّي عن الاسهم استيفاءً للدين، علماً بأن السوق يتداول تخمين هذه الأسهم بأعلى من قيمتها السوقية.