من حضر المؤتمر الصحافي الذي أقيم أمس في أحد فنادق بيروت، ودعا إليه الفنان أسامة الرحباني «رئيس مجلس الملحنين والمؤلفين» والمحامي سمير تابت مدير «ساسيم فرنسا» في لبنان، يكتشف الفوضى التي يعيشها عالم الفنّ، وتحديداً من ناحية الحقوق الفكرية والملكية. ذلك الإهمال لا يُعتبر جديداً، لكنه يعرّي وسائل الإعلام على اختلافها، ويظهر مدى تقصيرها في الحفاظ على تلك الحقوق.
للأسف، تُعاني تلك الوسائل من سوء فهم لحقوق المؤلفين، وتتهرّب من دفع الأموال المستحقة إلا مبالغ مالية قليلة جداً. بدا واضحاً في المؤتمر أن هناك خلافاً بين المؤلّفين والملحنين على عمل الـ«ساسيم» ودورها، وبرزت دعوة إلى تكاتف الفنانين معاً للحصول على حقوقهم.
بدوره، مرّر الرحباني بعض رسائل التهديد والمحاسبة لكل مُهمل في حقّ الفنانين، ملوّحاً باللجوء إلى القضاء في أيّ سرقة تتمّ ومحاسبة جميع المقصّرين. ولفت الرحباني في حديثه إلى أن «الفوضى ماشية في بثّ الأغاني على الشاشات والإذاعات اللبنانية من دون الرجوع إلى أيّ بند قانوني. فالموسيقى اليوم تدخل في نشرات الأخبار وبرامج المنوّعات وحتى في الإعلانات، ولكن تتمّ سرقتها (لحناً وتأليفاً) بطريقة علنية من دون الحصول على الموافقة عليها». واختصر الفنان الوضع بأنّ «الإذاعات تعرج عندما يطلَب منها دفع المستحقات».
وأشار إلى أن «المهرجانات الفنية هي الوحيدة التي تتقيّد بأمور الحقوق، ليس محبة بالفنّ بل لأن هناك فنانين أجانب يحيون حفلات فيها، لذلك لا يمكنهم تخطّي القوانين. لكن الكارثة الكبرى تتمثل في المطاعم والملاهي الليلية وحفلات الزفاف، فهي تبثّ الأغاني وتغيّر في لحنها وكلماتها من دون أيّ حسيب أو رقيب.

المشكلة الكبرى مع
قناة mbc التي تصوّر برامجها الفنية في بيروت


لذلك يُعمل حالياً على قانون تُجبر فيه تلك الفضاءات على العودة إلى القوانين. ويكشف الرحباني إلى أنه من ناحية التلفزيونات، فإنّ «المشكلة الكبرى مع قناة mbc التي تصوّر برامجها الفنية في بيروت وتبثّها على شاشتها، وتعرض أغنيات بشكل فوضوي من دون احترام لأصحابها. وعند سؤال القناة السعودية عن الحقوق الواجبة عليها، تعطي حججاً بأن الشبكة سعودية، وبالتالي فهي لا تؤمن بحقوق الملكية الفكرية، ويجري اليوم تحديد الجهة المسؤولة عن تلك البرامج لمحاسبتها. أما بالنسبة الى شركة «روتانا» للمرئيات والصوتيات، فإن المشاكل معها لم تُعالج منذ سنوات، فقد حصلت الشركة السعودية على تنازل من بعض المؤلفين والملحنين للتصرّف بأعمالهم، وهذه خطوة ارتكبها البعض بحقّ نفسه». من جانبه، كشف الفنان إحسان المنذر أنه «رفع دعوى قضائية ضدّ المخرج شربل خليل بعدما غيّر أغنية «كلمات» (كلمات الشاعر السوري نزار قباني وألحان منذر وغناء ماجدة الرومي) لتصبح نفايات، ضمن فقرة في برنامجه «بس مات الوطن» (يعرض على قناة lbci)». رغم كل الكلام الذي قيل في حقوق الملكية الفكرية للفنانين، يبقى السؤال: كيف يمكن لـ«ساسيم» أن تضع حدّاً لكل الانتهاكات التي تُقام بحق الأعمال الفنية؟ وأيّ جهة تُحاسب «ساسيم» نفسها وتسألها عن الجباية المالية وماهية دورها، وخصوصاً مع الشكوك والاحتجاجات وعلامات الاستفهام الكثيرة حول «ساسيم»؟ وهل ما يطبّق في فرنسا («ساسيم فرنسا») يمكن تنفيذه على الأرض اللبنانية، أم أنها مهمة مستحيلة؟