سلّط تفجيرا برج البراجنة الأضواء على عمل اللجان الأمنية في المخيمات، التي تعاني من أزمات عدة، تبدأ بضعف الامكانيات المادية، ولا تنتهي بغياب الغطاء القانوني على عملها، وصولاً إلى الخلافات بين الفصائل. وانعكست الأزمات على أداء اللجان في غالبية مخيّمات لبنان، فتم حَلّ بعضها أو ضعفت إلى درجة عدم تمكّنها من دفع مستحقات أفرادها.
بعد مسلسل التفجيرات التي استهدفت الضاحية العام الماضي، أعادت الفصائل تفعيل اللجان، بعد الحملات الإعلامية التي زجّت باسم مخيم برج البراجنة في كلّ عملية إرهابية استهدفت الضاحية. واليوم، تكمن أزمة اللجان الأساسية في غياب الغطاء القانوني لعملها، إذ يمكن لأي مطلوب توقفه أن يرفع دعوى ضدّ عناصرها في المحاكم اللبنانية بتهمة الخطف أو حجز الحرية!
أول من أمس، نسّقت القوى الأمنية اللبنانية مع اللجنة الأمنية في مخيم البرج لدهم الشقة التي استخدمها الانتحاريان، واعتقال ثلاثة مطلوبين كانوا داخلها. «التنسيق مع الدولة قائم، وعمل اللجنة في المخيم لم يتوقف، على رغم ضعف الإمكانيات»، على ما يقول «أبو راتب»، المسؤول الأمني لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــ القيادة العامة». ويضيف أن «عدم وجود غطاء قانوني لعمل اللجنة يؤثر سلباً عليها». فعندما اعتقلت اللجنة أحد المطلوبين بتجارة المخدرات وسلمته إلى الدولة، «سألوه بعد التحقيق معه، إذا كان يريد الادّعاء على من أوقفه، وهو ما يحصل عادة»! ولا يخفي «أبو راتب» أن اللجنة في حاجة «إلى سلاح ولباس وتجهيزات تقنية مثل كاميرات المراقبة»، ولكن « يبقى الهمّ الأساس تأمين الغطاء القانوني».
وتتكوّن اللجنة الأمنية في مخيم البرج من عناصر تابعين لـ «القيادة العامة» و«فتح» و«فتح الانتفاضة»، فيما تشارك «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بالدعم اللوجستي والمادي، الذي يتعرّض أحياناً لـ«الشح»، ما يدفع اللجنة إلى وقف مخصصات عناصرها، وترهّل عملها. ورغم ذلك، تستمر الفصائل في عملية «الرصد الأمني» الأولي بشكل منفصل، في الوقت الذي يسكن أكثر من 17000 سوري وعربي وآسيوي في المخيّم، مع صعوبة إجراء إحصائيات دقيقة بسبب التغيّر الدائم.
من جهته، أعلن مسؤول اللجنة في المخيم، نمر النمر، أن اللجنة ستبدأ خطة أمنية تشمل تعبئة استمارات أمنية لغير أبناء المخيم. ويوضح: «في السابق قمنا بالإجراء نفسه، وعلى السوريين من الآن فصاعداً تأمين سجل عدلي من الدولة اللبنانية، حتى الفلسطينيين السوريين».
ويعوّل مسؤولو اللجنة والفصائل على حزب الله للعب دورٍ أكبر في الحصول على غطاء قانوني من الدولة اللبنانية، يسمح للجنة بالقيام بعملها بشكل مثمر، كذلك في الحصول على بعض المعدات اللوجستية المطلوبة. وتقول مصادر أمنية معنية إن «تفعيل التنسيق بين اللجنة واستخبارات الجيش والأجهزة المختصة في المقاومة، يساهم في الحصول على الغطاء القانوني المطلوب، فتكون استخبارات الجيش الوسيط بين اللجنة والقضاء اللبناني، كذلك للقيام ببعض الإجراءات، من بينها تركيب كاميرات داخل المخيم، ومراقبة حركة دخول الغرباء وخروجهم، ورصد المطلوبين». وتأتي زيارة قائد القوة الأمنية المشتركة الفلسطينية في لبنان منير المقدح إلى مخيمي برج البراجنة وشاتيلا، أمس، في سياق تعزيز دور اللجان الأمنية في المخيمات في المقبل من الأيام.
قاسم...