لعب الشيخ عمر رحمون دوراً أساسيّاً في الوصول إلى اتفاق «شرق حلب» الذي أفضى إلى وضع نهاية لهذا الملف الشائك الأخير. يؤكّد رحمون لـ«الأخبار» أنّ الاتفاق الذي أُنجز هو «اتفاق سوري ــ سوري، ولا علاقة لأي طرف خارجيّ في إنجازه. بعدما انتهت المفاوضات وأُنجز الاتفاق، تمّ عرضُه على الجانب الروسي».
يوضح أنّ تدخّله في الملف كان بناء على طلب من «حركة أحرار الشام الإسلاميّة»، ويؤكّد أنّ «النظام لم يكن من طلب تدخّله، فهو كان مسيطراً عسكريّاً وليس بحاجة إلى خدمةٍ من أحد». ويضيف «كل الوثائق (التي تثبت ذلك) موجودة عندي». ووفقاً للشيخ رحمون، فقد تولّى التفاوض من طرف المجموعات المسلّحة «المسؤول العسكري (في حلب) لحركة أحرار الشام الإسلاميّة أبو الفاروق، بعد تفويضه من كل الفصائل في (أحياء) حلب الشرقيّة».

قصة المغنّي القاشوش كذبة، أنا اخترعتها ضد النظام

لم يكن لـ«جبهة النصرة/ فتح الشام» أيّ دور في عمليّة التفاوض، ولا معلوماتٍ مؤكّدة لدى رحمون عن عديدها في شرق حلب، المعلومة المؤكّدة أنّ عدد المسلّحين الذين شملهم الاتّفاق كان «أربعة آلاف مسلّح، تم الاتفاق على خروجهم مع أسلحتهم الفرديّة، إضافةً إلى خروج كل من يشاء من المدنيين، ومن أحبّ من المدنيين أن يبقى فله ذلك وبضمانة دوليّة». لم يكن رحمون ممثلاً للحكومة في الاتفاق، بل «مفوّضاً بالتفاوض للوصول إلى اتفاق» يقول موضحاً «أنا لا أمثّل النّظام، فللنظام من يمثّله. طلب مني الثوّار أن أساعدهم في إنجاز اتفاق وإخراجهم من محنتهم، عرضتُ الأمر على النظام فقبل وساطتي. وعلى هذا الأساس اشتغلت، أنا لا أحمل صفة رسميّة عند النظام، أنا مواطن سوري فقط». خارج الحوار، كان رحمون قد أكّد عبر صفحته الشخصيّة على موقع «تويتر» أنّ «كلّ أصحاب القرار (كانوا قد) اتّفقوا على إخراج الناس بثيابهم (من) دون أي قطعة سلاح، لكنني ضغطت وحصلت على إعطائهم السلاح الفردي». ما كان للاتفاق أن يُنجز من دون رضى تركي، لا يقول رحمون ذلك حرفيّاً لكنّه يؤكّد لـ«الأخبار» أنّ «تركيّا ضغطت على الفصائل المسلّحة لقبول الاتفاق». عبر صفحته على «تويتر» أيضاً، كان رحمون قد أوضح أنّ «إيران لم تتدخّل في صلب الاتفاق، لقد أنجزنا الاتفاق ووقّعنا عليه ووقّعه الروسي، والإيراني لم يكن موجوداً وإنّما بعد توقيع الاتفاق كان لديه طلبات وتمّ تحقيق بعضها». نسأل رحمون عن ملف كفريا والفوعة الذي أُدرج لاحقاً في الإطار العام للاتفاق في ما يشبه «ملحقاً»، فيوضح أنه «تمّ التوافق على إخراج جميع المصابين والجرحى وكبار السن من كفريا والفوعة، وسيخرجون غداً (اليوم)». ووفقاً للشيخ رحمون، فالتأخير الحاصل في خروج مدنيي كفريا والفوعة مرتبطٌ بإجراءات لوجستيّة، يقول «نتابع العمل على إنجاز الاتفاق، وتم الاتفاق على تغيير مسار القافلة». ويضيف «المسار الذي تمّ الاتفاق عليه أوّل الأمر قطعته بعض الفصائل الغاضبة، فاضطررنا إلى تغييره تجنّباً للمشاكل». لا تتوافر لدى رحمون إجابة دقيقة في ما يتعلّق بعدد الخارجين المفترضين من البلدتين المحاصرتين، لكنّه يُقدّر عدد الخارجين في الدفعة الأولى بخمسمئة شخص تقريباً. ويضيف «أتوقّع انطلاقهم غداً صباحاً (اليوم)». يشير المفاوض إلى أنّ «ملفّ كفريا والفوعة مرتبطٌ بملف مضايا والزبداني، وسنواصل العمل على هذه الملفّات قريباً بإذن الله». لا يُعتبر اتفاق حلب هو الأوّل الذي حضر رحمون في كواليسه، لكنّ جهوده فيه كانت الأوضح، يؤكّد الرجل أنّه مستعدّ للعمل على أي ملف مشابه. يقول «لن اتأخر في خدمة بلدي سوريا إذا طُلبت مني المساهمة في عقد اتفاق شبيه باتفاق حلب».

من هو عمر رحمون؟

من أبناء مدينة حلفايا في ريف حماة الشمالي. حاصل على درجة الماجستير في الشريعة الإسلاميّة من جامعة دمشق. انخرط في «العمل المسلّح» عام 2012 وقام بتأسيس «حركة أحرار الصوفيّة العاملة في حماة وإدلب». عام 2015 اختفى رحمون من المشهد، ليتضّح أخيراً أنّه «تعرضت لمحاولات اغتيال من قبل جبهة النصرة، تواصلتُ بعدها مع النظام وسوّيت وضعي معه لأعود وأعمل في القضايا الإنسانيّة». يرى رحمون أنّه «لم يعد هناك ثورة، فالشرق تحكمه «داعش»، وإدلب تحكمها «جبهة النصرة، وبقايا فصائل الجيش الحر أتباع للقاعدة». ويؤكّد أنّه «مع الجيش السوري ضد الإرهاب والتنظيمات الإرهابيّة التي أضرت بالثورة أكثر من النظام». ويضيف «أنا عند النظام، لكنني لم أحمل السلاح وأقاتل معه». في بعض «تغريداته» يقول «لا أظن أن أحداً خدم الثورة أكثر مني ومن عائلتي إلا الشهداء، أنا أسستها في حماة. لكنني لم أثر على النظام ليقتلني كلاب القاعدة». يقول أيضاً «قصة القاشوش (المغني الشهير الذي زُعم أنّ عناصر أمن قتلوه وقطعوا حنجرته) كذبة، أنا اخترعتها ضد النظام».