بعد استقالة مانويل فالس من رئاسة الحكومة للتفرغ للحملة الرئاسية، عيّن رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند، وزير الداخلية «الوفي» برنارد كازنوف رئيساً لحكومة تصريف الأعمال حتى الانتخابات الرئاسية في عام 2017.
وهذه ليست المرة الأولى التي يخلف فيها كازنوف فالس، فقد تلاه في وزارة الداخلية منذ عام 2014 التي تسلّمها منذ ذلك الحين، أي نحو ثلاثة أعوام مرت خلالها فرنسا بتحديات أمنية صعبة. ولعل هذه المهمات التي تولاها كازنوف طوال عهد هولاند تجعل من توصيف «رجل المهمات الصعبة» ملائماً له، وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية.
وقد جاء اختيار هولاند لكازنوف بناءً على معطى أساسي يتلخص بأن كازنوف كان على مدى خمس سنوات عنصراً أساسياً في كل حكومات العهد، وهذا يعني وفق مصادر مقربة من الرئاسة لصحيفة «لوموند» أن كازنوف يتلاءم مع معايير أساسية للمنصب هي «الفعالية والتماسك والثقة». وهذا يجعل من اختيار هولاند لكازنوف «اختياراً للخبرة»، إذ إن كازنوف اختبر العمل الحكومي في عدة وزارات لوقت طويل، وتعامل مع الأزمات.
وتولى كازنوف (53 عاماً) عام 2012 وزارة الشؤون الأوروبية، نجح خلالها باعتماد اتفاقية الاستقرار الأوروبي، رغم اعتراض عدد من النواب الاشتراكيين. وفي آذار 2013، أصبح وزيراً للمالية خلفاً لجيروم كاهوزاك الذي أخرج بسبب فضيحة تهرب ضريبي. حينها، لم يعتبر كازنوف نفسه مؤهلاً لتولي المهمة، لكنه في ما بعد أخذ لقب «الروبوت» أو «الرجل الآلي» من زملائه الاشتراكيين لقدرته القوية على تولي الملفات المالية. وفيما كان ملائماً لوزارة المالية، إلا أن «الرجل الآلي» لم يوقف صعوده السلم الحكومي، وصولاً إلى توليه وزارة الداخلية عام 2014 بعدما انتقل مانويل فالس إلى رئاسة الحكومة.

واجه كازنوف في وزارة الداخلية مهمات صعبة مثل مكافحة الإرهاب

في الداخلية، لم تكن المهمات التي واجهت كازنوف سهلة، خصوصاً أن مدته في الوزارة تزامنت مع أزمات طاولت الشق الأمني الداخلي، أُولاها الضربات الإرهابية التي هزّت فرنسا، وإلى حد ما أزمة المهاجرين. لكن قرارات عديدة اتخذها في مراحل مختلفة تعرضت لانتقادات. وكان أول المواقف التي أحرجت كازنوف، موت الناشط البيئي الشاب ريمي فريس أثناء تجمّع، بعدما رمت عليه الشرطة قنبلة، ما أثار أسئلة عديدة عن العنف الممارس من الشرطة على المتظاهرين. بعد ذلك، وقعت اعتداءات «شارلي إيبدو» في كانون الثاني 2015، ثم اعتداءات باريس في تشرين الثاني 2015، وصولاً إلى الاعتداء على إحدى الكنائس في 14 تموز 2016، وأخيراً اعتداء نيس في 26 تموز 2016.
في هذا الإطار، رأت صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية أن كازنوف كان قادراً على تغيير سياسة مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى الانتقادات التي وجهت إليه بعد اعتداء نيس، لجهة عدم اعتماد تقسيمات جديدة أكثر بساطة لقوات الأمن وتحديد مهماتها لكي لا تتعارض مع بعضها، ما يسهل عمل أجهزة مختصة بمكافحة الإرهاب. أما في ما يتعلق بحالة الطوارئ الممدّدة لستة أشهر، فلم تستخدم حصراً ضد الإرهابيين أو المشتبه فيهم، بل أوضحت «ليبيراسيون» إنها استخدمت ضد الناشطين البيئيين خلال قمة المناخ في باريس، وضد المتظاهرين المحتجين على قانون العمل. السؤال الآن ما إذا كان كازنوف، الذي سبق وقال إن «حالة الطوارئ لا يمكن أن تكون حالة دائمة» سيقوم برفعها أو لا.
أما آخر المهمات الصعبة التي تولاها وهو وزير للداخلية، فهي تدمير مخيم كاليه للمهاجرين في تشرين الأول الماضي، لكن بشكل عام، إن الإجراءات التي اتخذت للتعامل مع تنظيم وجود المهاجرين كانت «خجولة» ربما خشية من انتقادات اليمين المتطرف.
وعلى الرغم من كل تلك الإجراءات الجدلية التي قام بها وهو وزير للداخلية، إلا أن ثقة هولاند به والصداقة الشخصية التي تربط الرجلين جعلت منه مناسباً لمنصب رئاسة الوزراء الآن، خصوصاً أن الأسماء المطروحة في التشكيلة الحكومية هي من المقربين من هولاند، إذ سيخلف كازنوف في الداخلية برونو لو مير المقرب أيضاً من الرئيس، فيما استبعد المقربون من فالس من مناصب أساسية.
(الأخبار)