لم يكد اختصاصيو المعلوماتية يسمعون بتعميم وزير التربية الياس بوصعب الذي يلزم التعاقد مع اختصاصي واحد على الأقل لمكننة الأعمال الإدارية في كل ثانوية أو مدرسة رسمية حتى هبّوا هبّة واحدة وتدفقوا لتقديم الطلبات. ففي تعميم الوزير إغراءات لا تفوّت: أجرة يوم عمل فعلي: 50 ألف ليرة لبنانية لحملة شهادة البكالوريا الفنية (BT) و70 ألف ليرة لبنانية للشهادات الأعلى، بدل نقل يعادل 8 آلاف ليرة لبنانية عن كل يوم حضور، والتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
لم يسبق لأي متعاقد مع وزارة التربية أن نال مثل هذه التقديمات المنصوص عليها في تعميم بوصعب الصادر في 19 شباط الماضي، الذي يشرح أن المستحقات ستؤمن على حساب صندوق المدرسة أو صندوق مجلس الأهل منفردين أو مجتمعين، في حال عدم إسناد هذه المهمة إلى أحد أفراد الهيئة التعليمية الذين تتوافر فيهم المؤهلات العلمية والخبرة في أعمال المكننة، ولا سيما الأساتذة والمدرسون الذين لم يستكملوا نصابهم القانوني في التدريس. ويحصر التعميم عدد أيام العمل بيومين اثنين للمدارس التي لا يتجاوز عدد تلامذتها 100 تلميذ، 3 أيام للمدارس التي يزيد تلامذتها على 100 ولا يتجاوز 200، 4 أيام للتي يزيد عدد تلامذتها على 200 ولا يتجاوز 400، و5 أيام للمدارس التي يزيد عدد تلامذتها على 400.

بوصعب: وقّعت عقود المستوفين شروط المهمة


ظن الاختصاصيون أنها فرصة العمر التي ستطمئنهم إلى مستقبلهم وتؤمن لهم الاستقرار الوظيفي المنشود، فسارعوا إلى الالتحاق بعملهم بعد شهر واحد من بداية العام الدراسي، بمجرد تلقيهم تبليغاً شفهياً من مديري المدارس بقبول طلباتهم. ومِن هؤلاء مَن لم يتردد في تقديم استقالته من عمله السابق، طمعاً في «وظيفة الدولة» والتثبيت الآتي! بل المفارقة أن يفتح هذا التعميم عيون المتعاقدين من أساتذة المواد التعليمية الأخرى الذين راحوا يمنّون النفس في تسريع قبض رواتبهم لتصبح شهرية لا فصلية كما يحدث الآن.
لكن فرحة هؤلاء لم تصل إلى قرعتهم، بحسب المثل الشائع، إذ فوجئوا بتعميم آخر للوزير صدر في 3 الجاري، يعدّل التعميم الأول لجهة أن يكون استخدام من يكلف بأعمال المكننة لمدة 3 أشهر كحد أقصى. وبعد انتهاء هذه المهلة، يحدد مدير المدرسة على مسؤوليته مدى حاجته إلى استخدام اختصاصي المكننة وفقاً لتبريرات واضحة.
قامت قيامة «المتعاقدين الجدد» وخصوصاً أنهم بدأوا عملهم من دون عقد رسمي باستثناء «إذن مباشرة» أرسله المديرون إلى المناطق التربوية. طالبوا بأن يكون لهم عقد سنوي (12 شهراً)، معربين عن خشيتهم من أن يكون تحديد مدة العمل بـ 3 أشهر هو للهروب من التسجيل في الضمان الاجتماعي المنصوص عليه في التعميم الأول.
استغرب بوصعب في اتصال مع «الأخبار» الضجة المثارة حول الموضوع من أشخاص لم يصبحوا موظفين بعد، مشيراً إلى أن الهدف من الاستعانة باختصاصيين هو مكننة معلومات الطلاب والأساتذة والإحصاءات ورفع مستوى التواصل اليومي عبر البريد الإلكتروني. لماذا تم تعديل التعميم وحصر المهمة بثلاثة أشهر فقط؟ أجاب: «لم نكن في الإدارة التربوية نتوقع العدد الهائل من الطلبات والتي وصل بعضها إلينا عن طريق موظفين من داخل الوزارة، وقد تمت غربلتها، ولا سيما أن من بين المتقدمين أساتذة مواد أخرى". وبينما أشار إلى أنّه وقّع العقود المستوفية الشروط، أوضح أنّ المدارس ولا سيما الصغيرة لا تحتاج إلى أكثر من 3 أشهر لإنجاز المهمة المطلوبة منها، و«من باب تعزيز اللامركزية الإدارية أعطينا المدير صلاحية تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لتمديد العقد أو لا».