حسمت إدارة البنك الأهلي التجاري السعودي قرارها بالخروج من لبنان بعد تردّد امتدّ طيلة هذه السنة. الخروج يتضمن صرف الموظفين وتجميد رخصة العمل حتى إشعار آخر. في مطلع السنة الجارية، كانت إدارة البنك التجاري الأهلي السعودي متردّدة في اتخاذ قرار بإقفال المصرف التابع لها في لبنان والخروج من هذه السوق بصورة نهائية.
فهي أبلغت مصرف لبنان نياتها، ثم أبلغت الموظفين تمهيداً للاتفاق على بروتوكول الصرف. غير أنه بعد أشهر، وتحديداً في شهر حزيران، تراجعت الإدارة السعودية عن قرارها وأبلغت مصرف لبنان أنها عدلت عن الأمر.
وخلال أشهر الصيف، لم يظهر ما يثير قلق الموظفين على استدامة عملهم. كانت أجواء الإدارة السعودية توحي بأن الخيار حُسم في اتجاه البقاء في لبنان. لكن المفاجأة كانت قبل أيام عندما تبلّغ الموظفون بأن قرار الإغلاق اتّخذ بصورة نهائية. تفاصيل القرار تركت انطباعاً بأنه قرار مستعجل التنفيذ وأن الإدارة السعودية مستعدّة للاتفاق على أي بروتوكول صرف يطلبه الموظفون وعددهم 25 موظفاً.
هذه الخطوة المفاجئة، نسبياً، أثارت الكثير من الأسئلة: هل سبب الإغلاق ذو بعد سياسي؟ هل تكمن المشكلة في الأزمة المالية السعودية حيث انعكس انخفاض أسعار النفط سلباً على موازنات الحكومة وعلى المؤسسات المملوكة منها مثل البنك الأهلي التجاري؟ أم أن السبب هو رغبة الإدارة السعودية في خفض أكلافها وبينها ما تتكبّده على إدارة مصرف في لبنان يقدم خدمات تقليدية؟
تبرر الإدارة السعودية هذا القرار بعدم قدرتها على تغطية الخسائر التشغيلية التي يتكبدها المصرف في لبنان، في ظل الأزمة المالية في السعودية. إلا أن المصرفيين يعتقدون بأن قراراً من هذا النوع ليس قراراً إداريا بحتاً، بل له بعد سياسي، كما له آثار سلبية. هؤلاء يعبرون عن قلقهم من أن تمثّل خطوة البنك الأهلي التجاري بداية موجة انسحاب أو خروج المستثمرين السعوديين من لبنان، إذ لديهم حصص وملكيات في الفنادق والعقارات تحديداً. إلا أن القلق الأكبر يكمن في تأثيره الانسحاب على درجة تصنيف لبنان لدى وكالات التصنيف.
تشير إحصاءات «بنك داتا» إلى أن البنك الأهلي التجاري حقق أرباحاً في عام 2014 تبلغ 1.6 مليون دولار مقارنة مع 475 ألف دولار في عام 2013، وقد ارتفعت حقوق المساهمين إلى 18.3 مليون دولار، فيما يحمل في حفظته 15.16 مليون دولار سندات خزينة لبنانية بالليرة اللبنانية ويحمل 22.6 مليون دولار سندات يوروبوندز. ولدى هذا المصرف ودائع بقيمة 48.7 مليون دولار، إلا أنه ليس لديه تسليفات للقطاع الخاص والأسر سوى بقيمة 200 ألف دولار.