عرض عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في تل أبيب، يؤاف غالنت، ما سمّاه «خطة سياسية استراتيجية»، لتحقيق المصالح الإسرائيلية في الساحة السورية، وانطلاقاً منها، في مرحلة بلورة الحل السياسي المرتقب. الخطة، التي تأتي في سياق سلسلة نقاشات إسرائيلية استعداداً لزيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لواشنطن، تهدف إلى «منع إقامة محور شر، إيراني ــ سوري ــ لبناني»، وممر بري بين مكونات هذا المحور من العراق، وأيضاً تأتي اعترافاً سورياً، بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل.
صحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي سربت مضمون وثيقة غالنت، أشارت إلى أنها تأتي في سياق النقاشات التي ترأسها نتنياهو في اليومين الماضيين، ومنها جلسة الوزاري المصغر أمس، إضافة إلى جلسات جمعته بكبار المسؤولين في المؤسستين العسكرية والسياسية، التي «خلصت إلى أن موقف إسرائيل ومصلحتها، هي في الإعراب أمام ترامب عن معارضة أي وجود إيراني في سوريا، في أي تسوية مستقبلية».
وثيقة غالنت، كما عرضت أمس أمام الوزاري المصغر، تتعلق بشقين اثنين: الأول كاشف لكل المصالح الإسرائيلية الثابتة تجاه الساحة السورية، حتى في مرحلة ما بعد إخفاق الحلفاء في تحقيقها عسكرياً، والثانية طموحة جداً، تتعلق بخطة تنفيذ، هي موضع شك من ناحية فعلية، وجاءت كأنها ترجمة سياسية لانتصار إسرائيلي وحلفائها ميدانياً، الأمر الذي لم يتحقق على أرض الواقع، ويذكر بمرحلة ما بعد الهزيمة الإسرائيلية عام 2006 في مواجهة حزب الله، حين «اشترط» وزير الأمن في حينه عمير بيرتس، تحقيق المصلحة الإسرائيلية بـ«منع» إيران من المشاركة في إعمار لبنان.

منع إقامة
محور شر، إيراني ــ سوري ــ لبناني

تهدف الخطة، كما ورد، إلى «صد التهديد الإيراني الذي ينشأ على الحدود الشمالية لإسرائيل»، من خلال «فرض مصاعب» أمام إقامة ممر بري بين إيران وحزب الله في لبنان عبر سوريا، على أن يشمل الحل السياسي المستقبلي، وكجزء لا يتجزأ منه، اعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان. وتشدد الخطة على أنها في تطبيقها، كما ترد، تصب في مصلحة الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا و«العالم السني المعتدل»، وكل هؤلاء يجب أن يكون جزءاً من مكونات وأطراف تنفيذها.
بحسب الخطة، على الولايات المتحدة أن تقود ائتلافاً دولياً لإعادة إعمار سوريا، من خلال استثمارات مالية بقيمة عشرات المليارات من الدولارات، فيما تلتزم موسكو السماح بتشكيل عملية إعمار كهذه، مقابل اعتراف دولي بمركزية موسكو فيها وبحقها في إقامة قاعدة لها في الشرق الأوسط، تتركز في سوريا. إلا أن الخطة تشترط كذلك، أن يكون التمويل الدولي للإعمار، مبنياً على شرط متبادل للدولة السورية نفسها، واعترافها بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
في موازاة الشرط الملقى على الدولة السورية، تشترط الخطة أن تدفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قدماً التزاماً روسياً بكبح التدخل الإيراني في سوريا فيما توافق إسرائيل والولايات المتحدة على استبدال الرئيس بشار الأسد، وبما يتوافق مع مصالح روسيا. وبحسب «يديعوت احرونوت»، يسيطر الإيرانيون، الآن، سيطرة كاملة أو جزئية على ثلاث عواصم في المنطقة إضافة إلى طهران: بيروت وبغداد وصنعاء. ولدى الإيرانيين، ايضاً، تأثير متزايد في سوريا بواسطة حليفهم (الرئيس السوري بشار) الأسد، وبمساعدة من حزب الله و«ميليشيات شيعية» أخرى، و«هذه السيطرة تأتي تحت مظلة دفاعية روسية، وهو سيناريو خطير».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أشار في مستهل جلسة الحكومة أمس، إلى أنّه ترأس جلسات نقاش مع عدد من مسؤولي الأجهزة الأمنية وهيئة الأمن القومي ووزارة الخارجية، استعداداً للقائه المرتقب بترامب، و«هناك انفعال كبير حول هذا اللقاء لكن اعتباري الرئيسي هو الاهتمام قبل أي شيء آخر بأمن إسرائيل وتعزيز التحالف المتين مع الولايات المتحدة وتعزيز المصالح الوطنية الأخرى، الأمر الذي يلزم بانتهاج سياسة مسؤولة وراشدة، وهكذا أنوي أن أتصرف».
وأشارت الصحيفة إلى أنّ لقاءات نتنياهو، تحضيراً للملفات الذي ستطرح على طاولة النقاش مع ترامب، شملت أيضاً وزير الأمن افيغدور ليبرمان ورئيس الأركان العامة للجيش غادي ايزنكوت، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هرتسي هليفي، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس لجنة الطاقة الذرية زئيف شنير، واللقاء مع الأخير وغيره، يظهر حضور الموضوع النووي الإيراني بقوة، على رأس مباحثات نتنياهو وترامب.