تطوير المناهج التربوية: مناقشة المضمون قبل السياسة التربوية

  • 0
  • ض
  • ض

تنعقد، منذ أيار الماضي، ورشات عمل في المركز التربوي للبحوث والإنماء بهدف إضافة أو حذف أو دمج محاور ومفاهيم ومصطلحات جديدة في المناهج التربوية. هي عملية تطوير وليست تعديلاً، كما تقول رئيسة المركز ندى عويجان، مشيرة إلى أنه سيكون هناك توجه للتقليل من المعارف المتوفرة في كل مكان والتركيز على بناء شخصية ناضجة لدى المتعلم مزودة بالمهارات والقدرات للتعاطي بإيجابية وبعلمية مع المعارف. لكن هذه العملية تأتي بعد 18 سنة على وضع المناهج المطبقة حالياً، فيما كان ينتظر أن يعاد النظر فيها بعد 3 سنوات على تطبيقها. أما النقاش فهو، بحسب تربويين مشاركين، عبارة عن عصف أفكار بشأن المضامين من دون وضع أهداف ورؤية تربوية واضحة، إضافة إلى أنه يأتي معزولاً عن أي تقويم لمناهج 1997 وحتى لما سمي المناهج المطورة، إذ جرت في السنوات الأخيرة محاولات لتعديل المناهج وتأليف كتب جديدة لم تبصر النور، رغم كل ما رافقها من هدر للوقت والمال. فهل اليوم هناك قرار سياسي جدي للتعديل؟ المركز، على الأقل، جاهز ولديه خطة استراتيجية كما تقول رئيسته. إلا أن النية الطيبة وحدها لا تكفي، بحسب التربويين.

كيف سيضبط الإيقاع بين حاجات المدرسة الرسمية وحاجات المدرسة الخاصة؟
فما كان مطلوباً في بداية نهار أمس لم يكن منطقياً بالنسبة إلى الكثيرين، إذ كيف يمكن بساعات قليلة حسم أمور تتطلب شهوراً. البارز كان الطلب من المنخرطين في الورشات أن يعطوا رأيهم في إدماج المشاريع التي تطرحها جمعيات المجتمع، في مناهج التربية واللغة العربية تحديداً. بعض العناوين كان مستساغاً مثل الجندرة والصحة الإنجابية والسلامة المرورية، إلا أن بعضها الآخر أثار جدلاً مثل المواطنة الحاضنة للتنوع لجهة الحذر من تكريس الوضع الطائفي القائم والتعايش معه، وتم اقتراح تغيير العنوان للتربية على المواطنة وتكافؤ الفرص. وسأل آخرون عن المقصود باحترام الملكية الفكرية، وما إذا كان ذلك مرتبطاً باحتكار الشركات الكبرى للمعرفة على الإنترنت ومنعها عن الشعوب الفقيرة، وهل تدرس التربية على السلام وحل النزاعات بمعزل عن حق الشعوب بالمقاومة، وهل المقصود من الأمان اللغوي إتاحة مساحة حرة للتلميذ بأن يتكلم باللغة المحكية ولغة الإنترنت في حصة اللغة العربية مثلاً. من المفارقات أن الدعوات كانت توجه للمشاركين قبل يوم واحد من الورشة، ما يؤدي إلى أن يبقى النقاش حول المقاربات التي سيبنى عليها العمل في إطار العموميات، ولم يتضح للكثيرين كيف سيطبق التعليم التفاعلي والتربية الشمولية والتربية الفارقية. السؤال الأهم المطروح: هل حددت مرتكزات المرحلة المقبلة بناءً على حاجات المدرسة الرسمية، إذ كيف ستوضع مناهج تواكب العصر غير قابلة للتطبيق في المدرسة الوطنية وقبل إجراء أي تقويم تشخيصي لواقعها؟ ومن الهواجس معايير اختيار المشاركين لجهة غلبة ممثلي مدارس الجمعيات الدينية والطائفية. ففي بعض اللجان، ولا سيما في اللغات والتربية، كان عدد ممثلي التعليم الرسمي لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة؟ كيف سيضبط الإيقاع بين حاجات المدرسة الرسمية وحاجات المدارس الخاصة طالما لم توضع مرتكزات يبنى عليها؟ هل حصلت اجتماعات لكل المشاركين من القطاع العام والمدرسة الرسمية لتنسيق المواقف على أسس تربوية وسياسية واضحة؟ ما هي الإجراءات والقرارات التي سيتخذها الفريق السياسي الذي يمسك اليوم زمام الأمور في وزارة التربية والمركز التربوي على حد سواء لمعالجة المشاكل التي تعانيها المدرسة الرسمية؟ كل علامات الاستفهام لم تمنع البعض من القول إنها خطوة أولى في دمج الخبرات بين القطاعين الرسمي والخاص على طريق إصلاح الخلل في المناهج الحالية لجهة الاستغناء عن الحشو في المعلومات التي لا يحتاج إليها المتعلم في حياته اليومية لمصلحة المفاهيم العصرية. تؤكد عويجان أننا "حريصون على عدم تهميش أحد، وسيتم إشراك التلامذة في النقاش أيضاً من خلال ورشة مخصصة لهم. ولا نأتي لننسف ما سبق، إنما لنبني عليه". وعن إشراك القطاع الخاص بشكل كبير، تجيب: "نريد أن نعكس هواجس عينة ممثلة للمجتمع المدرسي، فثلثا المؤسسات التربوية هي من القطاع الخاص، وإن كان ذلك لا يعني أن ثلثي المشاركين من القطاع الخاص.

0 تعليق

التعليقات