هل بدأ التلاعب بملف التحقيق مع الامير السعودي عبدالمحسن بن وليد آل سعود، الذي أوقف في مطار بيروت أول من أمس، بعدما ضُبِطَت في حقائبه ملايين أقراص الكبتاغون المخدرة (زنتها تصل إلى نحو 2 طن) وهو في طريق العودة إلى الحجاز؟ حتى مساء أمس، لم تكن التحقيقات مع الأمير السعودي ومرافقيه قد تقدّمت، في مكتب مكافحة المخدرات. القائمون بالتحقيق يقولون إن السبب هو أن الأمير ومرافقه يحيى ش. لم يصحوَا، حتى ما بعد ظهر أمس، من تأثير المخدرات التي تعاطياها قبل توقيفهما! كما انهم يتحدّثون عن صعوبة فهمهم للهجة التي يتحدّث بها الموقوفون، وخاصة الأمير ويحيى.
المحققون بحثوا في السجلات عن رقم لوحة تسجيل سيارة الـ»بيك أب» (ماركة تويوتا) التي استخدمت لتسليم الامير ومرافقيه الطرود والحقائب التي تحوي المخدرات. وتبين أن اللوحة مزورة، كون الرقم الذي حصلت عليه القوى الامنية عائد لسيارة من طراز مختلف. وبحسب مصادر أمنية، فقد باشر فرع المعلومات تحليل اتصالات الموقوفين، لمحاولة تحديد الأشخاص الذين تواصلوا معهم في لبنان، والتجار الذين زوّدوهم بالمخدرات، ولمعرفة الاتصالات التي أجروها بالسعودية.

فيحيى لا يزال يؤكد أن من طلب منه تسلّم الطرود والحقائب، بعلم الأمير، ليس سوى وكيل الأخير في السعودية خالد ح. أما الأمير، فيؤكد غياب أي صلة بين خالد ويحيى، جازماً بأن الثاني هو المسؤول الوحيد عن الطرود والحقائب ومحتواها. وردّ يحيى على هذا الادعاء بأن خالد هو من طلب منه القدوم إلى لبنان برفقة عبدالمحسن آل سعود، لأن الأخير سيخضع لعملية جراحية. وهنا يرد الأمير بأنه أتى للاستجمام ولم يجر أي عملية جراحية.

الأمير ومرافقه
لا يزالان تحت تأثير المخدرات التي تعاطياها!

لكن الأمير المشتبه فيه لم يقدّم جواباً مقنعاً عندما واجهه المحققون بحقيقة أنه كان موافقاً على نقل 24 طرداً و8 حقائب كبيرة، داخل الطائرة الخاصة، حيث كان الجزء الاكبر من الطرود والحقائب سيوضع في قمرة الركاب. فالطائرة الخاصة، بخلاف الطائرات العادية الكبيرة، لا تحوي سوى مساحة صغيرة للحقائب. وهذه المساحة لا تتسع لهذا العدد الكبير من الطرود والحقائب التي كانت في حوزة الامير ومرافقيه، ما يعني أنهم كانوا مضطرين إلى استعمال المقاعد المخصصة للمسافرين لوضع الحقائب والطرود.
مصادر قضائية أكّدت لـ»الأخبار» أن المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي داني شرابيه، المشرف على التحقيق، ليس راضياً عن بطء التحقيقات. وقالت المصادر إن عارفي شرابيه يؤكدون أنه يرفض أيّ ضغوط في هذا الملف، لافتة إلى أنه أبلغ المسؤولين القضائيين أنه لن يتخذ أيّ قرار مخالف للقانون.
وكانت لافتة الزيارة التي قام بها السفير السعودي علي عواض العسيري لوزير الداخلية نهاد المشنوق أمس. وقال العسيري إنه زار وزير الداخلية للتعبير عن دعم الامن والاستقرار وأهمية مشاركة المشنوق في الحوار. وقال العسيري إن «موعد الزيارة كان مقرراً مسبقاً، وقضية توقيف الأمير في عهدة القضاء اللبناني الذي نقدّر نزاهته ولنا فيه ملء الثقة. وبحسب علمي، فإن السلطات اللبنانية لا تزال تتابع تحقيقاتها في هذه القضية للتوصل الى الحقيقة وجلاء كل الملابسات وكشف الجهات المتورطة في هذه العملية من الجانبين، ومعرفة الجهة التي تصنع هذه المخدرات والجهة المموّلة، وخصوصاً أن الكمية التي جرى ضبطها كبيرة جداً وضررها لا ينحصر بلبنان، بل يتعداه الى المملكة العربية السعودية وجهات أخرى، لو تمكنت الجهات المتورطة من تمريرها».