الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء: درب النضال طويل

  • 0
  • ض
  • ض

في إحدى عينات الطحين ـ المأخوذة من مطاحن لبنان الحديثة ـ التي جرى إخضاعها للتحاليل المخبريّة، تبيّن وجود 2050 شائبة (بقايا ومخلّفات حيوانيّة) في كل 50 غراماً، علماً بأنّ المعتمد عالمياً لا يسمح بوجود أكثر من 75 شائبة ضمن هذا الوزن. هذا المعدّل المسموح به عالمياً.

أما في لبنان، فالأمور معكوسة، حيث يمكنك أن تشتري الشوائب مع القليل من الطحين وأن تمضغها، فيما بعد، على أنها خبز. وهذا ما يحصل تماماً، فبالعودة إلى ما بيّنته التحاليل المخبرية، وإن كان لا بدّ من الحديث عن الوزن «فأكثر من نصف العينة هو خرا»، يقول الدكتور زهير برو، رئيس جمعيّة حماية المستهلك في لبنان.
هذا «الخرا»، يأكله الكلّ بلا استثناء، لكن على ما يبدو أن الدولة اللبنانية، بطاقمها، لم تتحسّس خطورة هذا الأمر، وخصوصاً مع «تشكيك بعض الوزراء في الحكومة في مدى جدّية الموضوع»، على اعتبار أنّ ما يجري «مبالغ به بعض الشيء»، على ما يقول برو.
مبالغ به؟ نعم، إذا ما افترضنا أنّ هؤلاء يأتون «من كوكبٍ آخر»، يقول أحد الذين شاركوا أمس في الوقفة الرمزية التي دعت إليها جمعية حماية المستهلك والمفكرة القانونية وجمعية فرح العطاء وعدد آخر من الجمعيات أمام السرايا الحكومية، للمطالبة بتأليف الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء. وهذا التفصيل أساسي، لأنّ هذا «البعض» لا يعرف أن لبنان يحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية، من حيث نسبة الإصابة بالسرطان، فقد بلغت هذه النسبة «9059 حالة عام 2012»، بحسب دراسة إحصائية رسميّة... كما أنّ الحياة المائية على حافة النهاية، بسب التلوّث الناتج من تحويل مجاري الصرف الصحّي والنفايات إلى الأنهر، وليس آخرها «موت» بحيرة القرعون، حيث أعلن المجلس الوطني للبحوث العلمية أنها «انتهت ولم تعد صالحة لري الأراضي الزراعية ولا لصيد الأسماك واستهلاكها».
كل هذا تواجهه الدولة بلا مبالاتها وعدم القيام بما يفترض أنه من الواجبات والأولويات، ومنها مثلاً تأليف الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء، التي «تماطل بتشكيلها على الرغم من إقرار قانون سلامة الغذاء قبل عام من الآن»، يقول المحامي ملحم خلف. وأمس، خلال الوقفة الرمزية أمام السرايا الحكومية، التي أتت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، اكتفى رئيس الحكومة تمام سلام بإرسال «فؤاد فليفل، المدير العام للمجلس، ليتسلّم منا المذكرة التي تدعو لتأليف الهيئة، مرفقة بتقرير عن نتائج الفحوص المخبرية للقمح والطحين في مطاحن لبنان الحديثة»، يضيف برّو.
في المبدأ، وصلت المذكرة. لكن، هل سيكون هناك هيئة لسلامة الغذاء أم لا؟ هل سيجرؤون على فعل هذا الأمر؟ ماذا عن صلاحياتها التي يقرّها القانون؟ هل هم راضون أصلاً عن تشكيلها؟
الجواب عن كل هذه الأسئلة ينتظر الحكومة، ما إذا كانت ستبتّها في القريب العاجل أم لا، علماً أن بعض الحاضرين كان يتحدّث أمس عن «عدم نيّة الحكومة تشكيل هذه اللجنة»، ومنهم برو، الذي أشار إلى أنّ «الأمر غير وارد، رح يصير هناك صراعات ومعركة سياسية حولها هني بغنى عنها». يختصر «ما في حماس لدى رئيس الحكومة لتشكيلها». يقول برّو "لقد تسربت لي معلومات من داخل مجلس الوزراء أن موضوع الهيئة طرح ولكن لم يؤخذ حوله قرار، ونحن ننتظر». من جهته، يتحدث المحامي ملحم خلف عن «مشكلة بآلية التعيين، والسؤال عما إذا كان من المفترض البدء بالمراسيم التطبيقية لقانون سلامة الغذاء أم نبدأ بتشكيل الهيئة؟»، لكن، كل هذا «لا يعنينا، فما يهم سلامة المواطنين، ولأجل ذلك سنكمل اعتصاماتنا كل خميس أمام السرايا كي ينتبهوا إلى أن صحتنا أولوية».

0 تعليق

التعليقات