على مدى أيام ومشهد الفلتان الأمني في مدينة الشمس يطغى على غيره من شؤون المنطقة. ساحة حرب شهدتها أحياء المدينة، بعد الإشكال الذي حصل منذ أيام بين شبان من آل طليس وياغي في ساحة سرايا بعلبك، تطور إلى إطلاق نار بين الطرفين أودى بحياة الشابين نادر ياغي من مدينة بعلبك، وحسين طليس ابن بلدة بريتال وصاحب محلات جنى لبيع المجوهرات في المدينة.
حالة من الفوضى العارمة تبعت الحادثة، بعد «بيانات مدسوسة» جرى تبادلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إطلاق نار وقذائف صاروخية داخل أحياء المدينة، واستهداف محلات ريماس لآل طليس في سوق بعلبك بقذيفة صاروخية، وإصابة الفتاة مارلين طه برصاصة طائشة في قدمها، فضلاً عن أضرار كبيرة في المحلات والمنازل.
الوضع المأسوي الذي وصلت إليه المدينة، وحالة الفوضى العارمة يضعه أبناء المدينة ضمن خانة «تقصير الدولة بكافة أجهزتها الأمنية»، وهو ما دفع عدداً من أهالي بعلبك وفعالياتها وتجارها إلى قطع طرقات سوق المدينة، وتنفيذ اعتصامات متتالية منذ يوم أمس الأول، بغية رفع الصوت عالياً لوضع حد للفلتان الحاصل، وللمطالبة بتطبيق جدّي للخطة الأمنية. في بلدية بعلبك عقد اجتماع لفعاليات المدينة أكدوا بعده أن أبناء بعلبك يرفعون الصوت تجاه كل المراجع الأمنية والقضائية والسياسية لتحمّل مسؤولياتها ووضع حد للفلتان الأمني المتفاقم والمستفز، مذكرين بأنّ الحادث الأخير أدى إلى «إراقة دماء شابين في حادث فردي مؤسف بالقرب من مركز أمني رسمي». وأكد الدكتور سهيل رعد، في بيان صدر بعد اجتماع البلدية «أنّ ردود الفعل والتجييش ودخول بعض المندسين، أدت إلى تسعير الأزمة ونكبت المدينة والأهالي على حد سواء»، مطالباً كل المعنيين «بتحميل القوى والمؤسسات الأمنية مسؤولية التقصير في حفظ أمن المدينة والمواطنين على حد سواء، والطلب من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ومحافظ بعلبك ـ الهرمل بشير خضر استكمال الخطة الأمنية بكل جدية وحزم، أسوة بالمناطق اللبنانية الأخرى، وملاحقة المخلين والعابثين والمرتكبين، واتخاذ إجراءات ملموسة وسريعة لتفعيل الخطة الأمنية».
اجتماع بلدية بعلبك لم يردع أبناء المدينة وتجارها وفعالياتها عن تنفيذ اعتصام يوم أمس أمام سرايا بعلبك، بالتزامن مع موعد اجتماع مجلس الأمن الفرعي الذي دعا إليه المحافظ. هتف المعتصمون للجيش اللبناني وبضرورة حفظ الأمن في المدينة. حسن شقير أحد المعتصمين شدد في بيان على «ضرورة ملاحقة المطلوبين والمخلين بالأمن وتوقيفهم وعدم التساهل معهم، والعمل على تفعيل دور الأجهزة الأمنية للقيام بواجباتها وتنفيذ الخطة الأمنية للقضاء على الفوضى وأعمال الخطف والسلب والقتل المتعمد». وطالب المعتصمون «بوقف منح رخص السلاح والمواكب الأمنية وضرورة العمل على إنشاء غرفة عمليات مشتركة لكافة القوى الأمنية، وقمع ظاهرة إطلاق النار والمفرقعات في المناسبات كافة».
أبناء المدينة شددوا على أن الاعتصام بمثابة «إنذار»، وما لم تبدأ الدولة بتنفيذ مطالبهم ضمن مهلة تنتهي يوم السبت المقبل، فستبدأ «مرحلة من التصعيد وإغلاق طرقات المدينة والأسواق التجارية».
محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر (الصورة) شارك في الاعتصام وعبّر عن تضامنه معهم، وأشار إلى أن الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية إلى جانبهم، واعداً «برفع مطالبهم إلى وزير الداخلية والمعنيين، وبإقامة حواجز للجيش في المدينة مع تسيير دوريات والعمل على إنشاء قوة أمنية مشتركة لحفظ الأمن»، وكاشفاً عن زيادة عديد قوى الأمن الداخلي في المدينة «بعد اتصالات مكثفة».