يقف عدد من موظفي معمل الجية الحراري في الداخل يواكبون الحراك في الخارج. يقول لهم أحد المعتصمين: «شايفينكم كيف عم ترموا الفيول بالبحر». يبادرهم آخر بطلب بسيط «بدنا ياكم معنا... خصمنا واحد». يبتسمون. دقائق وينكسر الحاجز بين الطرفين. يتحمس أحد الموظفين للكلام فيهمس: «بشربونا حليب من شان ما يصير معنا سرطان، مفتكرين إنو الحليب بيشفي من السرطان». يمازح معتصم الموظفين: «ما تقوموا تقطعوا الكهربا عنّا الليلة».
اعتصام مجموعة #بدنا_نحاسب أمام المعمل لم يكن حاشداً، إلاّ أنّ ما ميّز هذه المحطة الجديدة في بنك أهداف المجموعة كان تزويد المواطنين بمعطيات عن مكامن الهدر والفساد في قطاع الكهرباء عموماً والمعمل خصوصاً. وقد نالت السلطة نصيبها من شتائم المشاركين الذين هتفوا: «وينن وينن الكهربجية ببيروت وبالجية، شركة كهربا لبنان سرقة عالمقطوعية، فساد ومحسوبية وشبيحة وبلطجية هون بمعمل الجية، دولتنا دولة حراميي من الزهراني للجية».
المجموعة أعدّت للغاية ملصقاً وزّعته على المعتصمين والسيارات العابرة. المحامي واصف الحركة فنّد للمشاركين المعطيات شارحاً «أنّ معمل الجية الذي يحرم أهل المنطقة من الكهرباء يزوّد معمل سبلين الأكثر ضرراً بالكهرباء 24/24 ، بقوة 12 ميغاوات». في المقابل، أوضح أنّ المعمل قديم ولم يجر تحديثه منذ إنشائه عام 1956، وحراقات المجموعات يفوق عمرها 40 سنة، وما ينتجه هو 90 ميغاوات بينما هو مجهز لإنتاج 150 ميغاوات. على مستوى الهدر، قال إن «الدولة دفّعتنا 400 مليون دولار بدل إيجار بواخر استعانت بها السلطة، بصورة مؤقتة، لتنفيذ خطة الكهرباء، فتحوّل المؤقت إلى دائم، كذلك فإنها وعدتنا بخطة إنشاء معامل إنتاج جديدة في الجية والذوق خلال خمس سنوات تبدأ من عام 2010 مع وعد بتغذية 24 ساعة كهرباء، انتهت المدة والتغذية إلى تراجع ولبنان متجه إلى الظلام».
السلطة وضعت، بحسب الحركة، موازنة مليار ومئتي مليون دولار لإنشاء المعامل، فصرفت ثلث الموازنة، أي 400 مليون دولار، على البواخر ولم تنشئ المعامل، في وقت لا تتجاوز فيه كلفة تحديث معمل الجية 250 مليون دولار. كذلك تأخرت الدولة عن دفع مستحقات المرحلة المنتهية من المعمل الجديد الذي باشرت إنشاءه عبر الشركة الدنمركية، فدفعت غرامة بقيمة 40 مليون يورو.
هو معمل للسرطان وليس معملاً للكهرباء، كما قال، مشيراً إلى أن التلوث تخطّى المعدل الطبيعي الذي حددته منظمة الصحة العالمية بأشواط، كذلك ساهم في زيادة أمراض السرطان والربو والالتهابات الرئوية لأبناء المنطقة المحيطة بالمعمل.
اللافت ما قاله لجهة أن الدولة تستورد نوعين من الفيول: نوع جيد للباخرتين التركيتين وآخر رديء لمعامل الكهرباء، وهو يسبب تلوثاً كبيراً، وقد استعمل هذا الفيول الرديء مرة في الباخرة الواقفة في الجية، ما أدى إلى توقفها.
الحركة الذي طالب بإعطاء الكهرباء مجاناً 24 ساعة لأهالي المنطقة المحيطة بالمعمل، اقترح حلولاً علمية لمعالجة الأزمة. دعا أولاً إلى تنفيذ خطة تحديث وتطوير معمل الجية وزيادة قوته الانتاجية، ثم أكد أهمية وضع فلاتر بمواصفات عالية الجودة واستخدام نوعية فيول جيدة مطابقة للمواصفات العالمية واستخدام OXYGENE METERS لقياس نسبة الأوكسيجين في الدخان الصادر عن المعمل واستعمال OPACEMETERS) ( لقياس كثافة الدخان المتصاعد لضبط عملية الحريق. ولفت إلى ضرورة تجهيز مجموعات الانتاج في المعمل بوحدات معالجة تضخ مواد إضافية على مادة الفيول من أجل خفض الانبعاثات (بلغت نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة لعام 2014 نحو7261 جيغا غرام من مخلفات ثاني أوكسيد الكربون). ومن الاقتراحات إقامة صيانة دورية ومستمرة لمعدات الانتاج واستبدال غير الصالح منها وتعيين لجنة خبراء بيئيين وأطباء لدراسة أثر التلوث على صحة عموم أهالي البلدات المجاورة.
سليم حميّة تحدث باسم أهالي برجا فقال إننا «لسنا بقراً أو غنماً في حظيرة أحد، جئنا عمالاً ومهندسين وأساتذة وطلاباً لا نمثل لوناً ولا مذهباً ولا فئة نطالب بحق ولا نطلب صدقة. نحن هنا وسنكون هنا في كل لحظة، إذا لم تعطونا حقوقنا».
أجود العياش، عضو حملة إقفال مطمر الناعمة، كان هنا أيضاً ليقول: «لن تقتلونا بسمومكم، لن نسمح لكم بسرقة أموالنا»، متوجهاً إلى النائب وليد جنبلاط بالقول: «كان عليك أن تضع الفلتر أو أن تقفل الخط الثاني من معمل سلبين بدلاً من أن تسمّم أهلنا».