لم يعد الخلاف حول نفاذ قانون الايجارات الجديد، مقتصرا على النزاع «المستعر» بين المستأجرين القدامى ومالكي الابنية المؤجرة. فالإشكالية التي رافقت القانون منذ صدوره في ايار عام 2014، طاولت القضاء الذي بات محكوما باجتهادات القضاة المتباينة، ما أدى الى احكام قضائية متناقضة تستند الى قانونين مختلفين: قانون 160/92 القديم وقانون الايجارات الجديد، وهو ما يمس «الامن القضائي» وفق ما صرح به مرة رئيس مجلس القضاء الاعلى، وبالتالي المسّ بالمساواة بين المواطنين الذين ما عادوا يعرفون على اساس اي قانون يجري التقاضي. أمس، استأنف المستأجرون القدامى تحركاتهم الاحتجاجية ضد «القانون التهجيري»، وسعيا للمطالبة بـ «وقف الأحكام الاستنسابية وعدم الاعتداء على منازل المستأجرين»، وذلك عبر اعتصام نفذوه امام وزارة العدل عند الساعة الخامسة والنصف ظهرا.اختيار وزارة العدل كمكان للاحتجاج أمامه يعود، الى مطالبة الوزير اشرف ريفي بـ «ايفاء وعده المتمثل بالغاء قرار النائب العام التمييزي القاضي سمير حمّود (الصورة) ووقف العمل به»، وكان القاضي حمّود قد أصدر في 17/2/2015قرارا يطلب فيه من قوى الأمن الداخلي تأمين المؤازرة للخبراء المكلفين من قبل مالكي العقارات والأبنية المؤجرة، لدخول المساكن من دون رضى ساكنيها، ومن دون قرارات قضائية، وذلك بهدف إجراء عمليات تخمين المآجير لتحديد بدل الإيجار وفقاً لأحكام قانون الإيجارات الجديد، وهو ما عده المستأجرون تصريح بـ «الاعتداء على منازل المستأجرين».

كذلك أراد المستأجرون تذكير ريفي برأي هيئة التشريع والاستشارات التي رأت ان ابطال المجلس الدستوري لمواد اساسية في القانون جعلته غير قابل للتطبيق.
في ما خص الاحكام القضائية المتناقضة، فللمستأجرين «عتب» على مجلس القضاء الأعلى الذي يتيح الاستنساب في اصدار الاحكام، والذي لم يتخذ قرارات صارمة في ما خص «التناقضات والمخالفات التي وردت في الاحكام التي صدرت عن بعض القضاة بشأن دعاوى اخلاء أقامها مالكون منذ سنوات، وبعضها صدرت بها احكام سابقة بموجب القانون 160\92، قبل اقرار القانون ونشره في الجريدة الرسمية»، مشيرين الى ان «الاحكام الصادرة تطرح الكثير من الاسئلة والتساؤلات بشأن الانحياز الفاضح لمصلحة الملاكين والاستخفاف بحقوق المستأجرين عبر اعتبار مواد نافذة واخرى مؤجلة، الى جانب الاختلاف في الاحكام بين قاض وآخر رغم تشابه الدعاوى، الامر الذي يمثل فضحية برسم القضاء والعدالة ويسيء اليهما وبات مصدر تساؤلات حول نزاهة بعض القضاة» .
من هنا، كانت الدعوى الى وقف الاحكام الاستنسابية والعودة عن الاحكام التي صدرت وانتظار ما سيقرره مجلس النواب بشأن القانون كي لا تمثل الاحكام مصدراً إضافياً للنزاعات والخلافات بين المالكين والمستأجرين.
لا يفصل المستأجرون قضيتهم عن بقية القضايا المطروحة في البلد التي يطالب بها الحراك. برأيهم، هم اول «من خاضوا معركة مواجهة النظام المتمثل بأصحاب المصالح وممثلي الشركات العقارية والمصارف وكبار الملاكين القدامى والجدد»، وهم مقتنعون بأن قضيتهم يجب ان تكون بندا رئيسيا في برنامج الحراك، رافضين «احتكار المدينة من قبل الاغنياء عبر افراغها من ذوي المداخيل المحدودة والمتوسطة».
من جهته يقول رئيس نقابة المالكين القدامى جوزف زغيب ان «القانون له صفة الالزام»، لافتا الى ان القضاء هو «المخوّل» بت هذه النزاعات، ومشيرا الى ان النقابة بصدد انشاء لجنة لبت النزاعات بطريقة رضائية بين المالك والمستأجر. وعن تحركّات المستأجرين، يقول زغيب: فليضغطوا على وزارة المالية لتأسيس صندوق المساعدات وتمويله.