القاهرة ــ الأخباردخل البرلمان في صدام مباشر مع القضاء بعد إجماع الهيئات القضائية المختلفة على رفض التعديلات المقترحة على قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، التي تتضمن توسيع صلاحيات الرئيس في هذا المجال. التعديلات تتيح للرئيس الاختيار من بين ثلاثة أسماء تُرشَّح من بين أقدم سبعة أسماء، بينما ينص القانون الحالي على اختيار رؤساء الهيئات عبر الأقدمية المطلقة للقضاة.

وترى غالبية القضاة في هذا التعديل تغولاً من السلطة، خصوصاً مع إقرار مادة تشبه «العقاب»، في حال توافق الهيئات على إرسال اسم الأقدم، باعتباره عرفاً قضائياً، حيث اشترط التعديل ترشيح ثلاثة أسماء، وفي حال ترشيح اسم وحيد سيختار الرئيس من يراه مناسباً من خارج الترشيحات المقدمة إليه(!).
وتصاعدت الأزمة على مدار اليومين الماضيين مع تمسك البرلمان بتمرير القانون، من دون موافقة أي من الهيئات القضائية، وسط اعتراض من شيوخ القضاة على موقف نواب البرلمان المتعنت ضدهم، فيما أكد قضاة مجلس الدولة عدم سماحهم بتمرير التعديل والاعتراض عليه مع انعقاد الجمعية العمومية للمجلس، لتكون في حالة انعقاد دائم من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة بمواجهة الموقف البرلماني. ورأى القضاة في هذا الموقف محاولةً لإقصاء المستشار يحيى الدكروري صاحب حكم مصرية تيران وصنافير، من رئاسة المجلس بداية العام القضائي المقبل.
وبحسب مصادر قضائية تحدثت لـ«الأخبار»، هناك تخوف من تمرير البرلمان للقانون بداية أيار/ مايو المقبل، الأمر الذي سيجعل من حق الرئيس اختيار رؤساء الهيئات القضائية مباشرة من دون الرجوع إلى ترشيحات الهيئات، نظراً إلى انقضاء مدة الستين يوماً التي تسبق موعد تعيين الرؤساء الجدد للهيئات في بداية تموز/ يوليو من كل عام مع بداية السنة القضائية.
وحتى الآن، فشلت جميع محاولات احتواء الموقف المتصاعد بين القضاة والبرلمان، بسبب إصرار كل منهما على موقفه، فيما قدم حزب الوفد مقترحاً ينص على أن يكون اختيار رؤساء الهيئات من بين أقدم ثلاثة وليس بالأقدمية المطلقة، على أن يجرى الاختيار داخل الهيئات القضائية وإرسال الاسم للرئيس لإقراره، وهو المقترح الذي رفض أيضاً من الطرفين.
وأجرى مسؤولو نادي القضاة اتصالات مع الرئاسة للمطالبة برفض تعديلات القانون، لكن مسؤولي الرئاسة الذين تواصلوا معهم أخبروا القضاة أن الأمر «بين السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان والسلطة القضائية وليس للرئاسة دخل فيه»، علماً بأن هيئة قضايا الدولة دعت أيضاً إلى جلسة عمومية طارئة من أجل مناقشة الأزمة وخيارات التصعيد في مواجهة البرلمان.

أجرى مسؤولو نادي القضاة اتصالات مع الرئاسة للمطالبة برفض تعديلات القانون

وكيل اللجنة التشريعية ومقدم مشروع القانون، أحمد الشريف، قال لـ«الأخبار» إن التعديل حق قانوني لمجلس النواب وهناك إجراءات بُدئ فيها بالفعل، بإرسال القانون إلى قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة، مؤكداً التزام المجلس اتباع الأطر القانونية والدستورية في التعامل مع التشريعات.
وأشار إلى أن البرلمان سيصوّت على القانون بعد مراجعته من قسم الفتوى والتشريع، على أن يرسل بعدها إلى رئيس الجمهورية من لإقراره، لافتاً إلى أن البرلمان يعمل من أجل مصلحة البلاد ولا يتعدى بالتعديلات على السلطة القضائية، «والدليل على ذلك مراجعة الهيئات القضائية في القانون التزاماً بالدستور الذي لم يلزم البرلمان بضرورة الحصول على موافقة الهيئات القضائية، ولكن استطلاع آرائها فحسب، وهو ما حصل بالفعل».
ويتوقع أن يفتي قسم الفتوى والتشريع بعدم دستورية التعديلات بسبب آلية الموافقة عليها، على أن يرسل الرد إلى البرلمان في خلال الأيام المقبلة. ويراقب قضاة المحكمة الدستورية الموقف عن بعد ولم يصدر عنهم أي تعليق على التعديلات القانونية حتى الآن تجنباً للحرج، ولا سيما أن مواد القانون قد تُحال عليهم من أجل النظر في دستوريتها من عدمه في خلال الأسابيع المقبلة.