في 15 آذار الجاري ينتخب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام 12 عضواً، ينتخبون من بينهم رئيساً للاتحاد. القوى السياسية المسيطرة على الاتحاد لم تتفق على اسم المرشح للرئاسة بعد، إلا أن الجميع يعلم أن «فيزا» رئاسة الاتحاد تمرّ عبر عين التينة، نظراً إلى سيطرة حركة أمل على الغالبية العددية من المجلس التنفيذي. تأتي هذه الدعوة لانتخاب 12 عضواً، من بينهم رئيس للاتحاد، بعد 15 سنة على انتخاب غسان غصن رئيساً للاتحاد. غصن انتقل من هذا الموقع في 18 أيار 2016 إلى الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، تاركاً وراءه اتحاداً عمالياً مهترئاً تقبض عليه الأحزاب، فيما يستعمل كأداة حصرية لأهداف ترسمها بعض المرجعيات السياسية. وفي هذا الإطار، استخدم الاتحاد لتنفيذ تظاهرات واعتصامات وإضرابات تكون موجّهة ضد جهات سياسية مناوئة.

ولم تكن لعبة الشارع هي الهدف الأساسي لاستخدام الاتحاد كأداة سياسية، بل كان يستعمل كمحطة لتنفيس الاحتقان في الشارع عندما تهدأ اللعبة السياسية، فضلاً عن أن القوّة التمثيلية للاتحاد ضئيلة جداً.
بهذا المعنى، أصبح لانتخابات الاتحاد بعد 15 يوماً أهمية سياسية بعيداً عن أي نقاش نقابي ــ عمّالي. أولى الخطوات السياسية في هذا الاتجاه بدأت مع الوزير السابق للعمل سجعان قزّي حين زار رئيس مجلس النواب نبيه برّي محاولاً تسويق مرشّح الكتائب لرئاسة الاتحاد موسى فغالي، إلا أن قزّي لم يذكر الأمر مباشرة، بل قرّر فتح الملف من خلال ما تنامى إليه من بعض قيادات أمل في الاتحاد العمالي العام عن ترشيح الأمين العام للاتحاد سعد الدين حميدي صقر، لكن برّي أبلغه بأن انتخاب رئيس غير مسيحي «أمر ليس في استطاعتنا تحمّله».

15 سنة مضت على انتخاب غسان غصن رئيساً للاتحاد


بعض رؤساء النقابات اعتبروا أن هذا الترشيح كان بمثابة «اقتراح» نوقش في إحدى المناسبات على خلفية المداورة التي تحصل في النقابات الكبرى، ولا سيما النقابات الإلزامية، مثل نقابة المحامين ونقابة الأطباء والمهندسين وسواهم. وبحسب مصادر مطلعة، فإن اقتراحاً كهذا لم يطرح بين المكاتب العمالية للأحزاب المسيطرة على الاتحاد.
إذاً، من هو رئيس الاتحاد المقبل؟ لا إجابات واضحة، إذ إن القاعدة المتفق عليها حتى الآن أن تبقى رئاسة الاتحاد من حصّة المسيحيين، وإن كان تحت سيطرة عين التينة مباشرة. وبالتالي، فإن المرشحين المحتملين لرئاسة الاتحاد يجب أن يتفق عليهم لدى الأحزاب المسيحية قبل تزكيتهم عند بري. لكن المصادر تشير إلى أن الاتصالات التي تجرى اليوم بين المكاتب العمالية للأحزاب، لم تتوصل إلى أي اتفاق على أي اسم بعد، بل هناك الكثير من المرشحين المقبولين وغير المقبولين، أبرزهم: موسى فغالي، أنطون أنطون، بشارة الأسمر وشربل صالح. التيار الوطني الحرّ لم يتبنّ أي مرشح بعد، والقوات اللبنانية، التي يمثّلها جورج علم، ترفض ترشيح فغالي وأنطون، أما الأسمر فليس مقبولاً من أمل وحزب الله، وشربل صالح لا يحوز توافقاً مسيحياً.
في هذا الوقت، برزت أيضاً محاولات لترشيح رئيس اتحاد المصارف جورج حاج لدى التيار الوطني الحرّ وحركة أمل وحزب الله، إلا أن هذه الأطراف لم تحسم موقفها بشأنه بعد. وتشير المصادر إلى «مواصلة تشجيع الأطراف المسيحية على التفاهم على بضعة أسماء تكون مرشحة لرئاسة الاتحاد، إلا أنه لم تبرز معالم منافسة شديدة وسط غياب أي اسم جدّي».
أما بالنسبة إلى باقي المرشحين، فحتى اليوم لم يتقدم سوى أربعة نقابيين بترشيحاتهم لعضوية الاتحاد وهم: أكرم عرابي من اتحاد نقابات المصارف، عبد اللطيف الترياقي من اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في صيدا والجنوب، شعبان بدرة من اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبـنان الشمالي وأحمد الزبيدي من الاتحاد اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل.