في «اكسبرس القدس»، عند مدخل مخيم برج البراجنة، كان شبّان من المخيم، مساء السبت، يستعدون لسماع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. كل شيء كان جاهزاً: «الأراغيل» وإبريق الشاي، ولا ينقص سوى إطلالة «السيد». حشر الحاضرون أنفسهم في المكان الضيق، يتبادلون المزاح في انتظار ما سيقوله «سماحته» عن الفلسطينيين، بعد الحملة التي شنت على وسائل التواصل الاجتماعي ضد أبناء المخيم. ما إن أطل السيد، حتى ران الصمت على المكان، وترك الحاضرون تحليلاتهم الى آخر الكلمة.
«السيد تحدّث عن المخيم بحب، ونحن نستمع إليه بحب»، وهو لم يخيب ظنون الحاضرين. «كلامه ذهب»، قال أحدهم، «الحمد لله على وجود هكذا قائد». بالنسبة إلى هؤلاء، «السيد يعرف أن أبناء المخيم لا يمكنهم تنفيذ مثل هذه الجريمة. هادي منطقتنا». يقول أحدهم: «نشعر وكأن السيد يحدثنا شخصياً واحداً واحداً. منشان هيك لازم ما نرد على الاستفزازات التي تكتب ضدنا على الفايسبوك. كل الحكي بهمّش. الكبير سكّتهم كلهم».
كلام نصرالله انعكس ارتياحاً على أبناء المخيم، الذين فضلوا البقاء في مخيمهم ليل الخميس الجمعة بسبب «الأوضاع برّا». كما انعكس ارتياحاً تطرقه إلى ما يتغافل عنه الجميع، وهو الوضع الاجتماعي السيئ، ما ينعكس سلباً على الوضع الأمني. «يا زلمة إن شاء الله يسمعوا منو ويسمحولنا نشتغل»، قال محمد الشاب الثلاثيني.
والى مواقف نصرالله، ساهم موقف الفصائل الفلسطينية المستنكر للجريمة في تخفيف التوتر. فقد أبرقت كتائب الشهيد عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، ليل الجمعة، الى «حضرة الأخ القائد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله وإخوانه في قيادة وعديد المقاومة الإسلامية الموقرين (…) بأسمى آيات التعزية والمواساة لحضرتكم ولذوي الشهداء والجرحى في الحادث الإجرامي الأخير على الأيدي السوداء». ورأت أن «الحدث الأخير من جهة هو بمثابة تجديد إعلان الثبات على درب مشروع الجهاد والولاء للمقاومة في عرس يوم الشهيد. ومن جهة دعوة مجدداً للعقلاء للنظر والتدقيق في أسباب النشوء الأولى لهذا الطاعون الأسود، خوارج العصر الحديث».
وبحسب مصادر في حماس، فإنها ليست «المرة الأولى التي تتواصل فيها قيادة المقاومتين عند وقوع حدثٍ معيّن، إذ إن قنوات الاتصال بينهما مفتوحة. والبرقية لم تمر عبر مكتب ممثل الحركة في بيروت علي بركة، إذ إن قنوات الاتصال العسكرية بين المقاومتين قائمة ولم تنقطع يوماً وهي منفصلة عن القنوات السياسية ولا تتأثر بالخلافات الإقليمية.
وسبق البرقية اتصالان من رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ونائبه اسماعيل هنية بكل من رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والسيد نصرالله. وأشاد مشعل وهنية بوعي القيادات السياسية اللبنانية، «وتفويت الفرصة على الجهات التي تريد إيقاع الفتنة في صفوف اللبنانيين من جهة، ومع الشعب الفلسطيني من جهة أخرى».