جابهار... خط إيران التجاري إلى أوروبا

  • 0
  • ض
  • ض

طهران | انطلقت، أمس، من العاصمة الإيرانية طهران نواة تكتل اقتصادي جديد، عماده الهند وإيران، بمشاركة أفغانية. فقد شكّلت زيارة رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي إلى الجمهورية الإسلامية، التي تزامنت مع وصول الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني، فرصة لعقد قمة ثلاثية، ولقاءات ثنائية تمحورت حول الحديث عن التعاون المشترك، وتوقيع مذكرات واتفاقيات اقتصادية وتجارية واستثمارية.

أما نواة الاتفاق الثلاثي فهي منطقة جابهار، الواقعة جنوب شرق إيران والمطلّة على بحر عمان والمحيط الهندي، والتي يشكّل موقعها الجغرافي ممراً بحرياً ـــ برياً باتجاه غرب آسيا وأوروبا. لذا، فإن ما يعرف بـ«اتفاقية جابهار» تعدّ خطوة جريئة لكسر العديد من الحواجز التجارية، وفتح أبواب آسيا الوسطى والقوقاز وروسيا، وصولاً إلى أوروبا، من الهند عبر إيران. كذلك تعدّ الاتفاقية بمثابة إعلان لفتح الأراضي الإيرانية أمام تجارة الترانزيت العالمي، لاستنساخ طريق حرير جديد وجعل طهران شريكاً تجارياً أساسياً، على الصعيد الآسيوي.
وفي هذا الإطار، سيسمح استكمال المشروع والاستثمار الهندي (الذي يصل إلى 85 مليون دولار لتحسين البنى التحتية) في ميناء جابهار، للهند بعدم مرور بضائعها عبر جارتها اللدود باكستان، والمنطقة الساخنة في أفغانستان. وقد تلقّفت طهران التحرك الهندي، بسرعة، عبر تفعيل العمل بالمنطقة الاقتصادية الحرة لجابهار الواقعة في محافظة سيستان وبلوشستان، من خلال مدّ خط سكك الحديد الذي سيخترق المحافظة الأكبر إيرانياً، باتجاه أفغانستان وتركمانستان وطاجيكستان، ما يعني إعادة وصل طريق الحرير التجاري، عبر شريان الخط البحري في جابهار.


تكمن أهمية
الاتفاقية أنها خارج نطاق «منطقة الأزمات»

يسهّل هذا الخط حركة البضائع باتجاه آسيا الوسطى وروسيا ودول القوقاز، كذلك يمكّن الهند والدول الشرق آسيوية من أن تتخذ من المنطقة الحرّة في جابهار قاعدة تجارية للانطلاق باتجاه آذربيجان وتركيا، ومنها إلى أوروبا، وأيضاً يمنحها فرصة الحصول على تسهيلات مالية وجمركية لعبور بضائعها، بعيداً عن مناطق التوتر.
انطلاقاً من هذا الواقع، تكون طهران قد نجحت في تبرير الجدوى الاقتصادية لإنعاش تلك المنطقة، الأمر الذي يدفع بالعديد من الدول إلى الاستثمار في جابهار، نظراً إلى موقعها الجغرافي المتميّز، إضافة إلى تحقيق هدف استراتيجي وجذاب للاستثمار في تطوير المرافئ الإيرانية جنوب شرق البلاد.
وبعيداً عن البعد التجاري لهذه الخطوة، تكمن نتائج هذه الاتفاقية في سياق آخر، لا سيما أن هذه المنطقة تقع خارج «منطقة الأزمات» في الخليج، ولا تتأثر بأي مخاوف من نشوب اشتباك مسلّح قد يقفل مضيق هرمز. وبذلك، تكون الجمهورية الإسلامية قد أوجدت لنفسها معابر تجارية حياتية غير قابلة للتهديد، في حال المواجهة، كما أنها لم تحصر كل إمكاناتها في موانئ بوشهر أو بندر عباس، ما يعطي الحركة التجارية مجالاً أوسع للاستمرار، في حين سيكون الاستثمار البعيد الأمد، غرب مضيق هرمز، محفوفاً بالمخاطر بفعل التوتر المستمر بين القوات الإيرانية والأجنبية في مياه الخليج.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن إيران أخرجت ورقة الضغط، المتمثلة في إغلاق مضيق هرمز. فبعد إيجاد البدائل، لن تبقى صادرات إيران النفطية أو حركاتها الملاحية مقيّدة بفتح المضيق أو إغلاقه، ما يغيّر الكثير من قواعد اللعبة ويضع الأطراف الأخرى تحت الضغط، وأيضاً الدول الشرق آسيوية على الاتجاه نحو جابهار، واستخدام مناطق غير ساخنة كطريق آمن لخطوط تجارية طويلة الأمد.

  • شكّلت زيارة مودي وأشرف غني فرصة لعقد قمة ثلاثية ولقاءات ثنائية

    شكّلت زيارة مودي وأشرف غني فرصة لعقد قمة ثلاثية ولقاءات ثنائية (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات