تزامن إهداء المخرج التلفزيوني الرائد علاء الدين كوكش (1942) مكتبته الشخصية إلى «المكتبة الوطنية التربوية» في دمشق (نحو 30 ألف كتاب)، مع إهداء أرملة سعد الله ونوس (1941 – 1997 ــــ الصورة)، مكتبة المسرحي الراحل إلى مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت. الاثنان التقيا معاً في مسرحية «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» (1967)، ثم افترقا.
كان متوقعاً أن تُهدى مكتبة سعد الله ونوس إلى مكتبة المعهد العالي للفنون المسرحية الذي كان المسرحي الراحل أحد مؤسسيه، خصوصاً بعد إطلاق اسمه على إحدى قاعات المعهد. هذا الحدث استقطب ردود فعل ساخطة في الوسط الثقافي السوري تجاه أرملة الراحل وابنته واتهامهما بالاستثمار الشخصي والعبث بميراث صاحب «منمنمات تاريخية» عبر شحن مكتبته (3500 كتاب) إلى بيروت كنوع من اللجوء، فيما اعتُبرت مبادرة علاء كوكش المقيم في «دار السعادة للمسنين»، ضرباً من النزوح الداخلي والفعل الوطني. هكذا ضجت المواقع الالكترونية والصحف المحلية بالحادثة، إلى درجة اتهام الأرملة والابنة بـ «تعفيش» المكتبة لمصلحة الجامعة الأميركية، وفقاً لما كتبه سامر محمد إسماعيل في «تشرين»، ناعياً المصير المأساوي الذي لحق بالمسرحي الراحل: «لا نعرف مكتبة شخصية، لم تتحوّل إلى متحف ومزار إلا في بلادنا، هنا فقط تدخل المكتبة الشخصية في حصر الإرث». كما تساءل عن مصير مذكرات سعد الله ونوس التي لم تُنشر إلى اليوم، وهل ستطيح بها صفقة مشبوهة أخرى؟ من جهتها، استنجدت الإعلامية هيام حموي في برنامجها الصباحي على إذاعة «شام. اف. أم» بأغنية رحبانية من مسرحية «الوصية»، تعبيراً عن قلق المثقفين على مصير مكتباتهم الشخصية بعد رحيلهم.
آخرون رأوا أن «تهريب المكتبة خارج الحدود» يقع في باب السرقة لإرث وطني، واغتيال لصاحب «الأيام المخمورة» الذي سبق أن هتف موجوعاً في المسرحية نفسها «ما أشد وحشة هذا العالم».