ركزت الجمعيات البيئية خلال نقدها للخطة الحكومية على مجموعة من البنود التقنية، ابرزها مسألة تكريس الفرز من المصدر خلال المرحلة الانتقالية، ما يعني امكانية استرداد ٩٠ بالمئة من النفايات، وخرجت باستنتاجات مفرطة في التفاؤل بان المرحلة الانتقالية لا تحتاج الى مطامر.
ان تكريس مبدا الفرز من المصدر ضمن المرحلة الانتقالية هو حاجة وطنية وضرورة تقنية لضمان استرداد اكبر نسبة من النفايات بدل طمرها. ولذلك اوصت لجنة الخبراء بالتعميم على البلديات ضرورة البدء باعمال الفرز من المصدر بالتزامن مع انطلاق المرحلة الانتقالية، وتثبيت اعمال الفرز من المصدر وتصويبه وترشيده في نطاق البلديات التي اتخذت مبادرات طوعية واحياناً ارتجالية في هذا الشأن، لكن النقاشات التقنية افضت الى ان اقصى درجات الانتظام باعمال الفرز من المصدر لن تؤدي في المرحلة الانتقالية الى تحقيق نسبة فرز من المصدر اعلى من ١٠ بالمئة، وبناء عليه فان ارتكاز مقترحات الجمعيات البيئية على معادلة تقول ان اعمال الفرز من المصدر ستحقق نسب تتجاوز ٩٠ بالمئة في المرحلة الانتقالية، يفوق توقعات جميع الخبراء المحليّين والدوليين، وابرزهم الاستشاري الالماني «فتشنر» الذي تحفظ اثناء دراسته للعروض المقدمة خلال المناقصات التي الغيت قبل شهر، على قدرة المتعهدين على الوصول الى نسبة استرداد تصل الى ٧٥ بالمئة خلال السنوات المقبلة، والتي تضاهي ما جرى التوصل اليه في اقتصادات صناعية متقدمة بالاستناد الى التقرير الصادر عن الوكالة البيئية الاوروبية عام ٢٠١٣.
احتساب كمية المواد القابلة لاعادة التدوير التي يمكن استردادها يبدأ مع الشركات التي تجمع النفايات من مصدرها (مدارس، مكاتب، شركات، مصانع، منازل)، اضافة الى الدور الذي يؤديه الجماعون من خلال جمع وانتشال المواد القابلة لاعادة التدوير من الحاويات. وتقدر النسبة الاجمالية للمواد القابلة لاعادة التدوير التي ينتشلها الجماعون قبل وصول الشركات المكلفة اعمال الجمع بحوالي ٥ بالمئة في المرحلة الحالية، واذا اضفنا هذه النسبة الى النسبة المتأتية عن اعمال الفرز المركزي يمكن الوصول الى ما نسبته ١٥ بالمئة من استرداد المواد القابلة لاعادة التدوير في المرحلة الانتقالية.

لن تحقق المرحلة الانتقالية نسبة فرز من المصدر اعلى
من ١٠ في المئة

ماذا عن تسبيخ المواد العضوية؟ ان نجاح اعمال التسبيخ يحتم اقتصار المواد الاولية على نفايات عضوية خضراء مفرزة من المصدر وذلك للحصول على درجة سباخ (أ) صالحة للاستخدام الزراعي، وهو ما جرت التوصية بشانه في المرحلة الانتقالية، وامكانية تطبيقه واردة من خلال الجمع من المصدر للكميات الناتجة عن اسواق الخضر، التي يمكن نقلها الى معمل التخمير اللاهوائي في صيدا، وهي خطوة لا تزال تربط بقبول الشركة المشغلة تنفيذ هذه العملية مجاناً مقابل طمر المرفوضات الناتجة من المعمل في مطامر صحية، كما قدم احد اصحاب الاراضي في عمّيق اقتراحاً لاستخدام هذه المواد العضوية لاغراض زراعية، ولا يزال هذا العرض موضع درس. اما في ما يتعلق بمعمل الكورال، فان التقييم الحالي لواقع المعمل واكلافه الباهظة وغير المجدية حتم التوصية بوقفه عن العمل الى حين تاهيله.
وفي مطلق الاحوال تجاهل منتقدو الخطة الحكومية الاشارة الى ان السبب الرئيسي لانتاج سباخ سيئ النوعية ينتج من اختلاط المواد العضوية الخضراء مع مواد عضوية اخرى تحتاج الى انواع اخرى من المعالجة (تحويلها الى وقود بديل) وهو ما يحتم بناء مصانع جديدة يفترض ان يجري استثمارها من قبل البلديات، ومن ضمن المنطقة الخدماتية التي سيجري الاتفاق عليها، وهو ما سيتضح في غضون اربعة اشهر من بدء تنفيذ الخطة.
وفي المحصّلة فإن القول إن اعمال الفرز الاولي من المصدر والثانوي في معامل الفرز القائمة ومن ثم اعمال التسبيخ يمكن ان تؤدي ضمن المرحلة الانتقالية الى التخلص النهائي من النفايات خارج المطامر، هو كلام غير مثبت من الناحية التقنية، لان نسبة الاسترداد لن تتجاوز في مطلق الاحوال في هذه المرحلة ٢٠ بالمئة، وبقدر التعجيل في بناء معامل معالجة جديدة ومراكز تسبيخ للنفايات العضوية الخضراء ضمن المناطق الخدماتية الجديدة، بقدر انتفاء الحاجة الى طمر كميات كبيرة.



موقع المصنع: مناظرة هيدرولوجية لم تستكمل

لم يكن اهالي مجدل عنجر ينتظرون عرضاً تقنياً حول مصادر المياه الجوفية التي تغذي ينابيع المنطقة، والاثر المحتمل لخيار انشاء مطمر للنفايات على هذه المصادر. رئيس بلدية سامي العجمي، نعى المطمر الحدودي سلفاً «لمطمر الصحي ذهب خالص، لكن نحن عندنا الماس تحت الارض». استمع نواب المنطقة الى هذا التصريح وسط صمت مطبق، اما مفتي البقاع الشيخ خليل الميس فعمل جاهداً على احتواء مداخلات نارية رافضة للتحاور مع اللجنة الفنية التي كلفت الانتقال الى مجدل عنجر لعرض المشروع، لذلك لم يكن ازهر البقاع المكان الافضل لفتح جلسة نقاش علمية، وعرض نتائج المسح الذي اجراه مكتب رفيق الخوري وشركاه، الذي بين أن الموقع المقترح لانشاء المطمر يقع على الطبقة الوسطى، وهي الطبقة التي يسمونها c4b وهي طبقة مارلية كتيمة، لا علاقة لها بالانتقال الجوفي بينها وبين الطبقات الكلسية التي تغذي شمسين وعنجر، وهذا واضح بالخرائط والمقطع الجيولوجي». في المقابل قدم الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي الذي كلفه الاهالي المعترضون مداخلة شرح فيها وجهة نظره الرافضة لاقامة اي سد او مطمر في السلسلة الشرقية، ليخلص الى ان المنطقة بمجملها «مخازن جوفية كارستية غير مانعة للنفاذ». كانت مداخلة الزعاطيطي اشارة كافية للمعترضين لتعطيل اي نقاش، كما رفضت توصية بعقد جلسة يشارك فيها عدد أكبر من الخبراء المختصين في قضايا المياه لحسم الجدل بشأن الموقع المقترح.