تصويباً لما نشرته «الاخبار» (5/10/2015)، يهم وزارة الاتصالات توضيح ما يأتي:ان وزارة الاتصالات حرصت، وازدادت حرصاً منذ تولي الوزير بطرس حرب مقاليدها، على المحافظة على المال العام وسد أي من مزاريب الهدر في حال وجوده، بحيث ان القول ان ثمة احراقاً لـ 30 مليون دولار من المال العام في قطاع الاتصالات، ليس فقط غير دقيق، بل افتراء، لذا يقتضي التصويب عن طريق ايراد التفاصيل الكاملة لمهزلة عملية استئجار مبنى قصابيان.

ان موضوع استئجار المبنى طرح للمرة الأولى من قبل شركة زين (التي تدير شبكة تاتش) عام 2011 في عهد الوزير شربل نحاس. وكان بدل الإيجار المطلوب أربعة ملايين دولار سنويا، وقد اعترض في حينه الوزير نحاس على المشروع لأسباب متعددة، منها أن البناء مشاد منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبحال غير جيدة.
غير ان إدارة شركة زين آثرت في حينه البقاء في المكاتب الكائنة في جادة شارل حلو، وانتظرت تغيير الحكومة لتعود بالمشروع الى الوزير نقولا صحناوي الذي رفضه ولا سيما أن بدل الايجار المعروض كان باهظاً جداً. وعوض ان تفتش الشركة عن ابنية حديثة صالحة للإستعمال، عادت ولأسباب مجهولة بعد ستة أشهر وطلبت مجدداً من الوزير صحناوي استئجار المبنى ذاته، انما بنصف البدل الذي كان معروضاً سابقاً!
وتجاه إصرار شركة زين وتأكيدها على ان البناء صالح لاستعمالها وأن مهندسيها عاينوه وتأكدوا من متانته وصلاحيته، وافق الوزير صحناوي على مبدأ الاستئجار وصار توقيع العقد في أيلول 2012.
بعد تسعة اشهر، وإثر كشف دار الهندسة على البناء وتأكيدها وجود عيوب في متانة البناء وأنه غير صالح بحالته الحاضرة، أنذرت شركة زين المالك بأنها ستفسخ العقد. غير انه، وبعد مفاوضات طويلة، ولأسباب مجهولة أيضاً، توصلت الشركة ومالك البناء الى اتفاق حول تقاسم كلفة إعادة تأهيل البناء، والتي قدرت في حينه بمبلغ 1.5 مليون دولار. وكان ذلك في أيلول 2013.
تعاقدت شركة زين مع مكتب هندسة للقيام بأعمال تدعيم البناء وطلبت من الوزير صحناوي إعطاءها مبلغ 1.8 مليون دولار أميركي من اجل ذلك، وحصلت على هذا المبلغ في تشرين الثاني 2013.
وفي شباط 2014، طلبت الشركة زين الوزير صحناوي مبلغا إضافياً قدره 11 مليون دولار لمتابعة الاشغال. غير انه رفض الموافقة على الطلب ولم يصدر قراراً به.
هذه كانت الحال عند تسلّم الوزير حرب حقيبة وزارة الاتصالات. وعندما راجعته شركة زين بالأمر، استمهلها لدرس الموضوع ومعرفة السبب الذي حدا بسلفه الوزير صحناوي الى عدم الموافقة على صرف المبلغ، فتبين أن استئجار البناء كان خطأً فادحاً منذ الأساس، وأن الانتقال إليه سيكلف الخزينة أموالاً طائلة للإنتقال إلى بناء قديم، ثبت أنه ليس صالحاً للإستعمال للغاية التي يتم استئجاره من أجلها، وأنه يكبّد الخزينة العامة الأموال لتدعيمه وترميمه، ناهيك عن عمر البناء المتقادم وتعرضه للقصف المتواصل طوال الأحداث التي اندلعت عام 1975 بالإضافة إلى الملابسات الكثيرة التي رافقت الصفقة. وقد أعطى وزير الاتصالات توجيهاته لإعداد ملف البناء لعرضه على النيابة العامة المالية للتحقيق فيه وكشف المتورّطين في عقد الإيجار والمسؤولين عن أي تبديد للمال العام في هذا الملف.
من هنا، فان أي كلام حول اعتبارات امنية أو سياسية وراء قرار الوزير حرب عار عن الصحة. فوزارة الاتصالات متواجدة على كامل الأراضي اللبنانية عبر مراكزها، دون أي اعتبار طائفي أو مذهبي أو سياسي، وقرار فسخ العقد يعود لأسباب تتعلق بصلابة البناء وملاءمته، ويهدف إلى وقف هدر المال العام.
بقي أن نسأل عن أسباب تخطيط البعض لإعادة السير بعقد إيجار يناقض المنطق والمصلحة العامة، ولا سيما أن الوزير السابق الذي وافق عليه امتنع عن متابعة تنفيذه، وأن الوزير حرب قد ورثه عندما تولى وزارته، وهل المطلوب أن تلتزم الدولة بعقد يتنافى وأبسط قواعد العلم والمنطق والشفافية، ويتناقض مع المصلحة العامة ومبدأ منع هدر الأموال العمومية.
المكتب الإعلامي لوزير الإتصالات