بعد قرار المدعي العام البيئي نديم الناشف بإقفال كسارتين في وادي الحجير، أصدر المدعي العام المالي علي إبراهيم السبت الماضي قرارين بإقفال مبنى في عيترون بالشمع الأحمر وهدم منزل آخر في مارون الراس مشيدين على الملك العام. وكان القاضي إبراهيم قد أنذر سابقاً صاحب أحد المباني السكنية في بلدة عيترون بإزالة التعدي خلال 72 ساعة، إلا أنه لم يلتزم الإنذار، ما دفع إبراهيم إلى اتخاذ قراره بإقفال المبنى بالشمع الأحمر.
يقوم هذا المبنى في عقار تزيد مساحته على 20000 متر مربع، ويضم شققاً سكنية و14 محلاً تجارياً وبئراً ارتوازية. تعود القصة إلى عام 2002 عندما حصل المدعى عليه على توقيع رئيس البلدية السابق على علم وخبر بأرض ورثها عن والديه بمساحة 2500 متر مربع، لكنه بعد ذلك طالب رئيس البلدية الجديد سليم مراد بالتوقيع على علم وخبر جديد للأرض نفسها بمساحة تزيد على 14000 متر مربع. رفض رئيس البلدية حينها، إلا أنه استطاع في عام 2011 الحصول على علم وخبر بالمساحة المذكورة من المختار، ثم حصل على توقيع المحافظ، فتقدّم رئيس البلدية بما يثبت أن الأرض هي مشاع، وقدّم استقالته، ليُنتخَب رئيس جديد للبلدية.
لاحقاً، استمع المدعي العام علي إبراهيم على إفادات كل من الرئيس المستقيل والرئيس الحالي والمختار، وتأكّد من وجود اعتداء على المشاع، فاتخذ قراراً بحجز المدعى عليه لمدة 48 ساعة، ثم منحه مهلة 72 ساعة لإزالة التعدي، وهذا لم يحصل، ما حدا المدعي العام إلى اتخاذ القرار بإقفال المبنى والأرض بالشمع الأحمر. وبحسب مختار البلدة حسيب فقيه، الذي وقّع على محضر الإقفال، فإن قوى الأمن الداخلي حضرت، يوم أول أمس، إلى مكان العقار وختمت مدخله الوحيد بالشمع الأحمر. يقول مصدر متابع إن التحقيقات جارية في شأن العديد من الاعتداءات الواقعة على المشاع في عيترون وغيرها.
في بلدة مارون الراس، اضطر أحد المعتدين على المشاع إلى هدم مبنى صغير، بعد أن استدعاه المدعي العام المالي وأخضعه للتحقيق، بناءً على إخبار من أبناء البلدة، وبحسب المعلومات اعترف المعتدي بفعلته والتزم إزالة التعدي.
ينتظر أبناء المنطقة إصدار أحكام مشابهة بالمعتدين على المشاعات في القرى والبلدات غير الممسوحة أو تلك التي تخضع للمسح العقاري الإلزامي، وكان وزير المال علي حسن خليل قد أصدر قراراً، قبل أكثر من 9 أشهر، يقضي بتعليق أعمال التحديد والتحرير في القرى والبلدات الخاضعة للمسح الإلزامي بعدما تبين وجود اعتداءات بالجملة على الأملاك العامة والخاصة والمشاع، إضافة إلى مخالفات فاضحة لقانون التحديد والتحرير، ووعد بمحاسبة عدد من المسّاحين والمخاتير الذين ثبت ضلوعهم بمخالفات أدت إلى هدر المال العام والاعتداء على الملكيات، لكنّ أياً من نتائج هذه التحقيقات لم يظهر بعد، وبالتالي لا تزال عشرات الدعاوى العقارية التي تقدم بها أصحاب الشأن، بخصوص الاعتداء على أملاكهم الخاصة والعامة عالقة، حتى أنه لم يسجل توقيف أي من المخاتير أو المساحين أو المواطنين الذين وعد الوزير خليل بتوقيفهم في أول مؤتمر صحافي له يتعلق بهذا الشأن.

ينتظر أبناء المنطقة إصدار أحكام بالمعتدين على المشاعات في القرى غير الممسوحة

اللّافت أنّ توقف أعمال المسح العقاري، وبالتالي توقف منح الإفادات العقارية للأهالي أديا إلى شل حركة البناء هذه السنة، لأن «رخص البناء تحتاج إلى الإفادات العقارية التي منع الوزير خليل منحها للأهالي، إلى حين الانتهاء من أعمال التحقيقات، رغم أن منح هذه الإفادات هو من صلاحية القاضي العقاري، الذي قد يسمح اليوم بإعطاء إفادات عقارية مؤقتة، بناءً على طلب استرحام يقدمه صاحب المصلحة إلى وزارة المال، التي ترسله إلى القاضي العقاري بعد موافقتها ليتخذ القرار بمنح هذه الإفادات».
يتحدث أحد المحامين عن أن «طلبات الاسترحام التي تقدم عادة للحصول على الإفادات تأخذ وقتاً طويلاً، وقد تكبد أصحابها كلفة مالية إضافية تصل أحياناً إلى 500 دولار عن الإفادة الواحدة، رغم أن رسم الحصول على الإفادة لا يزيد على 10 آلاف ليرة لبنانية». ويلفت رئيس بلدية إلى أنّ «توقف منح الإفادات العقارية أدى أيضاً إلى توقف عمليات بيع وشراء العقارات بالكامل، لأن أي عملية بيع أو شراء تفرض الحصول على الإفادة العقارية المؤقتة، وقد تزامن ذلك مع توقف منح رخص البناء التي كانت تصدر عن البلديات، على أن تكون مساحة البناء 150 متراً كحد أقصى. لذلك، شكاوى كثيرة تصل إلى البلدية من قبل أصحاب المصالح، ولا سيما من المهندسين ومتعهدي البناء الذين توقفت أعمالهم بالكامل».
يتحدث عدد من الأهالي عن أن إعلان وزير المال نيته محاسبة المعتدين على الأملاك العامة والخاصة والمشاع شجعت الكثيرين على رفع الدعاوى، إلا أن الأمور لا تسير بخطى حثيثة، علماً أن بعض المدعين قدّموا وثائق تثبت وجود التعديات على أملاكهم أو على الأملاك العمومية.