هي الكأس المرّة، تجرعتها إدارة نادي النجمة واتخذت القرار الذي حاولت على مدى شهرين تفاديه. عباس عطوي لم يعد قائداً لفريق النجمة ولا حتى لاعباً فيه. هو أمرٌ كان سيحصل في القريب العاجل وفي آخر الموسم على أبعد تقدير. عطوي ابن السابعة والثلاثين عاماً وصل الى نهاية مشواره الكروي الحافل بالانجازات؛ فهو من اللاعبين الذين حفروا أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة اللبنانية.

ومن الطبيعي أن يقترب من الاعتزال في ظل تقدمه في العمر وتراجع مستواه الفني، وهذا أمر طبيعي، فهذه هي "سنّة" كرة القدم. وبما أن لكل شيء نهاية، انتهى مشوار عطوي مع النجمة، لكن المفاجئ هو سيناريو هذه النهاية، سواء في الطريقة أو في التوقيت، إذ لا يمكن لأي إدارة أو مسؤول أن يُبعد قائد الفريق في منتصف الموسم، وفي وقت ينافس فيه الفريق في الدوري، ووصل الى نصف نهائي كأس لبنان. إذاً هناك أمر ما فرض على الادارة اتخاذ مثل هذا القرار.
ما هو مؤكّد أن القرار ليس وليد ساعته، بل جاء بعد محاولات حثيثة على مدى شهرين لإعادة الأمور الى نصابها مع قائد الفريق. العديد من الاجتماعات عقدتها الادارة مع عطوي، وطلبت منه مراراً الالتزام بتوجهات الادارة وتفادي المشكلات التي يسببها، فكان في كل مرة يعد بالالتزام وتحسين تصرفاته ويقوم بذلك على مدى أيام قليلة، قبل أن يعود الى تصرفاته السابقة.

مخالفات ففراق

لكن ما هي هذه التصرفات التي أزعجت الإدارة مراراً؟
لم يكن سهلاً معرفة هذه التصرفات في ظل صمت الادارة ورفضها الغوص في التفاصيل، حرصاً على اللاعب وسعياً وراء إبقاء الباب مفتوحاً أمامه لكي يبقى في النادي، لكن ليس كلاعب.
لكنّ نادياً بحجم نادي النجمة يمتد على صعيد الوطن، من الصعب أن تبقى الأمور مخبّأة فيه. فما لم تقله الإدارة قاله أشخاص متابعون للفريق عن كثب، فتقاطعت المعلومات لتشير إلى أن تصرفات عطوي لم تعد تُحتمل، إن كان على صعيد علاقته ببعض الجمهور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي التحريض الطائفي ضد لاعبين كبلال نجارين وأكرم مغربي، أضف الى ذلك دوره في التحريض ضد بعض الأشخاص في الادارة والتعرّض لهم.

أبقت الإدارة الباب مفتوحاً أمام عطوي كمشرف على الفئات العمرية ومستشار فنيّ

أما الأخطر بالنسبة إلى المسؤولين في النادي فهو تحويل الفريق الى مجموعات متصارعة الى درجة الوصول الى عدم تمرير الكرة الى هذا اللاعب وتمريرها الى لاعب آخر، اضافة الى محاربته بعض اللاعبين بشكل ضمني، ومنهم حسن المحمد وأكرم مغربي وخالد تكه جي.
كل هذه الأمور وضعتها الادارة على طاولة النقاش مع عطوي مراراً، قبل أن تتخذ قرارها الهادف الى حماية النادي وليس ضد عطوي، عرفاناً بالجميل لما قدمه على مدى سنوات للنادي. والدليل أن الادارة عرضت عليه ان يتسلّم الإشراف على الفئات العمرية في النادي، وتعيينه مستشاراً فنياً للهيئة الإدارية، وإقامة مباراة تكريمية تليق بتاريخه.
لكن عطوي رفض عروض الادارة، وطلب الحصول على استغنائه انطلاقاً من وجود فريق يرغب في ضمه اليه في الموسم المقبل، خصوصاً أنه مقتنع بأنه يستطيع اللعب لأربع سنوات أخرى قبل أن يعلن اعتزاله.

جمهور يقتحم الملعب

مع انتشار خبر الافتراق ساد الترقب ما سيعقبه من ردود فعل، وهو أمر طبيعي من قبل بعض جمهور النادي، فكان هناك تحرك عفوي محدود في التمرين أمس، حيث اقتحمت مجموعة من المشجعين بوابة الملعب ونزلت الى أرضه، ما حال دون إقامة التمرين. وحضرت القوى الأمنية الى الملعب، لكن المسؤولين عن النادي رفضوا أن يتم اعتقال المخالفين، كونهم من جمهور النادي، ولا يرضى المسؤولون أن يتم توقيفهم أو مسّ شعرة من رؤوسهم.
أما على صعيد اللاعبين، فقد كان هناك موقفان من نجارين ومغربي، حيث أشار الأول الى أنه لن يكون في الفريق ما لم يكن عطوي موجوداً، فيما طلب مغربي من الجمهور الهدوء، مؤكداً أن عطوي عائد.
وتشير المعلومات الى أن موقف اللاعبين جاء حرصاً على عدم زجّ اسميهما في الموضوع، خصوصاً في ظل كلام عن أنهما وراء القرار، في حين أن الادارة اكتفت بالرد بأن لا علاقة لأي لاعب بالقرار الصادر عن الهيئة الادارية بعد طول نقاش يعود الى شهرين، أي حتى قبل عودة نجارين الى الفريق.
ورغم صعوبة القرار، إلا أن المعنيين به، وتحديداً القائد عطوي، مطالبون بالهدوء والتفكير ملياً في مصلحة الفريق، في ظل المنافسة القوية التي تشهدها بطولة الدوري ووصول الفريق الى نصف نهائي كأس لبنان. ولا شك في أن عطوي حريص على مصلحة النادي، ويعلم تماماً أن عدم الاستقرار يؤثر بشكل سلبي على الفريق، وبالتالي هناك مسؤولية ملقاة على عاتقه لتهدئة الجمهور، وخصوصاً أن نادي النجمة أكبر من أي شخص، سواء كان إدارياً أو فنياً.
كذلك فإن خدمة النادي، الذي هو عائلة عطوي الأولى، لا تكون فقط من على أرض الملعب، ولعل ما يحتاج إليه النجمة خارج الملعب أكثر بكثير مما يحتاج إليه داخله، وعليه قد يكون عطوي مفيداً أكثر كمسؤول منه كلاعب.
أيضاً، فإن إدارة النادي، التي التزمت الصمت حيال ما حصل، ما كانت لتتخذ مثل هذا القرار رغم كل تبعاته، لولا أنها تعلم أنه لمصلحة النادي بشكل عام والفريق بشكل خاص.
الكرة أصبحت في ملعب عطوي، فإما أن يستمر في خدمة النادي لسنوات أكثر، ويكون لسان حاله "لن أقول وداعاً، بل إلى اللقاء"، أو يقول لجمهور النجمة "أنا صار لازم ودّعكم، ولكل شيء نهاية".




عسيران: النجمة أكبر من الكل

لم يرغب نائب رئيس نادي النجمة، صلاح عسيران، التوسّع في الحديث عن موضوع الافتراق عن القائد عباس عطوي، واكتفى بالقول "عباس ابن النادي ونحن متمسكون به وننظر اليه كعنصر له أدوار مهمة وجدية للمستقبل. لكن في الوقت عينه أشدد على أن نادي النجمة، الذي هو نادي الوطن، أكبر من أي مسؤول أو إدارة أو لاعب. هي مسألة تاريخ يمتد على مدى 72 عاماً، وبالتالي لا يمكن أن تتوقف هذه المسيرة لأي سبب كان".