عقد مجلس الوزراء أمس جلسة ناقش فيها مشروع موازنة 2017، هي الثالثة المخصصة لدراسة مشروع الموازنة. في الجلستين السابقتين، ركّزت المداولات على إدراج سلسلة الرتب والرواتب ضمن مشروع موازنة 2017، إلا أن المجلس لم يأخذ قراراً بهذه المسألة، شأنه شأن الجلسة التي عقدت أمس ودار فيها نقاش واسع حول الإيرادات والضرائب المطروحة ضمن المشروع.
ما هو واضح في الجلسات الثلاث، أنّ الأطراف السياسية الممثلة في المجلس مربكة ومنقسمة حول موضوع سلسلة الرتب والرواتب والضرائب الجديدة. النقاش في الجلسات كان محتدماً، في ظل انسجام بين موقفي تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ بشأن فصل السلسلة عن الموازنة ودرسها بشكل مستقل ومتوازٍ مع جلسات الموازنة، في مقابل إصرار حركة أمل وحزب الله والقوات على تلازم الأمرين معاً.
لم ينتج هذا النقاش أي قرار، بل كرّس صيغة الانقسام بين الأفرقاء في انتظار توافق ما في اللقاءات التي تجرى بعيداً من الأضواء. فبحسب المعطيات المتداولة بين الوزراء، التقى وزير المال علي حسن خليل، للمرّة الثانية، بممثلين عن تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ للبحث عن معالجات تتعلق بمسألتي سلسلة الرتب والرواتب والضرائب المقترحة ضمن موازنة 2017. اللقاء الثاني كشف عن المواقف والسقوف التي يمكن بلوغها. بالنسبة إلى تيار المستقبل، فهو لا يزال متمسّكاً برفض إقرار سلسلة الرتب والرواتب، إلا أنه أظهر ليونة نسبية في موضوع الضرائب من خلال موافقته على رفع الضريبة على الفوائد من 5% إلى 7%. وفي المقابل، يصرّ على رفض مشروع إلغاء تنزيل الضريبة على الفوائد من ضريبة الأرباح بذريعة أن الإلغاء يرتب على المصارف ضريبة مزدوجة على الدخل نفسه، وتجاوز هذا الخط الأحمر ستكون له تبعات اقتصادية. وفي السياق نفسه، يواصل تيار المستقبل إصراره على رفض فرض أي ضريبة على الربح العقاري، بحجّة أن مثل هذه الضريبة ستؤدي إلى زيادة الجمود في القطاع.

اقترح وزير المال
زيادة ساعات العمل ساعتين يومياً مقابل تعطيل يوم السبت



أما من جهة التيار الوطني الحرّ، فإن النقاشات ليست مثمرة بعد، إذ إنّ التيار موافق على الاقتراحات الضريبية الواردة ضمن مشروع موازنة 2017، لكنه يرفض إقرار السلسلة، ويعتقد أنّ النقاش بشأنها أمر يجب فصله عن نقاشات الموازنة التي بدأت في مجلس الوزراء. وبحسب المصادر، فإن موقف التيار الوطني الحرّ كان قد كرّره الوزير جبران باسيل في مجلس الوزراء أكثر من مرّة، مشيراً إلى ضرورة تصحيح الظلم اللاحق بالملاك الإداري، إلا أن باقي موظفي الدولة ليس لهم في السلسلة.
وبحسب مصادر وزارية، فإن النقاشات في جلسة الأمس جاءت انعكاساً لهذا اللقاء الجانبي بالنسبة إلى كل من التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، باستثناء أمر واحد يتعلق بوجود انقسام واضح بين وزراء التيار الوطني الحرّ بشأن الموقف من الضرائب. وتشير المصادر إلى أنّ موضوع إقرار الضرائب هو أمر لا عودة عنه مهما تبدّلت مواقف الأطراف في مجلس الوزراء، إلا أنه لم يتضح كيف ستجري بلورة هذا الأمر، في ظل الانقسام الوزاري.
وإلى جانب هذا الأمر، تبيّن أن نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني، قدّم مجموعة اقتراحات إلى رئيس الحكومة بشأن الإيرادات الضريبية، مقترحاً أن تضع الحكومة ضريبة لمرة واحدة على الناتج من الهندسات المالية التي نفذها مصرف لبنان أخيراً مع المصارف بمعدل 30٪. ويفترض أن تناقش اقتراحات حاصباني خلال الجلسات المقررة هذا الأسبوع.
وتقول المصادر، إن وزير المال علي حسن خليل قدّم في الجلسة سلّة اقتراحات للإصلاح في القطاع العام منها توحيد التقديمات الاجتماعية، وزيادة ساعات العمل ساعتين مقابل تعطيل يوم السبت.
وفيما كان الإرباك والانقسام يسود جلسات مجلس الوزراء، كانت هيئة التنسيق النقابية (فاتن الحاج) تعلن تنفيذ إضراب غداً. وقرّرت الهيئة في اجتماعها أمس تنفيذ الإضراب في المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة، تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، يترافق مع اعتصام تنفذه الهيئة عند الثالثة والنصف من بعد الظهر في ساحة رياض الصلح. ولوحت باللجوء إلى كل الوسائل الديموقراطية للضغط باتجاه إقرار سلسلة رتب ورواتب عادلة تؤمن حقوق جميع القطاعات الوظيفية في لبنان، وتضمن الموقع لكل من يطالب به. وقالت الهيئة في بيان بعد اجتماعها مساء أمس في نقابة المعلمين: «إن راهنتم على شرذمتنا فأنتم واهمون، إنّ جلّ ما في الأمر تباين في الأسلوب بين مكوناتنا كهيئة وليس اختلافاً على حقوق أي من قطاعاتنا»، معلنة رفضها فرض ضرائب على الشعب، ومطالبة بفرضها على أرباح المصارف.