عاد دييغو مجدداً إلى نابولي. في العالم بأسره هو مارادونا، أما في نابولي وحدها فهو دييغو. لا شكليات أو بروتوكولات تربط بين هذا اللاعب الأسطوري وشعب نابولي، ومع كل شيء فيها. هناك يكتفون بتسميته دييغو. يفرحون لذلك. كلمة دييغو بمفردها تلخص كل الحكاية وتعيد الزمن سنوات إلى الوراء لتروي تلك الرواية. رواية السحر الذي حمله مارادونا من مسقط رأسه لانوس ونثره في مسقط أحلامه نابولي. لانوس حيث الولادة... ونابولي حيث، أيضاً، الولادة.
عاد دييغو مجدداً إلى نابولي. بين "سان باولو" و"سان كارلو" حكى القصة أول من أمس. قصة الإبداعات في ذلك الملعب يرويها الأسطورة في هذا المسرح. هكذا أرادت نابولي أن تكرّم نجمها الأزلي ومعشوقها بحفل يروي فيه بنفسه قصته مع الرقم 10 إلى جانب الممثل الإيطالي أليساندرو سياني.
لا شك بأن "النوستالجيا" كانت تهفو إلى ذلك الزمان والقشعريرة تتملك الأبدان والسكون يعم المكان. إذ كيف يمكن أن يتحدث دييغو عن نابولي ولا يسبح الحضور بتأثر في بحر الذكريات بوجود صانعها؟
عاد مارادونا مجدداً إلى نابولي. هو الآن بجسده حاضر فيها، لكن طيفه لم يفارقها على الإطلاق. دييغو موجود كل يوم في نابولي. في الصباحات والمساءات. في اليقظة والمنامات. في صوره التي تحتل جدران الطرقات. موجود في الأجنّة في بطون الأمهات. هؤلاء الذين يبصرون النور على عشق دييغو كما يكتسبون ذلك من آبائهم. في نابولي، حبّ مارادونا فطري.
"30 عاماً لم تغيّر حبي لنابولي"، قالها مارادونا. هو لا شك كلام ليشبع به الأسطورة نهم الصحافة فحسب، إذ لا يحتاج شعب نابولي من أيقونته إلى أن يؤكد لهم ذلك. هذا مفروغ منه لديهم، وحقيقة تسطع عندهم مع إشراقة شمس كل صباح.
وقبل أن يشدّ الرحال، أُبلغ مارادونا بقرار منحه المواطنة الفخرية من نابولي في حفل ضخم سيقام في أيار المقبل لمناسبة مرور 30 عاماً على قيادته الفريق الجنوبي إلى أول لقب في الدوري الإيطالي. هكذا، ربطت نابولي أسطورتها بموعد قريب، حتى لا يطول الانتظار لرؤيته من جديد.