في عام 2012، جرى تلزيم الشركة الدانمركية BWSC إنشاء وتجهيز المحركات العكسية في معملي الذوق والجية الكهربائيين، لإنتاج نحو 272.5 ميغاواط إضافية، أي ما يعادل 3.5 ساعات يومياً من التغذية بالتيار الكهربائي لجميع المناطق، وبكلفة بلغت 360.7 مليون دولار، جرى تمويلها من قرض مع مصرفين أجنبين هما KWA وHSBC.


يومها اثيرت علامات استفهام كثيرة حول طريقة التلزيم والتمويل والتعديل على دفتر الشروط وعدم اخذ موافقة ديوان المحاسبة... ووصلت الامور الى حدّ تعليق الشركة تنفيذ العقد لفترة في العام الماضي، بعدما توقف وزير المال علي حسن خليل عن تسديد فواتيرها، وهددت الدانمارك باللجوء الى نادي باريس للشكوى، فاضطرت الدولة الى الرضوخ وتكبّد غرامات مالية طائلة لتفادي الازمة.

منذ فترة قصيرة، انجزت الشركة اعمالها بعد تأخير شهور عدّة عن الموعد المحدد. وباتت مؤسسة كهرباء ملزمة بتسلّم هذه المحركات ووضعها في الخدمة والاستفادة من الطاقة الاضافية مع بدء موسم الحر. الا ان تلزيم التشغيل والصيانة الى شركة خاصة (وهو شكل من الخصخصة درجت عليه المؤسسة منذ انشاء معملي الزهراني ودير عمار) يشهد عراقيل يمكن ان تؤخر عملية الاستلام.

اطلقت المؤسسة في اب 2014 استدراج عروض لتلزيم التشغيل والصيانة تمهيدا لاستلام المحركات الجديدة، واضطرت الى تمديده 3 مرات، ولم تتقدم الا شركتان. واحدة لم تستوف الشروط فاستبعدت، والاخرى تتألف من تحالف شركات OEG/ARKAY Limited/Middle East Power رسا عليها العقد. تقول المؤسسة، في بيان أصدرته أمس، إن التلزيم جرى نتيجة استدراج عروض عالمي، وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، وليس بناءً لمفاوضات ثنائية أدت إلى صفقة بالتراضي». وكان تلفزيون «أم تي في» قد اثار في نشرته المسائية يوم الإثنين الماضي ما عدها «فضيحة كهربائية جديدة تتعلق بعقد صفقة بالتراضي مع شركة OEG و Middle East Power (التي تتبع لمجموعة تحسين خياط) بقيمة تخطت 120 مليون دولار». وقال ان المؤسسة «طلبت من وزارة المالية صرف اعتماد لدفع مبلغ 20 مليون دولار سلفا للشركة». جاء ذلك في سياق تبادل الاتهامات بين اصحاب تلفزيون ام تي في وتلفزيون الجديد.



الوزير خليل: «من قال

إننا لن نجيب ضمن المهلة؟

بعد بكير لـ 20 الشهر!»



نفت المؤسسة هذه المعلومات، واعتبرتها «عارية تماما من الصحة»، الا انها كشفت ان العقد الذي فاز به تحالف شركات OEG/ARKAY Limited/Middle East Power لا يزال معلقا، بسبب امتناع وزير المال عن الموافقة على فتح الاعتمادات اللازمة.

تشرح المؤسسة ان مجلس الإدارة وافق في قراره الرقم 10-3/2016 تاريخ 21/1/2016، على عقد صفقة بالتراضي،، وفقا لأحكام الفقرة 8 من المادة 112 من النظام المالي للمؤسسة. وبعدما جرى إرسال الملف الى وزارة الطاقة والمياه ووزارة المال، وافقت الوزارة على عقد الصفقة بتاريخ 26/3/2016 في كتابها الرقم 250/7ص، فيما طلبت وزارة المال التأكد من السعر الذي جرى التلزيم على أساسه، فأجابتها المؤسسة في كتابها الرقم 2842 تاريخ 17/3/2016 مقدمة كل الإيضاحات اللازمة حول هذا السعر ومطابقته للأسعار العالمية. ثم أعادت وزارة المالية الملف الى المؤسسة مع تضمينه ملاحظة بأنها قد وافقت على مشروع موازنة المؤسسة لعام 2016 دون إيراد أي ملاحظات أخرى. فعدل مجلس الإدارة في قراره الرقم 261- 19/2016 تاريخ 14/4/2016، بناء لطلب وزارة المالية، البندين المتعلقين بالاعتمادات العائدة لهذه الصفقة وتم إرساله مجددا الى وزارة المالية بموجب الكتاب الرقم 3960 تاريخ 19/4/2016، حيث لم يرد المؤسسة حتى تاريخه أي جواب بشأنه. وبحسب المؤسسة، ارسلت بتاريخ 16/5/2016 الكتاب الرقم 4752 الى وزير المال تطلب فيه إبلاغها ما إذ كان يوجد لدى الوزارة أي اعتراضات على قرار التلزيم قبل انتهاء مهلة الشهر من تبليغها القرار، أي قبل تاريخ 20/5/2016، وإلا اعتبر القرار مصدقا حكما من قبل وزارة المال، وذلك استنادا الى احكام المادة 29 من المرسوم الرقم 4517 تاريخ 13/12/1972. تشير المؤسسة الى ان تمويل الصفقة هو بالكامل من موازنة المؤسسة، اي ان موافقة وزارة المالية تنحصر في نقل اعتمادات من احتياطي موازنة المؤسسة الى بند تشغيل وصيانة المحركات العكسية. واقرت المؤسسة أن دفتر الشروط ينص على ان تدفع المؤسسة سلفة تبلغ 10 في المئة من قيمة الصفقة مقابل كفالة مصرفية يقدمها العارض بالقيمة نفسها، وذلك وفق ما ينص عليه النظام المالي لمؤسسة كهرباء لبنان. الا أن «هذه السلفة لم يتم دفعها باعتبار أن وزارة المال لم توافق حتى تاريخه على تلزيم الصفقة».

تعزو مصادر وزارة المال عدم موافقة الوزير علي حسن خليل على الصفقة حتى الآن، انه طلب موافقة رئيس الحكومة تمام سلام على كتاب أرسله خليل إليه، فالصفقة يترتب عليها التزامات مالية لسنوات مقبلة، بصرف النظر عن قيمة المبلغ الذي رسا عليه التلزيم. وقالت المصادر في اتصال مع «الأخبار» إنّ الوزارة شطبت المبلغ من مشروع موازنة المؤسسة لعام 2016، في انتظار جواب الرئيس سلام. ونفت أن تكون وزارة المال قد تدخلت في تفاصيل استدراج العروض، «فذلك ليس من اختصاصها، وما حصل أننا أعدنا الملف إلى المؤسسة وطلبنا منها عدداً من الاستفسارات المتعلقة بالتأكد من السعر الذي جرى التلزيم على أساسه، ثم حُوّل الكتاب إلى رئاسة الحكومة من دون أن تكون لدى الوزارة معلومات عن هوية الشركة الفائزة بعقد التلزيم».

ماذا عن مهلة الثلاثين يوما، ترد مصادر الوزير خليل: «من قال إننا لن نجيب ضمن المهلة؟ بعد بكير لـ 20 الشهر!» (غدا الجمعة). ماذا لو لم تأت الموافقة من رئاسة الحكومة قبل هذا التاريخ؟ تجيب المصادر: «سنطلب من المؤسسة تمديد المهلة».

تنفي مصادر المؤسسة علمها بتحويل الملف إلى رئاسة الحكومة، إلاّ أنها استغربت ذلك، اذ ان وزارة المال وافقت على صفقات أخرى كثيرة مشابهة ترتب التزامات مالية على سنوات مقبلة من دون العودة إلى رئاسة الحكومة.