فرنسا: صعود «سياسة الخوف»
الجميع في فرنسا يتحدث عن وصول مارين لوبان، مرشحة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، إلى الدورة النهائية في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. في المقابل، أعلن فرانسوا هولاند، الرئيس الأقل شعبية في تاريخ فرنسا الحديث (نسبة التأييد 4 في المئة فقط)، أنه لن يسعى لإعادة انتخابه.

هذا الاعلان يعكس التراجع الحاد لليسار واليسار الوسط الذي تشهده جميع الدول الديموقراطية.
ولكن المفاجأة الأكبر، على الأقل لجزء كبير من وسائل الإعلام والطبقة السياسية، كانت فوز فرانسوا فيون في الانتخابات التمهيدية لحزب يمين الوسط الرئيسي في البلاد. وفيون كاثوليكي تقليدي، يرفض التعددية الثقافية ويحذّر من تأثير المسلمين على الهوية الفرنسية.
كل ذلك يؤكد تفكّك اليسار الفرنسي الذي بات مقسّماً إلى أجزاءً عدّة. فإيمانويل ماكرون، المرشح لانتخابات الرئاسية، استقال من حكومة هولاند وشكّل حركة سياسية وسطية جديدة تتمحور حول تحديث السياسة الفرنسية وتبنّي الانفتاح الاقتصادي. وسيواجه ماكرون مرشحاً يسارياً آخر من قلب «الحزب الاشتراكي» هو مانويل فالس. من جهة أخرى، جان لوك ميلنشون سيمثل اليسار الراديكالي في الانتخابات، وأرنود مونتبورغ، الآتي من «الحزب الاشتراكي»، يسعى من خلال ترشيحه للحد من «العولمة الزائدة».
هذا التخبط في اليسار واليسار الوسطي يعكس انتشار «سياسة الخوف» في المجتمعات الديموقراطية. ومن عناصر هذه السياسة الخوف من تأثير العولمة على مستوى معيشة الطبقة العاملة، والخوف من المهاجرين، والخوف على الهوية الوطنية، والخوف من الإرهاب. اليسار الذي ازدهر من خلال اعتماد «سياسة الأمل»، عليه إما أن يتعامل مع هذه المخاوف أو محاربتها والتقليل من خطورتها.
(إي.جاي ديون جونيور، «واشنطن بوست» الأميركية)

النمسا تريد أوروبا... وإيطاليا لا

صوّت 60 في المئة من الايطاليين بـ«لا» على مشروع الإصلاح الدستوري المُقترح من قبل رئيس الحكومة ماتيو رينزي. الواقع جاء مخالفاً لآمال بروكسل، ورينزي سيغادر بعد عامين من الحكم. فالايطاليون لم يلتفتوا إلى ما كانت تحاول أوروبا قوله لهم، ووجهوا ضربة موجعة للقارة مع نجاح حملة حزب «النجوم الخمسة» المعادي للاتحاد الأوروبي في دفع الناخبين إلى التوصيت بـ«لا».
في المقابل، شهدت أوروبا لحظة سياسية أخرى بالغة الأهمية، مع رفض غالبية النمساويين المرشح الرئاسي اليميني المتطرف نوربرت هوفر.
ظاهرياً، ليس من المنطقي مقارنة استفتاء الإصلاح الدستوري في بلد يبلغ عدد سكانه 60 مليوناً (إيطاليا) بالانتخابات الرئاسية في بلد آخر أصغر بثماني مرات (النمسا)، إلا أن أوروبا كانت في انتظار إشارة إيجابية من البلدين على حدّ سواء.
أرسل النمساويون رسالة واضحة لأوروبا من خلال انتخاب الكسندر فان دير بيلين، الرئيس الذي بنى حملته الانتخابية على أهمية الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى بلاده. أما في إيطاليا، فرغبة أوروبا لم تكن أولوية، بل التصويت بـ«لا» هو أيضاً تصويت بـ«لا» للاتحاد الأوروبي. في الواقع، إيطاليا في حالة فوضى مع ارتفاع معدلات البطالة والأزمة المصرفية الضخمة وصعود التيارات الشعبوية. البلد غير قادر (والإيطاليون لا يرغبون أصلاً) على أن يكون ركناً أساسياً في الاتحاد الأوروبي. إن هذا «الحلم» أوروبي وليس إيطالياً.
(أليسيو كولونيلي، «ذي إندبندنت» البريطانية)