طوال الأسبوعين الماضيين، غابت أخبار «المحور الشمالي» لمحافظة نينوى عن تغطيات وسائل الإعلام المتابعة لمعركة الموصل، وتحديداً عقب الإعلان الرسمي لتحرير بعشيقة، على الرغم من التقدّم «البطيء» الذي تحرزه القوات العراقية المشتركة في قطاعات العمليات المتعدّدة، الأمر الذي أثار جملة تساؤلات، مبرزاً علامات استفهام عدّة حول طبيعة ما يجري هناك، خصوصاً أن المنطقة تعتبر «معقل» المستشارين الأميركيين، إضافةً إلى أنها حلبة «صراع» بين القوى غير النظامية فيها.«استراحة المقاتل» انتهت أمس في المحور الشمالي، بإعلان قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن عبد الأمير يارالله، عن تقدّمٍ هناك وتحرير منطقتين هما: السلام وأروطا خراب، حيث «رُفع العلم العراقي فوق مباني المنطقتين بعد تكبيد مسلحي داعش خسائر كبيرة».
وأشارت مصادر ميدانية وأمنية، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن «القوات المُكلّفة بالمحور الشمالي حقّقت تقدماً جيداً منذ انطلاق عمليات التحرير، بحيث أصبحت على مقربة من أول أحياء الموصل من الجهة الشمالية (الحي العربي)، غير أنها توقفت عند ساحة التبادل».
ووفق المصادر، فإن أمر وقف العمليات جاء من «قيادة العمليات المشتركة» لأسباب مختلفة، بينها تنسيقية في ما يتعلق بالتقدّم في بقية المحاور، وأخرى لوجستية ترجع إلى قلّة عديد القوات العسكرية.
وفي السياق، يكشِف مصدر مطلع على سير العمليات وجود ما سمّاه «صراع» بين القوات المكلفة باستعادة الموصل، إذ دفع ببعضهم إلى تسريب معلومات لقادة في «داعش» والأتراك لعرقلة تقدّم القوات التي تكلفها العمليات المشتركة بالهجوم على هذه المنطقة أو تلك، ما أدى إلى إفشال الهجوم وتبديل «داعش» لخططه.
سرّب البعض معلومات وخططاً عسكرية لـ«داعش» والأتراك

ويروي المصدر لـ«الأخبار» حادثة وقعت قبل أيام، حينما قررت القوات العسكرية في القاطع الشمالي الهجوم على إحدى القرى لتحريرها، في الساعة الرابعة فجراً، إلا أنها فوجئت بانسحاب مسلحي «داعش» من القرية قبل ساعتين من موعد الهجوم. ويؤكد المصدر أن «عناصر في حرس نينوى بقيادة (محافظ الموصل السابق) أثيل النجيفي، متورطون بالفعل في تسريب معلومات وخطط عسكرية لداعش والأتراك»، موضحاً أن «بعض الجهات فرضت على الفريق علي الفريجي (مسنودة إليه قيادة القاطع الشمالي) قوات من الحشد العشائري بدعوى أنّهم من أبناء المناطق».
كذلك، يشير المصدر إلى أن ما يجري في المحور الشمالي من تصارع بين القوات المشاركة من جهة وتسريب خطط ومعلومات من جهة أخرى، أوقع «القيادة العامة للقوات المسلحة والعمليات المشتركة» في حرج كبير، ما دفعها إلى وقف التقدم وتأجيله لأكثر من مرة، لافتاً إلى أن تعزيزات عسكرية كبيرة ستصل إلى «الفرقة 16»، في الأيام القليلة القادمة.
وعلى هذا الصعيد، يرى المحلل السياسي هشام الهاشمي أن «الفرقة الـ16 قوة كلاسيكية ليس لها القدرة على خوض معارك في مناطق القاطع الشمالي». وأوضح في حديثه إلى «الأخبار» أن «الموجود في الفرقة 16 هو بحجم لواء وليس فرقة، فضلاً عن افتقادها للمعدات الكافية»، مقترحاً إرسال فوجين من «جهاز مكافحة الإرهاب» لإكمال مهمة تحرير القاطع الشمالي. وفي ما يتعلّق بالقوى الأخرى المشاركة، أكّد الهاشمي أن «قوات النجيفي أضعف من تكليفها بهذه المهمات».
وبدت لافتة تصريحات أثيل النجيفي، في لقاء متلفز، بوصفه رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ«رجل المرحلة»، مشيراً إلى أنه أبلغ الأميركيين بذلك، في تصريحات غير مسبوقة لقيادي متشدد مثل النجيفي. وتأتي كلمة النجيفي في سياق اقتسام «كعكة الموصل»، إذ إن «مرحلة ما بعد الموصل» هي الحديث السائد في الأروقة السياسية العراقية. وأكّد قائد قوات «الحشد الوطني» أنه «يقاتل تحت مظلة القائد العام للقوات المسلحة (العبادي)»، لافتاً إلى أن «المعلومات المتداولة بشأن التدريب (الحشد الوطني) مغايرة للواقع، ووصلت لرئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض بصورة مغايرة ومغلوطة». أما عن لقائه برجل الأعمال خميس الخنجر، وتفقّدهم للقطعات العسكرية مع شقيقه أسامة، فقد بيّن النجيفي أن «اللقاء بالخنجر محاولة لجمع أكبر قدر ممكن من القيادات السنية لتغيير الوضع العراقي بشكلٍ أفضل، وتطوير واقع المجتمع السُنّي».