«إذا اتُّفق على (النائب) سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، سأقوم بتهريب عائلتي خارج لبنان». بهذه الكلمات علّق منسّق الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار النائب السابق فارس سعيد في اتصال مع «الأخبار» على لقاء فرنجية بالرئيس السابق سعد الحريري في العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع المنصرم.
لا يولّد توقيت الاجتماع الباريسي والظروف التي يندرج تحتها الكثير من الإيجابية في نظر «صقور 14 آذار». الخبر نزل كالصاعقة على معظم مكونات فريق الرابع عشر من آذار التي بدأت تتصرّف على قاعدة أن انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية سيحصل غداً. نفي اللقاء من قبل تيارَي المردة والمستقبل، لم يُثلج قلوب الآذاريين، باستثناء حزب الكتائب الذي يترنح موقفه بين المرحّب والمتفرج.
هذه ليست المرّة الأولى التي يدير فيها الحريري ظهره لحلفائه في فريق «14 آذار». منذ الـ2009 وحتى اليوم، اعتاد أن يُحرك أدوات الشطرنج دون استشارتهم، ليراضيهم بعد انكشاف خطواته عبر إيفاد موفدين في محاولة لترقيع الخلافات. قد تكون هذه هي المرّة التاسعة التي يعمل فيها الحريري على «فرط» تحالف لا يجمع بين مكوناته سوى العداء لحزب الله والنظام السوري.
كلام سعيد يختصر ما يقوله معظم سياسيي 14 آذار بعيداً عن الكاميرات. ما يقوله مسؤولون بارزون في تيار المستقبل لا يختلف كثيراً عن اللازمة التي تكررت على مدى الأيام الأخيرة في مركز الأمانة العامة لـ14 آذار: «قد يصل فرنجية إلى باريس ولكنه ما بيقطع المدفون»، في تذكير بما قاله سعيد عن فرنجية قبل الانتخابات النيابية عام 2005. لا تنفي مصادر «الأمانة» ولا تؤكد «جدية اللقاء وإلى أي مدى ممكن أن يصل التقارب بين الرجلين. في كلّ الأحوال نحن نعارضه لأسباب وطنيّة». وهذه الأسباب تُترجم في كون انتخاب فرنجية «يُعادل انتخاب (الرئيس السوري) بشار الأسد في لبنان. عندئذ سينتقل الشارع السنّي إلى أحضان تنظيم داعش. إذا أرادوا (تيار المستقبل) إدخال البلاد في حربٍ أهليّة، فليتفقوا عليه». أكثر ما يستفز رواد الأمانة العامة هو صداقة فرنجية مع الأسد، «يرجّعوا إميل لحود رئيس للجمهورية بضلّ أحسن، على القليلة من جبل لبنان».
لا يعني للـ«آذاريين» الدور الذي يلعبه الحريري كـ«لجنة فاحصة لمرشحي الرئاسة».
14 آذار: انتخاب فرنجية يعني انتخاباً للأسد... فليعيدوا لحّود


وعلى الرغم من التقائهم في هذا الملف مع حزب القوات اللبنانية في الحذر من هذه الخطوة، إلا أنهم لا يتأخرون في كيل الانتقادات للقواتيين: «هم الذين فتحوا الأبواب لفرنجية وشاركوه الطاولة في بكركي وكرسوه زعيماً مارونياً من خلال الاجتماعات الرباعية، اليوم بطّل عاجبهم؟».
«ايه، معراب بطّل عاجبها». فقد كشفت مصادر متابعة للملفّ أن اللقاء «خلق بلبلة لدى القوات. فاتصل رئيس الحزب سمير جعجع بمراكز القرار في الرياض طالباً الاستيضاح»، وهي توضح أنه «إذا تطورت الأمور، فسيكون هناك جبهتان: الأولى تضم القوات والتيار الوطني الحرّ، والثانية ستجمع بين المردة والكتائب. ولكن، لا شيء حتى الساعة يوحي بتطور الأمور إلى هذه الدرجة». لذلك، سيعمد الحريري كما كلّ مرة إلى «تبريد» جبهة معراب ــ قريطم عبر «إرسال موفد يلتقي جعجع، أو سيقوم الحكيم بزيارة باريس للقاء الحريري شخصياً، تماماً كما فعل النائب سامي الجميّل ليل أمس».
هذا «التشنج» لم يصل إلى البيت المركزي في الصيفي، فيقول عضو المكتب السياسي الكتائبي إلياس حنكش إنّ «اللقاء لم يُزعجنا ولم نشعر بالتفاف من قبل تيار المستقبل علينا. فالاجتماع لا يعني أنّ المستقبل قد تبنّى ترشيح فرنجية إلى رئاسة الجمهورية». ينطلق حنكش من هذه النقطة للتشديد على «العلاقة الجيدة التي تربطنا بفرنجية. تيار المردة ينظر إلينا بايجابية. وقد لحظنا أن التيار قد يكون يُعوض تدهور العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر من خلال الانفتاح علينا». تختلف مُقاربة «الكتائب» للانفتاح المستجدّ بين الحريري وفرنجية عن مكونات «14 آذار»، ويرى حنكش أنّ «الانفتاح طبيعي ويُطمئننا بأنّ ذلك سينعكس توافقاً داخلياً. فالمهم بالنسبة إلينا أن نربح البلد».