يوم أخرج المثنى صبح مسلسل «العراب» (تأليف حازم سليمان، وإنتاج «سورية الدولية») وأخفقت التجربة ثم مرّت غيمة خلاف عابرة زعزعت علاقته بشركة الإنتاج، اعتقد بعضهم بأن مخرج «الدوّامة» سيجلس في المنزل واضعاً يده على خدّه منتظراً الفرج، لكنّ العارفين بكواليس الوسط الفني العربي، يدركون تماماً أن كبرى الشركات العربية تحبّ شغل صبح، ويمكن أن تقدم إليه الفرص على طبق من ذهب. هكذا، فازت mbc بالمخرج السوري، وأسندت إليه إخراج مسلسل «حارة الشيخ» (تأليف بندر باجبع) كي تصنع «باب الحارة» بنسخة سعودية. العمل كان بمثابة ثورة في الدراما السعودية، برغم أنه قوبل بحملة استنكار على السوشال ميديا وصلت حدود العنصرية. لكن تلك النتائج تعد إيجابية تسجّل لمصلحة العمل على المستوى الترويجي.
هكذا، أجّلت mbc إنجاز جزء ثان منه، مانحةً صبح تجربة جديدة هي «العاصوف» الذي باشر تصويره أخيراً لعرضه في رمضان (تأليف وبطولة النجم ناصر القصبي الذي كتبه بالتعاون مع الكاتب الراحل عبد الرحمن الوابلي، وعالجه درامياً الكاتب السوري عثمان جحى). ما سبق ليس سوى إشارة الى أهمية المخرجين السوريين، واحتلالهم مساحة في المشهد العربي، توازي أهمية نجوم الشاشة. في هذا العام، تقدّم مجموعة من المخرجين السوريين تجاربها في الوطن العربي. وإن كان صبح أوّلهم، فإن حاتم علي ما زال يشغل مكانة مرموقة على خارطة المشهد العربي. بعد تأجيلات عدّة لأكثر من مشروع له آخرها «أوركيديا» (دراما تاريخية متخيلة كتابة عدنان العودة وإنتاج «أيبلا»/ هلال أرناؤووط)، عاد مخرج «ثلاثية الأندلس» إلى مصر ووقّع عقده مع شركة «بي لينك» لينجز مسلسل «حجر جهنّم» (45 حلقة).
وكانت الشركة المصرية قد أعلنت أنّ النص الذي كتبته هالة الزغندي سيجسّد بطولته كل من: كندة علوش، وشيرين رضا، وفراس سعيد. كيف لا وقد سبق لعلي أن أنجز واحداً من أجمل المسلسلات المصرية وهو «الملك فاروق» الذي جسّد بطولته تيم حسن؟ ورغم تصنيف المخرج هشام شربتجي مسلسله الجديد «مذكرات عشيقة سابقة» (تأليف نور الشيشكلي)، بأنه سوري لكونه من كتابة وإخراج وبطولة سوريين، إلا أن هذا العمل الذي سيجري تصويره بين بيروت ودمشق، هو من إنتاج شركة لبنانية حديثة العهد اسمها «مارس ميديا برودكشن»، على أن يعرض في رمضان. لذا، تعد خطوة «شيخ الكار» حضوراً سورياً جديداً في لبنان. من جهته، أنهى زهير قنوع تأليف مسلسل «سايكو» مع النجمة أمل عرفة، وانطلق إلى لبنان استعداداً لتصوير مسلسله الجديد «أدهم بيك» (كتابة طارق سويد، وإنتاج «مروى غروب»).
هشام شربتجي يقدم «مذكرات عشيقة سابقة»، وزهير قنوع يستعد لـ «أدهم بيك» في بيروت

وعن السبب الرئيس الذي جعل المخرج السوري مطلوباً لدى شركات الإنتاج العربية بطريقة توازي بعض النجوم السوريين «البيّاعين»، يقول الكاتب والمخرج زهير قنوع في حديثه مع «الأخبار»: «هذا كلام دقيق وحقيقي. إذا اطلعنا على جوانب الموضوع، فسنجد أنّ المنتجين العرب لا يقدّمون فرصاً للمخرج السوري كرمى لسواد عينيه، بل لأنه متمكّن يستطيع أن يحقق نوعية، ويصنع نجاحاً من خلال الهوية البصرية التي يسبكها على كل عمل يقدّمه. ولولا لذلك لما قدّم إليه أحد فرصة». وعن مسلسله الجديد، يقول: «مسلسل «أدهم بيك» من إنتاج «مروى غروب» (مروان حدّاد) وقد سبق لي التعاون معها عام 2013 بمسلسل من تأليفي وإخراجي هو «العشق المجنون». والآن طلبتني الشركة مجدداً، والعمل الجديد تدور أحداثه سنة 1940 وهو من أجواء رواية «دعاء الكروان» لطه حسين، وليس مقتبساً على نحو دقيق عن الرواية. وقد كتب النص طارق سويد. ما أنجزه، يتّسم بخصوصية وحساسية عالية وأحداث مشوقة تنمّ عن موهبة عميقة لهذا الكاتب من خلال قصة كلاسيكية جميلة يؤدي بطولتها يوسف الخال إلى جانب مجموعة من الممثلين اللبنانين بينهم: يوسف حداد، وريتا حرب، وزينة مكي، وعمر ميقاتي، وشربل زيادة، وميشيل حوراني، وأسماء عديدة». أما عن الاستعدادات، فيضيف قنوع: «نعمل بطريقة جيدة، إذ نحتاج إلى استعدادات كبيرة من حيث الديكور والملابس كي نواكب الفترة الزمنية، ومن المتوقع انطلاق التصوير في أواخر الشهر الحالي»، لكن كلّ المعطيات تشير إلى أن العمل محلّي الصنع، فما سر وجود المخرج السوري؟ يرد قنوع: «الموضوع يشبه البزنس، فسوق الدراما العربية مفتوحة، والمخرج المحترف يتلقى عروضاً، إما يوافق عليها أو يرفضها، بحسب سويّة العرض. فكما استقطب الليث حجو مثلاً مشرف صوت أجنبياً ومشرف إضاءة غير سوري في مسلسله «الندم»، يمكن حضور أي مخرج سوري في لبنان والوطن العربي على نحو طبيعي».
من جانبه، يتصدى المخرج السوري وائل أبو شعر للمسلسل اللبناني «المحرومين» (تأليف غريتا غصيبة، وإنتاج «أونلاين برودكشن»/ زياد شويري). يقول المخرج لنا إنّ العمل «يحكي عن الطبقة الوسطى بعيداً عن حالة الفخامة والأبهة التي اعتدناها في الدراما اللبنانية، بل يتسلل نحو خبايا وهوامش المجتمع اللبناني. وستحمل القصة أبعاداً مشوّقة، وتجرّب مواكبة تفاصيل جديدة لم يسبق للدراما اللبنانية مواكبتها». أما عن موعد التصوير وأبطال المسلسل، فيفيد بأنّ «الكاميرا ستدور في الأوّل من تشرين الثاني (نوفمبر)، وقد وقّع حتى الآن مجموعة من الممثلين، من بينهم طوني عيسى، وجوي خوري، ومجدي مشموشي، وآية طيبة، وشيرين أبو العز، ونور صعب».
لكن ماذا عن السبب الذي يجعل شركات الإنتاج تفضّل المخرج السوري؟ يقول أبو شعر «الخبرة التي يملكها، نتيجة تراكم التجارب وزحمة العمل، والمجد الذي صنعته الدراما السورية. هذا ما جعل مخرجيها ورقة رابحة تطلب للعمل أينما كان. هذه الخبرة ربما لا يملكها الفنان اللبناني لكنّه بدأ يكوّنها شيئاً فشيئاً من خلال التجارب الأخيرة». ويكشف أبو شعر أمراً ربما لا يعرفه كثيرون:«المخرج السوري كان مطلوباً للعمل قبل اندلاع الأحداث، لذا لا يمكن اعتبار الأزمة سبباً في جعله معروفاً عربياً. لكن العروض التي كانت تأتيه، كانت تواجه بالرفض، لأن الأجور التي كانت تدفع توازي الأجور التي نتقاضاها في دمشق، فما الذي يجعلنا نسافر ونترك بلدنا والشغل الممتع فيها؟ اليوم صرنا نقبل هذه العروض بسبب ضيق الفرص في سوريا، والمطب الذي نمرّ فيه».
أما المخرج أسامة الحمد، فقد أسس شركة «الصدى» في لبنان، وبدأ بإدارتها، وباشر أخيراً تصوير مسلسل «فخامة الشكّ» (كتابة كلوديا مرشليان وإنتاج mr7 ــ مفيد الرفاعي وشركة «الصدى»). تدور أحداث المسلسل في ستين حلقة حول العلاقات الاجتماعية المعقدة في المجتمع اللبناني.