على الصورة الجوّية لبيروت العائدة لعام 1956، يصعب تحديد مواقع عقارات "الإيدن روك" في الرملة البيضاء. فالعقارات ذات الأرقام 3689، 3690، 3691، التي حرّرها أخيراً مُحافظ مدينة بيروت، القاضي زياد شبيب، بوصفها عقارات خاصة صخرية لا تدخل في الأملاك البحرية العمومية، يظهر جزء كبير منها على الصورة المذكورة "مُنغمسٌ" في مياه البحر ورماله. التسلسل التاريخي الذي أجرته جمعية "الخط الأخضر" لواقع عقارات شاطئ الرملة البيضاء، أول من أمس، في الندوة العامة التي حملت شعار "الشاطئ لكل الناس" في مبنى الجامعة اليسوعية للجميع في بيروت، يُثبت أن عقارات الشاطئ، المُحرّرة وغير المُحرّرة، لم تكن تاريخياً سوى جزء من الأملاك العمومية البحرية.هدف الندوة كان واضحاً: الردّ على حجج المحافظ ومطالبته باسترداد التراخيص التي منحها لأصحاب المشروع، في ظل بروز مُعطيات جديدة.
المُضيّ بالمشروع الحالي فاتحة لمشاريع أخرى على الشاطئ

تأتي هذه الندوة بعد جلسة النقاش العام التي أقامتها جمعية "نحن" مع شبيب، الأسبوع الماضي، والتي أصرّ خلالها على ضرورة "صون" الملك الخاص والحفاظ عليه. كذلك تأتي الندوة بعد جلسة النقاش التي نظّمتها كل من "المفكرة القانونية" و"الحملة الأهلية للدفاع عن دالية الروشة" حول دور بلدية بيروت في الدفاع عن أملاكها. "تواتر" الجلسات يهدف، بحسب المحامي نزار صاغية، الى "رفع حالة التأهب والسعي الى التحرّك ضدّ ما يتعرّض له شاطئ الرملة البيضاء من تعديات تهدف الى خنقه وحجبه عن العموم".
"في حال المُضيّ بمشروع الإيدن روك، فإن المشروع الذي يُخطط له سميح غدّار (مالك عقارات المسبح الشعبي)، سيكون التالي حتماً"، يقول رئيس جمعية "الخط الأخضر" علي درويش، قبل أن يستكمل العرض القانوني لعقارات الشاطئ.
استند عرض درويش الى خريطة مشروع الإفراز للعقار الرقم 2230 (الذي يشمل غالبية الشق الجنوبي الشرقي لأراضي منطقة الرملة البيضاء) المصيطبة/ لعام 1949، وأبرز كيف كانت مياه البحر تجتاح العقارات، ليُسقط بذلك ذريعة أن العقارات التي جرى تحريرها "لا تنطبق عليها صفة الملك العام"، وفق ما يقول شبيب.
التركيز على مسألة "اجتياح" المياه للعقارات، هدفه القول بأن خريطة ترسيم عام 1962 التي استند إليها المحافظ كي يُعطي الرخص وكي يتبنى مقولة أنها لا تحوي "على شُبهة الملك العام"، تقابلها خرائط أخرى تُثبت العكس. يُضيف درويش في هذا الصدد: "منسوب المياه يتغيّر بين عام وآخر، وحدود المياه لا تعني أبداً نهاية المُلك العام، إنما بدايته".
ذكّرت الندوة بالمرسوم الرقم 14699 الصادر عام 1957، والذي تبّنى قرار المجلس البلدي، الذي نص على اتفاق وُقّع بين البلدية وأصحاب العقارات في المنطقة. يقول درويش بموجب هذا الاتفاق "أصبحت كافة العقارات تحت الكورنيش مُرفقة بعدم البناء من أي نوع كان".
الكثير من "الثُغر" التي تُثبت وجود الحجج الدامغة التي كان باستطاعة المحافظ الاستناد إليها قبل إعطاء الرخص، كمساحة الـ 300 متر من الملك العام الذي كان جزءاً من طريق "أم كلثوم" التي تُشكّل حالياً جزءاً من العقارات التي تجري الأعمال عليها، وكمخالفة المشروع لشروط الاستثمار التي تنص عليها القوانين المرعية الإجراء، من ناحية العمق والمساحة.
يصرّ الناشط المدني رجا نجيم على أن المحافظ يملك هذه المُستندات، ويقول إن الكتاب الذي أرسله الى وزارة النقل والأشغال وتذرّع بأن الوزارة لم تردّ عليه، لذلك أقدم على إعطاء الرخص، "لم يكن يتعلق بهذه العقارات"، مُتهماً إياه بالتواطؤ مع أصحاب المشروع من أجل إعطاء الرخص.
من جهته، لفت صاغية الى ضرورة خوض معارك قضائية في ملفات كهذه من أجل إعادة صياغة الخطاب العام القانوني الذي طالما كان منحازاً الى المُلك الخاص.

اعتصام اليوم

دعت جمعية "نحن" إلى اعتصام، اليوم، أمام شاطئ الرملة البيضاء، الساعة الخامسة مساء، رفضاً للتعدي على الملك العام ورفضاً لكل رخص البناء على هذا الشاطئ. كذلك من أجل "التنديد بكل أعمال التزوير"، ومنعاً لسرقة الرمول.