الاشتباك يولِّد اشتباكاً والدم يستسقي الدم بين عشائر مخيم عين الحلوة. الثأر هنا لا يموت. القاتل والمتّهم بالقتل سواء، وسيُقتلان ولو بعد حين. هذا ما حصل مع فادي نجمة الذي دفع ثمن مخلّفات الاشتباك الأخير قبل أشهر.
نجمة الذي قُتِل بعد اتهامه بالتورط في قتل فتحاوي من آل عثمان، سبق أن نجا من محاولة اغتيال قبل أربعة أشهر أُصيب على إثرها في يده. وبحسب القيادي في «عصبة الأنصار» الشيخ أبو طارق السعدي، فإن الخلاف «عشائري بحت على خلفية مقتل شاب من آل عثمان وليس مرتبطاً باقتتال بين حركة فتح وعصبة الأنصار». ورأى أنّ نجمة «قُتل ظلماً وعدواناً»، مشيراً الى تقديم تقارير تؤكد أنّ لا علاقة له بقتل عثمان الذي قضى برصاص عناصر من فتح عن طريق الخطأ».

يُفترض أن لا
يقتصر تسليم المطلوبين على الضعفاء من المرتكبين


السعدي الذي كان أول من أعلن وقف إطلاق النار وانسحاب المسلّحين من حي الصفصاف، قال لـ«الأخبار» إنّ «عصبة الأنصار لا تريد تفجير الوضع في المخيم». وأضاف: «لم نُطلِق طلقة واحدة. ورضينا بالهدنة بعد تعهّدات بتسليم القتلة الذين لم يُحددوا بعد». وعن اللقاء الذي عُقد في سفارة فلسطين بحضور فتحي أبو العردات وممثلين عن الفصائل، أبرزهم المتحدث باسم عصبة الأنصار الشيخ أبو شريف عقل، قال السعدي: «تعاملنا بلين، رغم أنه سقط لنا ثلاثة قتلى. حركة فتح لم تُسلّم القتلة، لكنهم وعدوا بذلك. لذلك، حقناً للدماء، أعلنت وقف إطلاق النار. نحن حُكماء ولو اعتُدي علينا». من جهته، أكد قائد القوة الأمنية المشتركة في مخيمات لبنان اللواء منير المقدح لـ«الأخبار» الاتفاق «مع الإخوة في العصبة على التهدئة. وهناك وفدان من قيادة اللجنة الأمنية العليا توجّها إلى حيّي الصفصاف والبراكسات لسحب المسلحين». وتحدث عن مرحلة ثانية تلي سحب المسلّحين، هي توقيف المشتبه فيهم بارتكاب الجريمة للتحقيق معهم وتسليمهم إلى الدولة اللبنانية.
ميدانياً، اجتاز أهالي مخيم عين الحلوة أمس نهاراً عصيباً. وكما كان متوقعاً، انفجرت الاشتباكات ضد حركة فتح أثناء تشييع الضحايا، إذ لم تكد الجنازة تنطلق حتى هاجم المشيّعون من أحياء طيطبا وعرب زبيد منطقة البراكسات، وبدأ إطلاق النار عشوائياً باتجاه المنطقة الخاضعة لنفوذ حركة فتح، فحوصرت عشرات العائلات في المنازل ، فيما نزح من تمكن من الخروج. حصيلة اليومين الداميين في عين الحلوة بلغت أربعة قتلى وست إصابات، واحتراق منزلين.
مصادر أمنية تحدثت الى «الأخبار»، حذرت من أنّ الهدنة هشّة ومهددة بالسقوط في أي لحظة، وأنّ «أي ضربة قد تُعيد إشعال الاشتباكات من جديد، لا سيما أن أحداً لا يملك المونة على عشرات الشباب المتشددين». ورأت المصادر أنّ «عمليات الاغتيال التي هزّت المخيم من دون تسليم أي مطلوب والتي تزامنت مع معمعة تسليم المطلوبين العاديين، عزّزت الفلتان وهيّأت الأجواء لمزيد من الاغتيال». ورأت المصادر أنّه «إذا لم يُعالج السبب الجذري لهذه الإشكالات، فستبقى الأوضاع في المخيم قابلة للانفجار في أي لحظة». وبالتالي، «يُفترض أن لا يقتصر تسليم المطلوبين على الضعفاء من المرتكبين، بل أولئك الذين تقف خلفهم الفصائل القوية داخل المخيم».
تجدر الإشارة إلى أنّ الاجتماع في سفارة فلسطين كان مخصصاً لمناقشة المذكرة التي يُفترض أن تُقدّمها الفصائل الفلسطينية للدولة اللبنانية كي تكون بديلاً للسور الذي أوقف بناؤه، إلا أنّ الاجتماع أُرجئ إلى آخر الأسبوع.