بغداد | فوجئ «م.ح.» بحجم المبلغ الذي عرضه عليه ثلاثة أشخاص مقابل شراء منزله المتهالك في حي جميلة وسط قضاء طوزخورماتو، ذلك أنه لم يأتِ بربع هذا السعر قبل أسابيع عدة، ليتبين لاحقاً أن جماعات ورجال أعمال أكرادا يقومون بعمليات منظمة لشراء منازل التركمان في الطوز، بأضعاف أسعارها الحقيقية، كإحدى الوسائل المتبعة لتهجير أهلها.
طوزخورماتو (90 كم شرقي مدينة تكريت) قضاء منقسم بين محافظتين، فهو يتبع إدارياً لمحافظة صلاح الدين، لكن قربه جغرافياً من مدينة كركوك جعله أكثر التصاقاً بها، وقد برز إلى واجهة الأحداث والتصريحات الإعلامية مجدداً، بعد خروجه من دائرة الضوء لفترة، وذلك بعدما كان يحتل المساحة الأوسع في الأخبار الأمنية، حيث كان يتعرض لخمسة تفجيرات أو أكثر أسبوعياً، ما أجبر الأهالي على تعطيل الحياة بعد الخامسة عصراً.
بدأت القصة عندما اشتبكت قوة من البشمركة، التي نصّبت سيطرة وسط المدينة، مع قوة من «الحشد الشعبي» التركماني، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أفراد من «الحشد»، أعقبتها اشتباكات وعمليات حرق محال تجارية ومنازل سكنية واعتداء على المدنيين وصل إلى احتجاز رهائن، كما حدث في مستشفى الطوز العام.
يوضح «م . ح» الذي رفض عرض الأشخاص الثلاثة لشراء منزله، بأنهم هددوه بفقدان منزله، بشكل وبآخر، وربما حياته إذا اقتضى الأمر. ويؤكد لـ»الأخبار» أن «الأكراد يمارسون تهجيراً قسرياً بحق السكان. لقد تفنّنوا في استخدام كل الطرق. يعاملوننا كما عامل اليهود الفلسطينيين في الأربعينيات من القرن الماضي». ويتساءل «أين الحكومة؟ أين (رئيسها حيدر) العبادي؟».دعا «التحالف
الوطني» أطراف أزمة طوز إلى «الإذعان» لسلطة الدولة

من جهته، يشير قيادي تركماني بارز إلى أن الأكراد يمارسون هذه السياسة منذ سنوات، لكنها تصاعدت وأصبحت أكثر وضوحاً وعلانية، حيث خيّر الأكراد السكان التركمان بين التهجير القسري أو حرق منازلهم أو حتى القتل إذا رفضوا بيع هذه المنازل. ويقول القيادي لـ»الأخبار» إن «الكرد وأقصد بهم جماعة (رئيس اقليم كردستان مسعود) البرزاني وذوي الأطماع شكلوا مافيات وعصابات تقوم بتلك العمليات، فضلاً عن قيامها بتصفية قيادات تركمانية ووجهاء».
أما في ما يتعلق باللجنة الحكومية التي شكلها رئيس الوزراء حيدر العبادي، أخيراً، فيوضح القيادي أن «هذه اللجنة لم تستطع حتى الآن فعل الكثير، لأن الوضع يبدو أكبر منها. الطوز أصبحت بالنسبة إليهم قدسهم جديدة بعدما حسموا أمر كركوك».
وطيلة الأيام الماضية، دخل «الحشد الشعبي» في صدام علني مع الأكراد، ربما هو الأول من نوعه، وخصوصاً أنه تزامن مع قضية سنجار التي أثار رفع العلم الكردي فيها جدلاً واسعاً، بعد تحريرها من قبضة تنظيم «داعش». بعدها وصف الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي هذا التحرّك قائلاً إن سنجار «دخلت في احتلال أكثر تعقيداً». ومنذ بدء الأزمة يوم الخميس الماضي، شهدت المدينة الصغيرة وصول عدة أفواج من «الحشد الشعبي»، فيما توالت بيانات الوعيد والانتقام من فصائل مختلفة في «الحشد».
سياسياً، عقد «التحالف الوطني» العراقي اجتماعاً، بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي، لمناقشة أزمة الطوز، مساء أول من أمس، وأصدر بياناً، صباح أمس، شديد اللهجة، دعا فيه «الأطراف المتسببة» بالأزمة في الطوز، إلى الكف عن التسبب بالأزمات و»الإذعان» لسلطة الدولة.
وأعرب «التحالف الوطني»، وفق البيان، عن «موقفه الحازم الداعي لمنع المظاهر المسلحة في المدينة، وعدم لجوء الأطراف إلى العنف في حل المُشكِلات»، مشدداً على «ضرورة قيام الحكومة الوطنيّة بواجباتها، وبسط الأمن، وحماية أرواح المدنيين، وممتلكاتهم».