القاهرة | في ضوء التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية أخيراً، تسرّع الحكومة المصرية في تنفيذ مشاريع سابقة مرتبطة بتعزيز الهيمنة العسكرية على سلطات الدولة، وفي مقدمتها القضاء. وترغب الحكومة حالياً في إعادة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، ما يجعل المعركة التي خاضها التيار المدني خلال كتابة الدستور بعد «30 يونيو» مهددة بقوة، مع صدور تعليمات لأعضاء البرلمان بالدعوة إلى إجراء تعديلات دستورية وتشريعية.
هذه التعديلات قد تتضمن أيضاً تعديل مدة الرئاسة لتكون خمس أو ست سنوات، بدلاً من أربع، وفقاً للدستور الحالي أو عدم وضع شرط المدّتين فقط، وإن كان الاختيار صعباً في الوقت الحالي، رغم رغبة الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤيديه في تمريره.
وتسعى الأجهزة إلى إعادة المحاكمات العسكرية دستورياً، بالرغم من قسوة أحكامها ولاعدالة قضائها وافتقاد الكثير من المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة. فبالرغم من وجود قانون يعتبر المنشآت العامة منشآت عسكرية، وتكليف الجيش بحمايتها واعتبارها مناطق عسكرية بما يسمح ضمناً بمحاكمة المدنيين المتورطين في أعمال عنف أمام القضاء العسكري، يرغب المشرع العسكري في توسيع سلطاته أكثر.
ليس المشرّع العسكري وحده الراغب في استغلال الموقف، ولكن أيضاً الحكومة التي تريد سرعة محاسبة «الإخوان المسلمين» وزيادة الأحكام النهائية الصادرة بحقهم، عبر اختصار درجات التقاضي لتكون على مرحلتين بدلاً من ثلاث، وهي خطوة لم تراعِ أخطاء التحريات وعجز الداخلية عن نقل المتهمين أو استدعاء الشهود في كثير من الأحيان، حيث يتم تصدير صورة للرأي العام بأن القضاة يطيلون الفصل في الدعاوى بشكل نهائي، لكن الوضع الحقيقي يؤكد أن قصوراً في التحريات وإجبار الشهود في كثير من الأحيان على الإدلاء بأقوال غير حقيقية يكونان سبباً في تعطيل الفصل النهائي في القضايا.
رئيس البرلمان وعضو ائتلاف «دعم مصر» علي عبد العال بدأ التمهيد قبل أيام قليلة للتعديلات الدستورية، بالتأكيد أن البرلمان عاقد العزم على مواجهة الإرهاب بالتدابير والتشريعات اللازمة، «حتى لو تطلب الامر تعديل الدستور، وسوف يتحمل المجلس مسؤولية المواجهة التشريعية بما يتناسب مع تطوير الأساليب والأهداف الإرهابية، وبما يسمح للقضاء العسكري بنظر جرائم الإرهاب».
تصريحات عبد العال جاءت بعد طلب الحكومة عبر وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية سرعة تمرير التعديل التشريعي الخاص باختصار إجراءات التقاضي، وسط توقعات بأن تمر التعديلات الاستثنائية ويطرح التعديل الدستوري في غضون شهور قليلة، ليحكم النظام قبضته الكاملة على الدولة.